في الرد على منكري نبوة محمد صلى الله عليه وسلم1/2
هوية بريس – أحمد الشقيري الديني
لو فرضنا جدلاً أن محمداً عليه الصلاة و السلام لم يكن نبيا، فما كانت غايته من مسيرته الدعوية؟! هل كانت غايته الملك والمال والنساء كما يزعم خصومه من منكري نبوته؟! لنضع هذه الفرضية على مشرح التحليل ولننظر هل تصمد أمام النقد العلمي..! في هذه الحلقة سنعالج فرضية الرغبة في الملك والمال، وبعدها نتناول فرضية الرغبة في النساء لكثرة ما يروج حولها من شبهات..!
لو كان محمد صلى الله عليه وسلم طالب منصب ومال وجاه وسلطة، هل كان الطريق السالك إلى ذلك كله أو بعضه أن يبدأ بتسفيه آلهة قومه وإعلان الحرب على عقيدتهم الوثنية، وهم يستنكرون ذلك و يتعجبون من دعوته؟! ويسجل القرآن استغرابهم: (وَعَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ ۖ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَٰذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ)..!
ألم يكن جديرا بمحمد صلى الله عليه وسلم،لو كان طالب دنيا كما يزعم الملاحدة، أن يعلنها ثورة اقتصادية طبقية على أشراف مكة الذين كانوا يحتكرون المال والسلطة، فتتبعه الأغلبية التي كانت تتشكل يومها من الفقراء ـ وهو منهم ـ والعبيد والإماء..؟! لماذا إذن يختار الطريق الشاق الأصعب..؟!
فمن أراد تنفير الناس واستعدائهم، فما عليه إلا أن يستفز مشاعرهم باستهداف معتقداتهم التي ترسخت في عقلهم الجمعي لقرون، تتناقلها الأجيال مسلمات غير قابلة للنقاش أو الطعن، لكن القرآن كان يخاطبهم بقوة وبوضوح (قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ (66) وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ)..!
ولما عرضوا عليه أن يعبد آلهتهم ويعبدون معه آلهته كان الجواب بالرفض قطعي وحاسم، لا مساومة على التوحيد ولا مفاوضات، فهذه ليست قضية سياسية..! ويسجل القرآن هذا الموقف الشامخ (قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد)..إلى قوله (لكم دينكم ولي دين)..! هل هذه سياسة من يطلب الجاه والمال والسلطة؟! كلا..!
ثم ماذا؟! لما آمن معه الضعفاء والفقراء والعبيدعلى تخوف من صناديد مكة وقليل من الأشراف، تعرضوا لشتى أنواع التنكيل والظلم والتعذيب من سادات مكة وأشرافها، ومحمد عليه السلام لا يتراجع عن قصف آلهتهم ولا يفاوض في هذه القضية الجوهرية، حتى طرده قومه والقلة التي أمنت معه، وهاجر إلى المدينة فرارا بعقيدته ودعوته بعد 13 سنة لم يتجاوز عدد أتباعه فيها المائة..!
ثم ماذا؟! يفتح جبهة ثانية مع اليهود في المدينة، وكانوا أهل كتاب وعلم، يحملهم مسؤولية تحريف رسالة موسى عليه السلام وإخفاء كثير من جوانبها المشرقة..! ويفتح جبهة ثالثة مع النصارى، وجزء من جزيرة العرب كانت تابعة لسلطة الرومان، فينقض أصول الاعتقاد عندهم، في التثليث وعقيدة الخلاص وألوهية المسيح عليه السلام..! هل هذا هو طريق من يطلب الجاه والسلطان والمال؟! كلا..!
العقل يقول: كان المفروض أن يهادنهم ويتحالف مع بعض القوى ضد البعض ولا يعرض أتباعه للاستئصال، فلا فائدة سيجنيها إن هم أشركوا أو وحدوا الله؟! وهؤلاء الذين اتبعوه وآمنوا برسالته، بماذا كان يأمرهم وينهاهم؟! لماذا يحرم عليهم الخمر وكانوا يحبونها، وأشعارهم شاهدة بذلك، حتى سموها ب200 اسم لشرف منزلتها عندهم؟!
لماذا يحرم عليهم الزنا وكانوا يتعاطونها ولها دور معروفة بذوات الرايات الحمر؟! لماذا يأمرهم بخمس صلوات في اليوم والليلة، منها صلاة الفجر، والاغتسال من الجنابة، وكلها مشقات..؟! ما الذي سيجنيه محمد عليه السلام من طلبه المال والسلطة إن هم صلوا أو اغتسلوا، شربوا الخمر أو تركوها، زنوا أو تعففوا..؟!
ثم ماذا؟! يموت محمد عليه السلام وما شبع من خبز الشعير ثلاث ليال متواليات كما جاء في البخاري عن عائشة..! يموت ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير، كما صح عند البخاري وغيره..! وما كان يأتيه من أموال الفيء يفرقه على فقراء المهاجرين وغيرهم، وسيرته شاهدة بذلك..!
جزاك الله خيرا