في الشدائد يظهر المعدن الأصيل للمغاربة ويعرف الصديق الصادق والرفيق المنافق
هوية بريس- ذ. عبد الواحد الفاسي
1-دقيقة دمرت ما شيد من زمن… وذاك أمر إلاه الكون ذي المنن “(النجمي ) على إثر الزلزال الذي وقع مساء يوم 8 شتنبر 2023 على الساعة الحادية عشرة وعشر دقائق بقوة 7 درجات على سلم ريشتر والذي سمي بزلزال الحوز ، بل زلزال المغرب، والذي خلف آلاف الموتى وآلاف الجرحى وآلاف اليتامى والدمار الكبير في المنازل ، ما عسانا أن نقول إلا أن الحزن بعده مازال طويلا وإنا لله وإنا إليه راجعون
أما الموتى فإنهم بيد الله والثابت عند علماء المسلمين أن ضحايا الزلازل شهداء، والشهادة لها مرتبة عظيمة في الرؤية الإسلامية شهداء بأنهم لم يفرطوا في الاحتراز. ” إنما حصلت لهم مرتبة الشهادة لأنهم لم يقرروا بنفوسهم، ولا فرطوا في التحرز، ولكن أصابتهم تلك الأسباب بقضاء الله وقدر “.
أما الباقي، فبعد البلاغ الأخير الصادر عن الديوان الملكي الذي يأتي وبدقة ووضوح بكل ما ينبغي القيام به سواء بالنسبة للأيتام الذين سيصبحون مكفولي الأمة ” أو بالنسبة لإعادة إعمار المناطق المنكوبة وكل التفاصيل الأخرى، فإننا مرتاحون والحمد الله على كل حال.
رغم كل هذا، نجد بعض عديمي الأخلاق والوطنية يحاولون إفساد هذه الدينامية العظيمة واغتنام هذه الفرصة لتقديم تصريحات مليئة بالتشكيك والمغالطات وخلط الأوراق والوصول إلى كلام يصل إلى حد التشفي في إخواننا الضحايا. أقول لهم إن الله يمهل ولا يهمل.
2-أعتقد أنه هناك وقت لكل شيء . فليس من المقبول أساسا خلق الفتنة في الوقت الذي يعاني فيه كل المغاربة من صدمة هذه الكارثة والذي يحاول فيه المغاربة الأقحاح فعل كل ما في مستطاعهم، وأمام هذا الزخم والتدفق المنقطع النظير من التضامن الذي عبر عنه وانخرط فيه جميع المواطنين والملك المواطن وكل المسؤولين في الحكومة وفي الجيش إنه العمل الحقير لبعض السنافير الغاضبة الت لعبة العدو، خصوصا.
لقد عرف المغرب دائما خونة للوطن. هم قليلون و دون ويتواصلون. القافلة تسير والكلاب تنبح .
إننا لا نفتا نرى في كل الأيام من هذه الأوقات العصيبة الشديدة الألم والحساسية، بعض وسائل الإعلام الفرنسية، معبرة عن ضعف الكفاءة والمهنية، وهي تنشر صورا كاريكاتورية تمس بثوابت الأمة المغربية بشكل منحط وحقير وهناك بعض السياسيين (المنبطحين)، ومن بينهم الرئيس ماكرون، تصرفوا بشكل أقل ما يمكن أن يوصف به أنه غير مناسب، بل عنصري، وخصوصا عندما أرادوا أن يصدق الناس أن يد المستعمر لا تزال حاضرة. لكنهم نسوا أن المغرب هو المغرب وأنه موجود منذ فجر الزمن وأنه زيادة على ذلك لم يكن مستعمرة فرنسية، لكن فقط تحت الحماية وهو خطأ تاريخي طبعا.
لكن هناك فرق كبير. ففرنسا كانت تتصرف بالفعل كمستعمر لكن كل هذا قد انتهى. ففرنسا المحترمة والتي كنا نحترمها لم تعد موجودة الآن .
