التيار الإلحادي الصامت بالمغرب غاضب؛ ذلك ما أعلن عنه الأمين العام للرابطة المحمدية أحمد العبادي في ندوة غداة صدور تقرير الخارجية الأمريكية، واحتجاج المغرب على ما جاء فيه من كذب صراح، جعل وزارة الداخلية تستدعي السفير الأمريكي بالرباط لتبيان زيف تلك المزاعم، وكأن سيادة الأمين العام للرابطة كان على علم بما سيقع فأراد مساعدة الخارجية الأمريكية بتحذيره هذا؛ مكذبا ما ذهبت إليه وزارة الداخلية وبعدها الخارجية المغربية، من رفض لما جاء في ذلك التقرير الفضيحة الذي جعل المغرب يهدد بالذهاب بعيدا في التصدي له في لقاءين بالسفير الأمريكي.
إن المطلع على محاضرة العبادي، لن يشك في صدقية التنبيه الذي ذكره، لأنه جاء من مؤسسة رسمية دينية معتمدة، تعمل مراكزها العديدة، وفق المنهج الاستقصائي، الإمبيريقي الذي لا يقبل بغير التجريب والتكميم والاختبار، خاصة إذا عرفنا المستوى التعليمي العالي للعاملين في مراكز البحث التابعة للرابطة، لذلك فالنتيجة المعلنة لا يمكن أن يتطرق لها الشك في أن جامعي معطيات التقرير الأمريكي الذي يعد للسنة القادمة سيستخدمونها ضد المغرب، كما لن يفوت المحاجج الأمريكي حاضرا للوزارتين التدليل به على ما يريد إلصاقه بالمغرب من تجاوزات، لأن المتحدث زيادة على مركزه الديني المفترض، يتوفر على مصادر معلوماتية مدققة خارجة من المراكز التي أسلفنا والتي لا تتوفر عليها وزارة الأوقاف، ناهيك عن الانتشار الواسع بالمغرب كما يقول سيادته للعاملين في مشروع التثقيف بالنضير سواء على مستوى المكونين أو المتكونين.
فحديثه عن غضب التيار الإلحادي الصامت المتضايق من خطاب التطرف باسم الدين، لن يكون قد اختلق من فراغ، مما يطرح سؤالا عريضا عن سبب السكوت على تلك المعلومات لغاية صدور تقرير الخارجية الأمريكية، ربما ليكون فرشا له أو شوكة في حلق المتحدثين عن أكاذيبه، أو ردا بالوكالة على ما فاه به الأمين العام للأمم المتحدة، ولم لا نقول ردا على ما نبه له عاهل البلاد في مؤتمر الرياض.
لقد كان على سيادته وهو يتوفر على هذه المعطيات الخطيرة التي تدين المغرب بتكميم أفواه الملحدين الذين كمموا أفواه العلماء، وفرضوا انحرافاتهم على المجتمع باسم التسامح الذي لا يراعون في الأغلية الساكنة بالمغرب حقوقا ولا حدودا، رغم ما في ذلك من مصادمات للثوابت المفروض أن يكون سيادته أول المدافعين عنها، لكونه يمثل بالرغم عنهم طائفة من العلماء الموظفين لدى سيادته، والذي يتلاعب بتمثيليتهم حيث يقولهم ما يريده العم سام من خلق مدركات جماعية جديدة على حد تعبيره، وذلك بسبب غياب مؤسسات يمكنها خلق تصورات جديدة تضبط الحوار بين كتابي القرآن والكون، لبناء مجتمعات محددة الحركة والتوجه كما قال سيادته.
ترى هل بقي هناك دين؟
وهل بقيت هناك مؤسسات؟
أم أن هناك محاولة للتيار الإلحادي الصامت الذي لا يعرف لا إمارة للمؤمنين ولا حتى الرابطة التي يهدم منطلقاتها أمينها العام الحالي، وهو يدق ناقوس الغضب الإلحادي القادم بمناسبة تقرير الخارجية الأمريكية المسيء للمغرب.