في ترشيد خطاب التربية الإسلامية.. في فهم الذات وبنائها أولا

12 يونيو 2024 21:57

هوية بريس – د.خالد الصمدي

لا تخفى أهمية الدعوة إلى الانفتاح على الثقافات والحضارات، والتعاطي مع المستجدات والتطورات، في الخطاب التربوي لمادة التربية الإسلامية، لكن الاشتغال بصيانة الهوية والانتماء، وترسيخ منظومة القيم يعتبر الأولوية القصوى للمادة لأن تحصين الذات وتثبيت مقوماتها الدينية والتاريخية والحضارية في وجدان الأطفال والشباب على وجه الخصوص هو الذي يمكنهم من التعامل الموزون مع الذات ومع الآخر مهما كانت التحولات والتطورات، وأي خلل على هذا المستوى او استباق له قبل النضج، يفقدهم هذا التوازن ويجعلهم عرضة لكل اختراق.

وبناء عليه فإن المناهج التعليمية للمادة وخطابها التربوي لا ينبغي أن تتعرض في هذه المرحلة بالذات لأي تشويش بمفاهيم او مواقف دخيلة مخالفة إلا بمقدار ما يرفع في جسم المتعلمين منسوب المناعة ويحفز تفاعل عناصرها بالتدريج، وبمقدار التأكد من اكتسابهم المتدرج لآليات الفهم والنقد والتحليل والتعليل وغيرها من آليات بناء المعرفة وامتلاكها واستعمالها في فهم الذات أولا، فالأولوية لصيانة الهوية ومنظومة القيم، وأي انفتاح غير موزون على الآخر قبل امتلاك هذه الأدوات يعتبر مغامرة غير محسوبة العواقب في هذه المرحلة، ومستوى المتعلمين على هذه الكفايات لا يخفى على أحد.

وهذا منهج أصيل منذ بداية نزول رسالة الإسلام، فقد عمل القرآن الكريم خلال المرحلة المكية كلها على تثبيت مفهوم التوحيد بالحجة والبرهان، لبناء الذات أولا بمفاهيمها الإيمانية الجديدة طيلة 13 سنة دون شيء آخر، ولم يكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم دستور المدينة للتعايش مع المختلف وتنظيم العلاقة معه، الا بعد الهجرة، وفي مدة أقل من الأولى 10 سنوات، فرسم بذلك خطوات أنجح منهج للإصلاح يبدأ ببناء الهوية ومقوماتها في حد ذاتها أولا، ثم يسبح بها بعد ذلك في فضائها مهما كانت تحولاتها وتحدياتها وهي ذات مناعة في أمان، لا خوف عليها من أي اختراق أو ذوبان.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M