“قرآن بورغواطة”.. باحث متخصص: حذلقة يائسة لتشكيل هوية سردية متخيلة

هوية بريس-متابعات
اعتبر الجامعي والباحث المتخصص، سعيد يقطين، ما يروج اليوم حول إعادة اكتشاف “قرآن بورغواطة” أو إعادة بناء هوية “مورية” خالصة، لا يعدو كونه “حذلقة يائسة لتشكيل هوية سردية متخيلة” تُستدعى من الماضي لخدمة رهانات أيديولوجية معاصرة.
وقال يقطين إن جزءاً من هذا الخطاب يقوم على “انتقاء تعسفي للمعطيات التاريخية” وتوظيفها بمعزل عن سياقها، قبل تحويلها إلى هوية جاهزة تُطرح في مواجهة العروبة والإسلام، معتبراً أن البحث عن الذات في التاريخ بهذه الطريقة هو تعبير عن أزمة هوية لا عن وعي نقدي. وأوضح أن كل المصادر التاريخية المتوفرة حول بورغواطة هي عربية، وأن التعامل الانتقائي معها يكشف عن نزعة عرقية تلبس لبوس العلمية.
وأشار الباحث ضمن مقال منشور، إلى أن ما يتم تقديمه باعتباره “قرآناً مفقوداً” أو “دعوة إصلاحية” لصالح بن طريف، يعيد إنتاج سرديات خارجة عن المنهج العلمي، مؤكداً أن شخصية مؤسس بورغواطة كانت مرتبطة بالتمرد السياسي والهرطقة الدينية، ولا علاقة لها بالديمقراطية أو قيم الإصلاح كما يُروَّج اليوم. واعتبر أن الادعاءات حول “القيم المورية السامية” التي يقال إن صالح عبّر عنها “مجرد تأويلات مضللة” لا تسندها الوقائع التاريخية، خاصة في ظل ما تورده المصادر من ممارسات قمعية وإعدامات واسعة ضد المخالفين.
وأضاف يقطين أن إعادة تدوير هذه السرديات لا تقدم أي بناء معرفي، بقدر ما تسعى إلى إعادة تشكيل انتماء متخيل قائم على مواجهة مع كل ما هو عربي وإسلامي، مشدداً على أن “الحديث العلمي لا يُقتنص منه ما يرضي الهوى، ويُقصى منه ما يكشف زيف الادعاء”. وتساءل عن القيمة التاريخية التي يمكن أن يقدمها الافتخار بحركة اندثرت منذ قرون دون أن تخلّف مدناً أو نصوصاً أو آثاراً دينية أو ثقافية معتبرة.
ويخلص الباحث إلى أن موجة تمجيد بورغواطة اليوم ليست إعادة قراءة علمية، بل “نزوع هوياتي متوتر” يقوم على قطيعة مع الحاضر واستدعاء انتقائي للماضي، مؤكداً أن تحويل حركة هرطقية قديمة إلى هوية معاصرة “لا يمكن إلا أن يكون جنوناً للهوية” يُغذي الانقسام ولا يسهم في أي تراكم معرفي أو وعي تاريخي.



