فلسطين.. أما آن لهذا الصراع أن ينته؟
هوية بريس – منتصر الخطيب/ تطوان
تشهد المنطقة العربية الاسلامية منذ ما ينيف عن المائة سنة صراعا مريرا، تتآمر فيه عدة دول حول فلسطين – إن اعتبرنا بدايته منذ وعد بلفور (الانجليزي) المشؤوم-.. هدفه الرئيسي استلاب ارض فلسطين والأقصى وإخراج أهله منه، والتمكين لليهود الصهاينة من احتلاله، بدعم كبير من الدول الكبرى (الأمريكان والانجليز وفرنسا.. واليوم تنضاف المانيا) ضمن هذا الحلف المشؤوم.
وأثناء تتبعي لجريدة النور التي كانت تصدر بتطوان باسم جمعية البعث الإسلامي، والتي كان يشرف عليها الأستاذ إسماعيل الخطيب (رحمه الله)، استرعى انتباهي اهتمامها البالغ بالشأن الفلسطيني عموما وبالمقاومة الإسلامية بها دفاعا عن المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين، فارتايت أن أقف لماما على بعض المقالات ذات الصبغة التعريفية بالقضية الفلسطينية عموما وبمقاومة الشعب الفلسطيني الأبي دفاعا عن أرضه وحقه المشروع في إقامة دولة ذات سيادة، على الرغم من المحاولات العديدة التي تقف ضد إرادته، وآخرها فشل مجلس الأمن الدولي في التصويت على مشروع قرار في 18/4/2024 لمنح فلسطين العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، باستعمال أمريكا لحق الفيتو وامتناع انجلترا وسويسرا عن التصويت في تحد سافر للإرادة الدولية، وهو ما كان سيمضي قدما بدعم حل الدولتين بعد أن تحصل فلسطين على عضويتها والاعتراف بها كدولة كاملة الأركان على خطوط الرابع من يونيه 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وهكذا تتالت المواضيع وتناسلت المقالات في العديد من أعداد جريدة النور تعرف بهذا الصراع العربي (الفلسطيني)/ الإسرائيلي؛ ومن ذلك ما تفرد به العدد 451 الذي خصص بالكامل لهذه القضية تحت عنوان: (عدد خاص)، ومن جملة مواضيعه:
– “فلسطين والأقصى والقدس” أشار كاتبه إلى أن هذه المقدسات الإسلامية ليست شأنا فلسطينيا فحسب بل هي شأن إسلامي يهم كل مسلم أينما كان..
– “المسجد الأسير والهيكل المزعوم” وتطرق فيه كاتبه للمحاولات الصهيونية المتكررة لتهديده بالدمار مبينا أن هذا الموضوع ملقى على عاتق جميع الأمة الإسلامية..
– “دليلك لنصرة المسجد الأقصى” وبسط فيه كاتبه لمجمل الخدمات التي تقع على عاتق الفرد والمجتمع لنصرة القضية الفلسطينية كل من موقعه فردا وأسرة وإعلاما وخطباء ودعاة وجمعيات المجتمع المدني ونقابات مهنية وهيئات وأندية..
– كما خصص العدد للتعريف بحارة المغاربة الذي أوقفه المغاربة المتوجهون إلى بيت المقدس وأجروا عليه الجرايات الوقفية، والمتواجد بقرب المسجد الأقصى، مبينا كيف استولى الصهاينة على أجزاء كبيرة منه.. إلى غير ذلك من المواضيع العديدة.
وفي العدد 438 وتحت عنوان: “شعب فلسطين.. هل سبقى وحيدا؟” طالب الأستاذ إسماعيل الخطيب الجميع بتحمل مسؤوليته في نصرة الشعب الفلسطيني في مقاومته قائلا: (شعب فلسطين شعب صامد، مع أنه يكاد يكون وحيدا في صموده وكفاحه. مع العلم أن قضية فلسطين ليست قضيته وحده، بل هي قضية العرب والمسلمين جميعا)،
وأضاف: (وشعب فلسطين يحق له كل الحق أن يلوم إخوانه الذين تركوه وحده يصارع عدوه، وصاروا يتفاوضون مع هذا العدو الذي لا يريد لهذه الأمة إلا الذلة والمسكنة، ليتمكن في النهاية من بسط نفوذه العسكري على كل الأرض التي يزعم أن الله وهبها له)،
وأنهى المقال بقوله: (فمن العار أن يترك هذا الشعب وحده، وقد برهن أنه شعب يعشق الشهادة ويحب الحياة العزيزة الكريمة).
