في أول خروج إعلامي.. الخطيب الذي عزله التوفيق يكشف الأسباب الحقيقية وراء قرار الإقصاء
هوية بريس – عابد عبد المنعم
في 28 من دجنبر 2021 أصدرت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قرارا بإنهاء تكليف الدكتور رشيد بنكيران من الخطابة بمسجد حذيفة بن اليمان بمنطقة الصياد 2 بمدينة القنيطرة، بدعوى أنه يتطرق في حسابه على فيسبوك لمواضيع “ذات طابع سياسي”.
وعللت الوزارة قرارها، الذي وقعه نيابة عن وزير الأوقاف، أحمد التوفيق، مدير مديرية تدبير شؤون القيمين الدينيين مولاي عبد الواحد غنضور بالتالي “دأبتم في صفحتكم على فيسبوك، على التطرق لمواضيع ذات الطابع السياسي وهو ما يتعارض ومضمون المادة السابعة من الظهير الشريف رقم 1.14.104 الصادر في 20 رجب 1435 (20 ماي 2014)، المتعلق بتنظيم مهام القيمين الدينيين وتحديد وضعياتهم”.
وتنويرا للرأي العام أجرت “هوية بريس” حوارا مع الخطيب المُقال، كشف من خلاله عن تفاصيل مهمة حول قرار العزل المثير للجدل.
س :صدر قرار من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية يقضي بتوقيفكم عن الخطابة بمسجد حذيفة بن اليمان بمدينة القنيطرة، بحجة تطرقكم لمواضيع ذات طابع سياسي على فيسبوك؛ بداية كيف تلقيتم هذا الخبر؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛ فبداية أشكر هذا المنبر الإعلامي؛ منبر هوية بريس على اهتمامه المشروع بالعلماء والدعاة وخطباء الجمعة وأئمة المساجد واحتضانه لهم، وحمله لهمومهم التي يلقونها اثناء أداء واجبهم الشرعي، وأخذه على عاتقه فضح التضييقات التي تمارس على ورثة الأنبياء من طرف الوزارة الوصية عليهم، والشطط في توظيف القانون ضدهم.
أما عن خبر إنهاء التكليف بالخطابة، فحقيقة لا أخفيكم القول إني تلقيته -بعد الرضا بقضاء الله وقدره- باستياء كبير، وشعور بالظلم؛ لأن سبب الذي عللت به “الكتابة العامة لمديرية تدبير شؤون القيمين الدينيين” لإنهاء تكليفي بالخطابة سبب واه لا يتنافى مع مهمة الخطيب في المسجد، فحسب السبب المعلن عنه والذي يفيد أنني”أتطرق لمواضيع ذات الطابع السياسي على صفحتي على فيسبوك” يتضح بجلاء أن المسجد الذي أخطب فيه وأهله والخطب التي تلقى عليهم لا ملاحظة للمديرية عليها، بالإضافة إلى أن نفس السبب المذكور فضفاض وجلبابه واسع يمكن إلباسه لأي خطيب، ولن ينجو منه إلا من ليس له صفحة على الفايس، وكم طلب مني ومن غيري من الخطباء بطرق غير مباشرة بأن لا تكون لدينا صفحات نشيطة على الفايس، يريدون خطباء لا صلة لهم مع المجتمع وقضاياه.
س: كم هي المدة التي قضيتم في الخطابة والدعوة بالمسجد؟
بفضل الله عز وجل قضيت في الخطابة والوعظ والإرشاد بمساجد مدينة القنيطرة قرابة عقدين، تقريبا منذ سنة 1425 هجرية الموافق لسنة 2004م، وأنا أنتقل من مسجد إلى آخر واعظا وخطيبا، إلى أن استقر بي الأمر في مسجد حذيفة بن اليمان سنة 1435 هجرية، ومنذ ذلك الوقت وأنا أخطب فيه إلى يومنا هذا الذي تقرر فيه إنهاء التكليف بالخطابة، والحمد لله على كل حال.
س: من خلال مساركم الدعوي يعرف عنكم الهدوء والحكمة والخطاب الوسطي، هل تعتقد أن بعض المنشورات على شبكات التواصل الاجتماعي هي السبب الحقيقي وراء قرار العزل؟
كثيرا ما يصفني إخواني الدعاة والمثقفون والأصدقاء وعموم الناس بهذه الأوصاف المذكورة، فإن كانت كذلك فلله الحمد والمنة، فهذا توفيق من الله عز وجل.
أما بخصوص سؤالك المهم فحقيقة الأمر الملتبس، فأنا مررت من تجربة خاصة فيما يتعلق بما أكتبه، فقد سبق لي أن كتبت كتيبا سنة 1430 هجرية الموافق لـ2009م بعنوان (علماء لم ينصحوا.. وقفات مع الدرس الحسني: الخصوصيات الدينية في ممارسة المغاربة) تناولت فيه بنقد بعض المسائل التي جاءت في هذا الدرس رأيتها -فيما أظن- أنها مخالفة للصواب، ورغم صدور هذا الكتاب ووقوع نقاش حوله لم يقرر في حقي إنهاء التكليف بالخطابة.
كما يعرف عني كثرة المشاركة في إبداء رأيي في الموضوعات التي تهم المواطن المغربي والقضايا الكبرى للأمة، ورغم ذلك لم يصدر في حقي أي شيء، فتعليل “الكتابة العامة لمديرية تدبير شؤون القيمين الدينيين” لإنهاء التكليف بالخطابة بأنني أتطرق لمواضيع ذات طابع سياسي غير بريء، ويغلب الظن أن الرسالة الأخيرة المفتوحة التي وجهتها للسيد أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أطالبه فيها بالسماح بإقامة دروس والوعظ والإرشاد بالمساجد قد يكون هو التعليل المناسب. والله تعالى أعلم.
س: تضامن معكم كثير من المواطنين والعلماء والدعاة هل من كلمة توجونها لهم؟
ثبت في الأثر أنه من لم يشكر الناس لم يشكر الله عز وجل، فأشكر كل العلماء والدعاة الذين اتصلوا بي على اختلاف مشاربهم عند سماعهم لخبر إنهاء تكليفي بالخطابة، وأظهروا تضامنهم معي وواسوني بكلام دافئ ومؤثر، فأسأل الله عز وجل أن يجزيهم عني خير الجزاء. كما أشكر عموم الناس وخاصة أهل مسجد حذيفة بن اليمان الذين شعروا بالظلم في حقهم بهذا القرار الجائر كما شعرت به أنا أيضا، وعند الله تجتمع الخصوم.
س: هل لديكم رسالة أخيرة تودون الختم بها؟
لا يخفى على الجميع أن منبر الجمعة هو منبر ذو خصوصية ورمزية لا يشاركه فيها أي منبر، وقد حرمتنا منه الجهة الوصية عليه بسبب واه وقرار جائر، والكثير من الخطباء الأفاضل والمصلحين الربانيين سبقونا إلى التذوق من هذا الكأس المر، فلست الأول ولن أكون الأخير ما دامت سياسة إقصاء صوت الإصلاح مستمرة والشطط في توظيف القانون موجودا، ولكن لا يعني هذا أننا سنترك الدعوة إلى الله، ونترك خطنا الدعوي الموسوم بالحكمة والهدوء والخطاب الوسطي، بل سنستمر على هذا الطريق بالحكمة نفسها ومن خلال المنابر المتاحة في هذا الزمان، ورب ضارة نافعة ولله الحكمة البالغة.