فرنسا بين الترويج للشذوذ والإساءة لعيسى عليه السلام

02 أغسطس 2024 21:55

هوية بريس – ذ.نور الدين درواش

تُجرى هذه الأيام دورة الألعاب الأولمبية “باريس 2024” وكانت فرنسا تتحدث أنها ستكون دورة استثنائية وغير مسبوقة… وكذلك كان؛ فقد كانت استثنائية وغير مسبوقة، لكن في محاربة كل قيم الفطرة والفضيلة، وفي مستوى الانحدار الأخلاقي والفشل السلوكي والإمعان في خدمة الأطروحة العلمانية المسيئة للدين ولأنبياء الله تعالى.

حفل الافتتاح الذي عرف في جانب منه محاكاة للوحة الرسام “ليوناردو دافينشي”، والتي تصور سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام، مع حوارييه فيما يعرف في العقيدة النصرانية بـ”العشاء الأخير” لسيدنا عيسى عليه السلام.

وقد تضمنت هذه المحاكاة أمرين خطيرين:

الأول: أن الذين جسدوا هذه اللوحة هم مجموعة من المشخصين (الفنانين) المتحولين جنسيا مع ظهور ممثل عار في المحاكاة وهذه إساءة كبيرة لمقام سيدنا عيسى عليه السلام، لحوارييه.

الثاني: الترويج للشذوذ الجنسي والبيدوفيليا.

وإن كل مسلم على وجه الأرض ليستشعر أنه معني بالدفاع عن عيسى عليه السلام، فهو رسول من الرسل الذين اصطفاهم الله واختارهم لتبليغ رسالاته للناس والذين لا يصح إيمان مسلم إلا بالإيمان بهم، قال تعالى: (‌ءَامَنَ ‌ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مِن رَّبِّهِۦ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۚ كُلٌّ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّن رُّسُلِهِۦۚ وَقَالُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ غُفۡرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيۡكَ ٱلۡمَصِيرُ).

وفي حديث جبريل حين سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان أجاب عليه الصلاة والسلام: “أَنْ تُؤْمِنَ باللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ” [رواه مسلم].

فتبين من الآية والحديث أن الإيمان بسيدنا عيسى عليه السلام ورسالته شرط لصحة الإيمان.

بل إن الإيمان بعيسى عليه السلام شرط لدخول المسلم الجنة، ففي صحيحي البخاري ومسلم عَنْ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ شَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ).

والمسلمون أولى بعيسى عليه السلام من النصارى لما رواه أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “أنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ“… ثم ذكر صلى الله عليه وسلم نزوله عليه السلام في آخر الزمان. ثم قال: “فَيَمْكُثُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ، ثُمَّ يُتَوَفَّى فَيُصَلِّيَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَيَدْفِنُونَهُ“.

فالنصارى الذين ينتسبون لعيسى مخالفون لدينه وشريعته لأنهم يتبعون شريعة محرفة ومبدلة ومن أعظم مظاهر التحريف فيها نسبة الألوهية لسيدنا عيسى عليه السلام.

هذه الألوهية التي سيتبرأ منها سيدنا عيسى السلام يوم القيامة كما قال تعالى: (وَإِذۡ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ ءَأَنتَ قُلۡتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي ‌وَأُمِّيَ ‌إِلَٰهَيۡنِ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ قَالَ سُبۡحَٰنَكَ مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ أَقُولَ مَا لَيۡسَ لِي بِحَقٍّۚ إِن كُنتُ قُلۡتُهُۥ فَقَدۡ عَلِمۡتَهُۥۚ تَعۡلَمُ مَا فِي نَفۡسِي وَلَآ أَعۡلَمُ مَا فِي نَفۡسِكَۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّٰمُ ٱلۡغُيُوبِ).

ولهذا فلا غرابة أن ينتفض المسلمون انتصارا لكليم الله، فإن المسلمين هم أسعد الناس بعيسى وبسائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

بل لا يفرق أهل الإسلام بين سبّ عيسى أو غيره من الأنبياء وبين سب نبينا محمد صلى الله وسلم، قال الشيخ عليش في منح الجليل شرح مختصر خليل: “وحكم من ‌سب ‌أنبياءه تعالى وملائكته أو استخف بهم أو كذبهم أو أنكرهم حكم من سب نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم” [9/231].

لكن الغريب أن ينتصر المسلمون لإساءة لعيسى صدرت من دولة نصرانية، كان المفترض أن تكون أشد تعظيما لنبيها وإجلالا لرسولها، لكن هل يُنتظر هذا من ديانة أساءت لربها وخالقها، فنسبت له الولد وأضافت له الشريك تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

أما الترويج للشذوذ في تظاهرة رياضية فهو يزيد من تعرية المنظومة العلمانية التي تعمل كل ما في وسعها لتمعن في الحرب على القيم والعفة والفضيلة والفطرة وخدمة الأفكار الإلحادية، هذه المنظومة التي بدأت بالصراع ضد الكنيسة ورجال الدين ووصلت إلى الحرب على التدين وانتهت بالإلحاد وإنكار وجود الله، وما تزال مستمرة في مظاهر تتبناها أكثر الدول الغربية وإن تظاهرت بتبني الدين النصراني.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M