وفي العدد 427 الذي صادف انطلاق انتفاضة الأقصى 2002 والتي عرفت بانتفاضة “أطفال الحجارة” عرض فيه مقالان اثنان؛ الأول منهما ضمن عمود: “كلمة النور” جاء فيه قول الناشر: (ما يقع اليوم في أرض فلسطين يثبت أن الجهاد ماض في هذه الأمة مهما حاول المثبطون ثنيها عن مواجهة عدوها.. وإذا كان بعض رجالهم قد مالوا في فترة ما إلى التفاوض مع العدو لنيل جزء بسيط من الحق، فإن أطفال فلسطين الشجعان أبوا إلا أن يعلنوا الجهاد وأن يقذفوا عدوهم بالحجارة، فكانت الانتفاضة، وظهر للقريب والبعيد أن هذه الانتفاضة إنما يقودها المؤمنون بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا)..
كما تضمن نفس العدد مقالا بعنوان: “كلنا فلسطين”، أشار كاتبه إلى أن هذا الشعار: (هو الذي خرج به المغاربة متظاهرين يوم 7 أبريل 2002 تضامنا مع الشعب الفلسطيني في محنته، في مسيرة مشهودة كمثيلاتها من قبل- ونظيراتها من بعد في أيامنا هذه من عام 2024-، تجسد صدق وطنية هذا الشعب ومدى إخلاصه وتشبثه بقضايا أمته العربية والإسلامية وعلى رأسها قضية فلسطين، فلسطين ذلك الجرح الدامي في هذه الأمة المبتلاة، والذي ما فتئت دماء أبنائه تخضب الأرض فداء للوطن..)،
وأضاف: (إن مسيرة المغاربة وغيرها التي جابت أقطارا عربية عديدة ودولا أوربية وآسيوية وأمريكية، تظهر مدى التلاحم بين شعوب العالم حول قضية الأقصى المبارك أرض النبوات ومسرى الأنبياء..)،
وقد استعرض المقال كذلك هبة المجتمع المدني المغربي بكل أطيافه لنصرة الشعب الفلسطيني في انتفاضته، سواء على الصعيد الرسمي (لجنة القدس، مجلس المستشارين، رابطة علماء المغرب، جمعية العلماء خريجي دار الحديث الحسنيىة..) أو المجتمعي كالجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني وغيرها من الجمعيات والهيئات والأندية.
كما استعرض العدد 458 مذابح الصهاينة في فلسطين ومجازرهم كمذبحة دير ياسين وبلدة الشيخ وقرية أبو شوشة وصبرا وشاتيلا ومذبحة المسجد الإبراهيمي وغيرها.. تذكيرا للناس بما ترتكبه الآلة العسكرية الصهيونية بحق أهلنا بفلسطين. وقد تضمن غلاف العدد صورا لمآسي العدوان الإسرائيلي تحت عناوين: “مذابح الصهاينة في فلسطين”، و”دماء الفلسطينيين.. إلى متى تجري أنهارا؟”.
وهكذا شغلت القضية الفلسطينية والقدس والمسجد الأقصى مساحات من أعمدة جريدة النور ومقالاتها، وساهم كاتبوها في تجلية أبعاد هذا الصراع العربي الإسرائيلي سياسيا ودينيا، تؤكد عمق وتجذر هذا الصراع الذي يختلط فيه الصراع السياسي بالبعد الديني في قضية جاوزت القرن من الزمان من الصراع، ولا زالت إلى اليوم شاهدة عليه في أحدث مواجهاته التي ابتدأت منذ السابع من أكتوبر الماضي 2023 في أكبر عملية تقتيل وتدمير وتهجير لشعب غزة الصامد، والذي فاق فيه العنف الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني عموما والغزي على وجه الخصوص ما تنأى عنه هذه الكلمات.. فإلى الله المشتكى.