تمر الذكرى الـ48 عاما على جريمة إحراق المسجد الأقصى المبارك؛ بينما تستمر سلطات الاحتلال الإسرائيلي في سياساتها لفرض سيطرتها على المسجد، والقدس بشكل عام، وآخرها الإجراءات الأمنية التي اضطرت للتراجع عنها.
تثبيت السيادة
فبتاريخ 21 أغسطس 1969م، أقدم اليهودي الأسترالي المتطرف مايكل دينس روهان؛ على إضرام النيران في المسجد الأقصى، حيث التهمت قسما كبيرا من المصلى القبلي، وأتت النيران على المنبر التاريخي المعروف باسم منبر صلاح الدين. وقد تمكن الفلسطينيون من إخماد النيران رغم محاولات الاحتلال منع وصول عربات الإطفاء وقطع المياه عن المسجد الأقصى.
وأوضح رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس وخطيب المسجد الأقصى، الشيخ عكرمة صبري، أنه في ظل ما يتعرض له الأقصى من عداون إسرائيلي متواصل وخاصة بعد الأحداث الأخيرة، ومع ذكرى إحراق المسجد الأقصى المبارك الأليمة، “تمكنا من تثبيت السيادة الإسلامية على المسجد الأقصى”.
وقال في حديث خاص لـ”عربي21″: “تمكنا في هذه المرحلة الحرجة التي مر بها الأقصى من تجاوزها بانتصار ونجاح”، مستدركا بقوله: “لكن الاحتلال الإسرائيلي لم يتوقف عن أطماعه، ويريد أن يغطي على فشله باستهداف المقدسيين المدافعين عن الأقصى بإجراءات انتقامية”.
وأكد صبري أن “الاحتلال يتعمد تكثيف اقتحاماته للمسجد الأقصى ظنا منه بأنها تعطيه أو تكسبه حقا في الأقصى”، مشددا على أن “أي إجراء يقوم به الاحتلال في مدينة القدس المحتلة عامة أو في المسجد الأقصى بشكل خاص؛ هو إجراء باطل لا نقر به، وهو مخالف للقانونين الدولية”.
اقتلاع الاحتلال
ونوه رئيس الهيئة الإسلامية العليا، إلى أن “سلطات الاحتلال بعد 27 يوليو الماضي، بدأت بإجراءات انتقامية بحق المقدسيين؛ في محاولة لمسح هزيمتها”، مؤكدا أن إجراءات الاحتلال هذه تؤدي إلى “توتر أكبر، ونحن من جانبا لن نتراجع عن مواقفنا الثابتة تجاه القدس والأقصى”.
وحول وقف اعتداءات وتدخلات الاحتلال بحق المسجد الأقصى ومدينة القدس، أكد صبري أنه “لا مجال لتحقيق هذا إلا من خلال اقتلاع الاحتلال وجذوره”، كما قال.
وأضاف: “ما دام الاحتلال جاثما على أرض فلسطين، سيبقى التوتر قائما والتجاوزات مستمرة في حق الأقصى والقدس”، معتبرا أن “هذه مسؤولية الدول العربية والإسلامية؛ التي يجب أن تعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأنه هو من يمثل الإرهاب والعدوان”.
من جانبه، قال ناجح بكيرات، مدير أكاديمية الأقصى للعلوم والتراث، إنه “ما دام هناك احتلال؛ فالأقصى ليس في خطر فقط، بل هو أسير يتعرض لحالة من الضياع والهدم والدمار، فالاحتلال يهدد الأقصى في كل لحظة”.
وأوضح في حديثه لـ”عربي21″؛ أن “الاحتلال لا يهدد فقط الوجود المعماري للمسجد الأقصى، وإنما يهدد وجود الإنسان المقدسي الذي حافظ على مدار نصف قرن على أولى القبلتين، ووقف أمام كل مؤامرات وإجراءات واعتداءات وقوانين الاحتلال التي تستهدف الأقصى، كي يبقيه معبّرا عن الهوية والذات”، وفق قوله.
حرق الوجود
وأكد بكيرات أن “كل ما تقوم به سلطات الاحتلال من اعتداءات بحق الأقصى هو اعتداء على الإنسان المقدسي الذي تعمل أذرع الاحتلال المختلفة على تجفيف وجوده”.
ولفت إلى أن “حال المسجد الأقصى اليوم، هو حال الأسير الذي تأتيه الناس للزيارة في ظل إحاطته بالقوات الخاصة الإسرائيلية والحواجز والجدران”، مؤكدا أن “حالة الاشتباك قائمة لوجود الاحتلال الذي يمتلك أدوات الحرق والهدم”.
وقال مدير أكاديمية الأقصى: “علينا أن ندرك أننا أمام احتلال عنصري، يمتلك إيديولوجية تؤمن بالحرق والهدم والسعي لإنهاء الطرف الآخر وحرق الوجود الإنساني الإسلامي”.
من جانبه، كشف الناشط المقدسي فريد الأطرش؛ أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي “تقوم بحملة تستهدف كل من رابط وتواجد في الساحات في أيام حصار الأقصى؛ عبر هدم البيوت، تحرير المخالفات، الاعتقال والاستدعاء”.
وأوضح في حديثه لـ”عربي21″، أن شرطة الاحتلال “عملت على فحص كافة التسجيلات الخاصة بكاميرات المراقبة في مدينة القدس المحتلة ومحيط الأقصى، واستخرجت أرقام السيارات التي رابط أصحابها دفاعا عن المسجد الأقصى، وقامت الشرطة بتحرير المخالفات لهم”.
وأشار الأطرش إلى أن الاستهداف الإسرائيلي “وصل إلى التجار المقدسيين الذين ساهموا عبر تبرعهم ببعض الحاجيات في صمود المرابطين والمعتصمين، بفرض الضرائب عليهم دون مبرر”.
ولفت الناشط المقدسي، وهو من الذين طالتهم مخالفات الشرطة الإسرائيلية، إلى أن سلطات الاحتلال “انتقمت من المقدسي عبد الكريم أبو سنينه بهدم منزله؛ وهو من الذين رابطوا هو وأبناؤه وبناته وزوجته عند باب الأسباط”.