فضائح الاغتصاب والزنا… لماذا يُغَيَّبُ الحل الشرعي؟!

فضائح الاغتصاب والزنا… لماذا يُغَيَّبُ الحل الشرعي؟!
هوية بريس – نور الدين درواش
ما إن هدأت نفوس المغاربة من الفضيحة التي انكشفت عند انفضاض موسم مولاي عبد الله أمغار، والتي كشفت اللثام عن تعرض شاب (قاصر) لاعتداء جنسي متعدد وشنيع؛ حتى طفت على السطح فضيحة أخرى أشد شناعة وأعظم فظاعة بجماعة المنزه ضواحي الرباط. والتي تتمثل في علاقة زنا محارم بين أب وابنته، نجم عنها عدة أطفال نشأوا بين أمهم وجدهم الذين هما نتاجه من علاقة زنا محارم.
كثيرة هي الفضائح الجنسية المتعلقة بالاغتصاب وهتك الأعرض والشذوذ وزنا المحارم التي صارت تسمع أخبارها هنا وهناك وهنالك، والتي تدل على أن هناك مشكلا كبيرا يتعلق بالقيم في المجتمع المغربي.
فكيف اختل مفهوم حفظ العرض والنسل في المنظومة الأخلاقية المغربية وهما من الكليات الخمس التي جاءت الشرائع بحفظها…؟؟
لقد صانت الشريعة الإسلامية هذا الجانب وحفظته بسياج منيع من الأحكام والتشريعات التي قد تبدو لقاصري النظر مبالغة؛ لكنها في مجموعها تشكل مجتمعا طاهرا نقيا عفيفا لا تنعدم فيه الجريمة الخلقية بالمرة لكنها تضعف بشكل كبير حتى لا يكاد يُرى لها أثر… ومن هذه التشريعات والأحكام:
1- تقوية صلة العبد بربه لأن ضعف هذه الصلة يؤدي إلى غياب الرقابة الذاتية، ويُصبح الإنسان أكثر عُرضة لاتباع شهواته، قال الله تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ) [النازعات: 40-41]. وكذا تربية الإنسان على مراقبة الله في السرّ والعلن وخشيته بالغيب؛ قال تعالى: (إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِٱلْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) [الملك:12].
2- الحث على غض البصر لأن النظر المحرم يُعدّ بوابة كبرى للفواحش، قال الله تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ( [النور: 30].
3- منع الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية التي ليست من المحارم فإن هذه الخلوة تعتبر سببا مباشرا للوقوع في الحرام .قال النبي ﷺ: “ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما” [رواه الترمذي].
4- فرض الحجاب على المرأة لأن انتشار التبرج والسفور وتعمد كشف العورات ولبس الملابس المثيرة في الواقع وعلى مسائل الإعلام والتواصل؛ من أهم أسباب إثارة الغرائز والشهوات. قال الله جل وعلا: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) [الأحزاب:59].
5- تشديد العقوبة على جريمة الزنا والسلوكات الشاذة؛ لأن غياب العقوبات الرادعة في المجتمعات الإسلامية يؤدي إلى استهانة الناس بهذه الذنوب والموبقات. قال الله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) [النور:2].
6- التشجيع على الزواج المبكر لأن تأخير الزواج وعدم تيسيره يفتح باب الانحراف، قال النبي ﷺ: “يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج..” [متفق عليه].
7- فرض حسن التربية على الوالدين لأن عدم تربية الأبناء تربية إيمانية وأخلاقية، وتركهم بلا توجيه أو قدوة، يُسهم في انحرافهم. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) [التحريم:6]. وقال ﷺ: “أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، … وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ…) [متفق عليه].
إن الذي ينادي اليوم من العلماء والدعاة بهذه الضوابط الشرعية التي حصّن بها التشريع الإسلامي الأعراض قد يصنف عند العلمانيين بأنه رجعي أو متخلف، بل قد يوصف بأنه شهواني التفكير والتحليل… لكن العاقل الذي ينظر في هذه المنظومة المتكاملة يدرك يقينا أثرها في كبح طوفان التحرش والزنا والشذوذ والاغتصاب والرذائل بكل أشكالها…
إنها منظومة شاملة تجمع بين العدل والرحمة والردع، والتوازن الروحي والنفسي والجسدي، وتهدف إلى بناء مجتمع طاهر ونقي وآمن.



