فوضى اللوائح الانتخابية.. ما سر هذه الهستيريا؟!
هوية بريس- محمد المكودي
الكل أراد أن يمثل الأمة، الكل أراد أن يمثل الشعب في الجماعات والجهات والبرلمان..
وفجأة، أصبح الجميع “فاعلا جمعويا”، بل منهم من أعطى لنفسه صفة “مدون فيسبوكي”. تعددت الصفات، والوصفة واحدة. تحترم بعض الأحزاب نفسها، على قلتها بل ندرتها، فتعطي لمساطر الانتداب حقها. أما أخرى فلا تفتح مقراتها، بل لا تكتريها، إلا بحلول “موسم الانتخابات”.
وهل نطلب منها أكثر من ذلك؟
لن نكلفهم أكثر مما يستطيعون، فأساليب كل فئة من طبيعتها.
ولكنها فوضى لا تكاد تفرز إلا حزبا، أو حزبين يعتمدان في الترشيح مناضليهما أساسا. والبقية؟ انتظار ما ستسفر عنه حركة الهجرة، ولا هجرة إلا بمقابل، والمقابل هذه المرة أكثر من ذي قبل. لا يهم النجاح في الدوائر المحلية، بقدر ما يهم الحصول على أصوات تصب في خانة المرشح البرلماني.
بيع وشراء.. في أصوات المواطنين، والمرشحين، والفائزين بعد حين.
في ظل هذا الجو من “الهستيريا الانتخابية”، فُتِن الشباب وصدقوا مقولة أن “الشباب هو المنقذ من الضلال السياسي”.
وأي شباب؟
شباب يجهل كل شيء عن الصراع الانتخابي في المغرب، فلولا ذلك لما طار فرحا بتزكية “حزب إداري” يفكر في واقع الاجتماعي الأعلى، قبل التفكير/ لا في واقع الفئات الاجتماعية الدنيا.
شباب متعلم تقاسمته الأحزاب الإدارية، أو جعلت منه أحزاب أخرى إيديولوجية وقودا لحملاتها الانتخابية، بحجة تقديم الطاقات الشابة، والحاصل هو تدريبها على الانتهازية والخواء والاستهتار بمصالح الشعب والوطن.
فلنفكر بإيجابية، ولنعذر التربة المغربية وما أفرزت.
ولكن، إلى متى سنبقى حبيسي فاعلية سياسية ينقصها بعض الوعي الوطني من جهة، وتلاعب لا ديمقراطي ولا شعبي بمصالح الفئات الدنيا وحقها في الدفاع عن وطنها والوعي بمصالحه من جهة أخرى؟
ألسنا نجني نتائج عقود من الخوصصة وإفقار فضاءات القطاع العام، أبرزها التعليم؟
ألسنا نجني ثمار عقود من الانفتاح على العولمة ثقافيا وإعلاميا واقتصاديا؟
إننا أمام فوضى حقيقية، يحاصرنا في الحكم عليها حرصنا على مصلحة الوطن، وعلى صورته الدولية في مرحلة حساسة وحرجة من تاريخة.
الأصلح ديمقراطيته مغشوشة، ووعيه الوطني منقوص.
والكبراء وطنيون بواقعهم، يهابون “الانتقال الديمقراطي”.
هؤلاء يخوضون غمار الانتخابات بالمال والأعيان والعلاقات العائلية وأضواء خضراء هنا وهناك، وأولئك لا يُعمِلون من ذلك إلا النزر القليل ولكن جزءا من قلوبهم مع “الأجنبي” وعقولَهم مع “الأدبيات السلطانية للعصر الوسيط” أو مع “ليبرالية البورجوازية الفرنسة في ثورتها على الإقطاع”.
في أي صندوق من الصناديق سنضع أوراقنا؟
لكل جوابه الخاص به.
والمهم.. أنها “فوضى لا مفر منه”، وأنه واقع “لا بد من غض الطرف عنه”، من أجل الوطن.
وإلا لما استحق حزب أصواتنا.