فضفضة حول عمل المرأة..

هوية بريس – محمد يسام الدردور
قبل يومين كنت في أحد المحلات الكبيرة لبيع الملابس؛ فسمعت حواراً لمدير يوبّخ إحدى الموظّفات بحدّة، وهي تحاول التسويغ وتكثر من قول: (والله.. والله.. والله…)!
ثم نزلتُ إلى الشارع فسمعت حواراً مشابهاً بباب أحد المحلات تقول فيه الفتاة: “انت بتجور عليّ كثير!!”، مع ضعفٍ واضحٍ فيها، وسطوةٍ من صاحب العمل لا يخطئها الشعور!
وهذا الاستضعاف للأنثى في العمل = عامٌّ إلى حدٍّ مدهش في القطاع الخاص، وله عدّة أسباب أهمّها من وجهة نظري -بعد كونها أنثى رقيقةً خلقةً وتكويناً-:
– أنّ الكثير من الفتيات يتشبّثن بالعمل تشبّث الغريق بطوق النجاة، بغضِّ النظر عن ظروفه القاسية؛ وآثاره المُفسِدة، فالعمل بالنسبة لفتيات هذا الجيل؛ ليس مجرّد مصدر دخل؛ بل محاولةٌ لإثبات الذات، في زمنٍ شُوّهت فيه الفطرة، واختلّت المعايير، حتّى ظنّت المسكينة أنّ إثبات ذاتها لا يكون إلا بخروجها من بيتها إلى المدرسة فالجامعة فسوق العمل!
وإن سألتني عن مشهدٍ آخر يذبحني من الوريد إلى الوريد، فهو مشهد فتيات “الريسيبشن” ،”والمكاتب”، “والخدمات” = في القطاع الخاص من مؤسسات ومستشفيات ومطاعم والطيران وغيرها، اللاتي يمتزن بقدرةٍ على الابتسام الفعّال 24 ساعة في اليوم، بلا كللٍ أو ملل، مع لسانٍ يقطر عسلاً لإرضاء الزبائن، وترحيبٍ واستقبال حار؛ بالرغم مما قد يواجهنه من مواقف فيها إساءة لذواتهنّ، وتجاهلٍ تام لتقلباتهنّ الهرمونية والفسيولوجية الفطريّة، التي يعرفها الرجال جيداً في البيوت، وتختفي في سوق العمل فجأة!!
عداك عن قضيّة الأجور الأقل عادةً التي تتقاضاها الأنثى مقارنةً بالشاب، وتعمّد الكثير من ضعاف النفوس من أرباب الأعمال استقطابَ الموظفات الجميلات لجذب الزبائن، وأخجل أن أذكر التحرّش اللفظي الذي تُجبر المرأة على سماعه في بعض القطاعات من بعض الرجال عديمي الشرف والدّين!!
إن لم تكن هذه المشاهد احتقاراً للمرأة، وتسليعاً لها واستغلالاً سافراً لأنوثتها، فماذا تكون؟!
ووالله إنّ أكبر ضحيّةٍ لهذه المشاهد المؤلمة = هي الفتاة العفيفة نفسها، المسكينة المخدوعة بشعارات الحضارة الغربية الجائرة، التي ما برحت تقنعُها أن الشهادة سلاحها الذي تحارب به أسرتها، وأنّ العمل هو مصدر قوّتها وموجد قيمتها!!
أعلمُ أنّ هناك من يحتجن فعلاً إلى العمل، وأعلم أن هناك قطاعاتٍ تحتاج فعلاً للنساء؛ ولكني أزعم أنّ حجم هذا الاحتياج لا يتعدّى 10% مما هو موجودٌ حالياً في أحسن الظروف!
وهذا الذي نراه في أرض الواقع من إحلال المرأة محل الرجل في طلب العمل والكسب = محض تغوّل فشت بسببه البطالة بين الشباب المسلم، وعجز شبابنا عن فتح بيت وزواج آمن، فاختلّ ميزان المجتمع كلّه، وظهر فيه الفساد العريض!!
وختاماً أقول: “المجتمع السويّ = هو الذي يشقى فيه الرجل، وتَنعم فيه المرأة”..
والسلام..
ــــــــــــــــــــــــــــ
الطبيب الجراح.



