فرنسا: كورونا…العاصفة القادمة إلى أفريقيا
هوية بريس – د.فؤاد بوعلي
في الوقت الذي ينشغل به أبناء المغرب والمنطقة بوباء كورونا وكيفية تدبير تأثيراته الاقتصادية والاجتماعية، تناقلت وسائل الإعلام الفرنسية وثيقة “سرية” مسربة أنجزها مركز التحليل والاستشراف والإستراتيجية (CAPS) التابع لوزارة الخارجية الفرنسية تحت مسمى: العاصفة القادمة إلى أفريقيا؟. حيث يعتقد معدو الوثيقة أن أزمة كورونا ستزعزع الاستقرار في العديد من الدول الإفريقية حتى تصل إلى درجة الإفلاس والفشل. إذ إن ترهل البنية التحتية والنظم الصحية لهذه الدول سينتج لا محالة فشلا كاملا للدولة وعدم قدرتها على حماية سكانها اقتصاديا وسياسيا وأمنيا مما سيسمح بالانطلاق نحو التغيير الشعبي المنتظر. وتميز الوثيقة بين فضاءين: غرب أفريقيا ، حيث ستقوض التدابير المتخذة لاحتواء الأزمة التوازن الهش للاقتصاد غير المهيكل وهو الركيزة الأساسية للحفاظ على مؤسسة الدولة، أما في وسط أفريقيا، فيمكن أن تؤدي الصدمة إلى اندلاع أزمة مالية مع انهيار أسعار النفط مما سيؤدي إلى انسحاب شركات النفط. وفي الحالتين معا فإن هذا العامل الاقتصادي سيطلق عمليات التحول السياسي الذي ستقوده إحدى الجهات الأربع المؤهلة على تعبئة الجماهير إبان مرحلة ضعف الدولة، والتي تقترح الورقة اعتبارهم محاورين محتملين للإدارة الفرنسية في المرحلة القادمة:
-السلطة الدينية إذا وافقت على الانصياع لأوامر الإدارة الفرنسية ممثلة في الكنيسة الكاثوليكية وبعض الجماعات الإسلامية من خلال استثمار نجاحها في التوجيه الشعبي.
-والجهة الثانية تتمثل في أفارقة الخارج الذين عليهم نشر المعلومة وتوجيهها . فمن أوروبا ، ينبغي توجيه المعلومات الموثوقة حول الوباء وتطوراته.
-والجهة الثالثة هم الفنانون المشهورون الذين يشكلون سلطة معنوية يمكنها التأثير في الرأي العام.
-الرابعة هم رجال الأعمال الجدد الذين يصورون أنفسهم كمحسنين، مما يمكن اعتبارهم وسطاء بين النظام العالمي وأفريقيا،
إن توقع الفشل الذي سيطبع صورة السلطات السياسية القائمة يعني البدء في البحث على وجه السرعة عن أشكال أخرى بديلة ذات مصداقية ويمكنها التأثير في المواطنين من أجل مواجهة مسؤوليات الأزمة السياسية التي ستنشأ عن الصدمة التي أحدثتها في أفريقيا.
وهذه الوثيقة التي تناقلتها وسائل الإعلام وبعدها دواوين قصور الرؤساء الأفارقة، وبالرغم من محاولة الإعلام الفرنسي التبخيس من قيمتها والزعم بأنها لا تعدو أن تكون رأيا خاصا بمعدِّيها وليس لها تأثير على سادة الإيليزيه، تثبت الرؤية الحقيقية للدولة الفرنسية لإفريقيا التي لا تعدو أن تكون حقلا للتجارب السياسية والاجتماعية والعلمية ومجالا للاستنزاف الطبيعي والاقتصادي. فاستشراف فشل الدول الإفريقية يعني أن الإدارة الفرنسية تهيئ نفسها لمرحلة التغيير التي ستشهدها المنطقة والبدء في العمل آنيا حتى تبقى دولها تحت سلطتها. لذا فالذي يعتقد بوجود علاقات صداقة بين سكان الإيليزيه وحكام إفريقيا فإنه يتحدث عن رواية خيالية لا علاقة لها بالواقع. الواقع يقول أن الإدارة الفرنسية عبر النخب الفرنكفونية تتحكم في موارد القارة وإمكانياتها، وحين ترغب في التغيير فإنها تهيئ نفسها للبدائل في إفريقيا وفي أماكن أخرى كما تقول الورقة في الختام.
فاعتبروا يا أولي الأبصار..