فرنسا الحقيقية يجب أن تعيد بناء نفسها من جديد وأن تهتم بشؤونها الداخلية. وإذا وصلت فرنسا إلى ما هي عليه الآن فهذا يعني أن ليس لديها قائدا جديرا بالقيادة وإنما رئيسا فقط . وذلك لضرورة وجوده وإن كان اختياره قد جاء بالخطأ والتقصير في الرؤيا.
لم يقبل المغرب، حاليا، مساعدة فرنسا . ثم ماذا بعد؟ إذا لم يكن في حاجة إليها وهذه هي حقيقة الحال، فأين يكمن المشكل؟ ومن جهة أخرى، إذا كانت مساعدة الأصدقاء الجد مقربين كافية فلماذا نذهب للبحث عنها لدى من اختاروا أن يكونوا ضدنا فيما يتعلق بقضيتنا الوطنية الأولى والعادلة.
3-نعم، أيها السادة . لقد اخترنا الملكية ونحرص على نظامنا هذا أشد الحرص ضد كل الأعداء والمتربصين. لدينا ملك مواطن ونعلم أنه قائد يعمل ويتخذ القرارات الصعبة عندما تدعو الضرورة لذلك. والقائد الحقيقي هو الذي له ذكاء المواقف ( intelligence des situations) : أي قدرة فهم الوضع من جميع الجوانب ومختلف الأبعاد وبكل التعقيدات من أجل إيجاد الأجوبة الملائمة والمناسبة فمع الملكية الدستورية نعرف من سيكون رئيسنا وقائدنا بدلا من أن نستفيق ونجد نفسنا تحت قيادة رؤساء غير مرغوب فيهم ومفتقدون للكفاءة والريادة وخصائص القيادة الحقة.
نحن مغاربة ونفتخر بذلك.
يمكن لصحافتكم التي لا تصلح إلا لتنظيف المراحيض، أن تفعل ما تشاء وأن تنشر مختلف أشكال التناقضات وهي تتكلم عن حرية التعبير. لكن، حسب علمي، الحرية تقف عند حدود حرية الآخرين. وكل ما يتعلق ببلدكم فهو شأنكم ولنقل صحافتكم ما تشاء. لكن، ليس الأحد الحق العمل على المس بثوابت الدول الأخرى حللوا، انتقدوا، نعم، لكن لا يمكن قبول التصرفات الأخرى إلا داخل التراب الفرنسي إذا كانت هذه التصرفات تروقكم وتسليكم. وفي نهاية الأمر، فإنه لا يمكن السكوت عن هذا السلوك الفظ وعلى ما هو أخطر من ذلك ألا وهو جهل القواعد، عندما يُسمح بالمخاطبة المباشرة للشعب المغربي بدل التوجه إليه، كما هي القواعد والاستقامة المعروفة والمعترف بها والتي تقتضي مخاطبة الشعوب من خلال رؤسائها .
وفي الأخير، لا يمكنني إلا الوقوف وقفة إجلال وإكبار أمام ما قامت وتقوم به كل المصالح ومختلف السلطات، وعلى رأسها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، من قوات مسلحة ملكية ودرك ملكي ووقاية مدنية وقوات مساعدة وسلطات محلية وطواقم طبية واستشفائية، وما تبذله من جهود وتضحيات لإغاثة المصابين ومساعدة الناجين راجيا من العلي القدير أن يعجل بشفاء المصابين وأن يتقبل في رحمته الموتى ويلهم أهلهم موفور الصبر والسلوان.
4-لابد من التنويه والإشادة بالتضحيات وبالعمل الجليل الذي قامت به مختلف فئات الشعب المغربي سواء من هي منتظمة داخل إطار مؤسسات المجتمع المدني أو غيرها من المؤسسات أو كأفراد ، معبرة بذلك عن قيم التضامن والتكافل والتآزر في الشدائد ومعبرة كذلك عن الجوهر الأصيل للشعب المغربي.
وفي الختام، إذا كان الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز وتارودانت وما جاورهما قضاء وقدرا لا يمكن ردُّه، سيكون فرصة لإعادة الاعتبار لهذه المناطق التي عرفت شكلا من العزلة والهشاشة، لكي تصبح نموذجا تنمويا يكون مثالا يقتدى به والعمل على تعميمه على باقي المناطق المشابهة.