قصيدة: ..خل عنك الحجاب! (ردا على الناقد المصري صلاح فضل)
هوية بريس – عبد المجيد أبت عبو
أثار الدكتور والناقد المصري صلاح فضل مسألة التحرش في الحوار الذي أجراه معه الإعلامي حمدي رزق في برنامج “نظرة” على قناة “صدى البلد” بتاريخ 29 يونيو 2018. مؤكدا أن ظاهرة التحرش لم تكن موجودة في العقود السابقة، قال: “منذ عدة عقود لم تكن هذه الظاهرة (أي التحرش) موجودة على الإطلاق، أنا أعمل في الجامعة منذ ستين عاما، وأعرف أن الجامعة كانت مختلطة وطبيعية ولا يوجد تحرش على الإطلاق”. ومن الصادم المستغرب تأكيد الدكتور على أن سبب التحرش الذي ظهر في الجامعات وغيرها هو الحجاب والنقاب: قال: ” أتعرف ما السبب في هذا التحرش؟ هو الحجاب والنقاب”.
ثم أَعَلَّ ذلك بقوله: “لأن حواس الإنسان -وأفيد بهذا من دراساتي في الأدب وفلسفة الجمال والنقد، لا أقول رأيا شخصيا- الحقيقة العلمية أن حواس الإنسان بالنظر والشم وكل الحواس البشرية عندما تستقبل عطر الأنوثة وجمال الأنوثة بالنسبة للرجل، والمرأة عندما تستقبل كذلك في ظرف صحي وملائم وطبيعي، يحصل عندها نوع من إعلاء الغريزة والتسامي بالشهوة.
هذا التسامي هو عملية نفسية ضرورية. لكن عندما يكبت ويحرم ولا تتاح له فرصة التنعم لا بوجه جميل، ولا بشعر حريري منسدل ولا بملبس أنيق، ولا بعطر فواح يصبح مثل الحيوان الذي يحتاج لإشباع غرائزه، هذا هو الذي يرتكب الاغتصاب ويقوم بالتحرش، لأنك لم تشبع بطريقة راقية متحضرة حاجته لهذا الحضور الأنثوي البهي، كما أنك لا تشبع الأنثى بحاجتها إلى هذا الحضور الذكوري الراقي البهي..”.
فالتحرش عند الدكتور منشأه الكبت الحاصل عند المحروم من جمال المرأة، المنقطع عن الحديث معها والنظر إليها، المعزول في وسط لا يرى فيه إلا النساء مستورات محتجبات، يأبين كشف مفاتنهن، ويرفضن الخضوع بالقول مع الأجانب، ويأنفن أن يشم منهن عطر، أو يُرى من حركاتهن ما يريب.
أما الوسط الذي اعتاد فيه الرجل أن يختلط بالمرأة، ويرى منها جميع محاسنها إلا ما يستحيى من إظهاره عادة كعورتها المغلظة، ويصافحها مصافحة اليدين أو الخدين، ويشم منها ما يتباهى النساء بوضعه من الطيب.. فهو وسط يعلي فيه الرجل والمرأة من غريزتهما، ويسموان بشهوتهما -بتعبير الدكتور صلاح-، ومن ثم فلا خوف على هذا الوسط من التحرش، ولا يخطر ببالك أن تمتد يد ريبة من أحد الجنسين إلى الآخر.. عجيب هذا التعليل الذي يكذبه الواقع المشاهد؛ فأين يفشو التحرش والاغتصاب إلا في الأوساط المنحلة المتحررة؟ وأي نكد تحسه المرأة أشد من نكد المرأة الغربية المتحررة المتبرجة بكل ألوان الزينة، التي تصبح على التحرش وتمسي عليه، وقد تكابد مرارة البحث عن حاجات ابنها أو بنتها اللذين لم تهتد لوالدهما من تزاحم المضاجعين على سريرها..
أما المتحمس لمنع التعليم المختلط وما يصحبه من آفات في الأخلاق والتحصيل على الجنسين، والمنتصر لفصل الذكور عن الإناث لما في ذلك من منافع؛ فإن الدكتور يعارضه أشد المعارضة إذ يقول استنادا إلى تجربته في تدريس الطلاب في جامعات غير مختلطة: “في الجامعات غير المختلطة هناك فظاظة وخشونة شديدة ورداءة وقبح ومعاداة..”.
فهو يرى أن الفصل بين الجنسين، واحتجاب المرأة عن الرجل هو السبب الرئيس لتحرش أحد الجنسين بالآخر، ومن ثم وجب كسر الحواجز بينهما، وتشجيع المرأة على التفنن في إظهار زينتها حتى تحقق مع الرجل التوازن العاطفي الذي هو أمارة التحضر وعنوان الرقي؛ يقول: “ولذلك، الاختلاط والسفور والحرص على الجمال، وكينونة المرأة بالنسبة للرجل، وكينونة الرجل بالنسبة للمراة، كل هذه تؤدي إلى تلك المعادلات الوجدانية التي تحد من نهم الغرائز وتهذبها وتسمو بها وترتفع”.
ولنا أن نسائل الدكتور جملة أسئلة:
ألم يأمر الله المرأة في كتابه وعلى لسان رسوله عليه الصلاة والسلام باحتجابها وسترها وعدم إظهار زينتها؟
ألم تحرم نصوص الشرع التبرج والسفور وخضوع المرأة بالقول..؟
ألم تكن الكتب السماوية كلها مؤكدة على الأصل في المرأة أن تستر جسدها وتغطي شعرها وتحتجب من كل أجنبي عنها؟
أليس هذه الدعوى العريضة إلى الاختلاط السفور إغراقا للأمة في شهواتها وانحلال أخلاقها، وإشاعة الفاحشة ونشرها؟
أليست هذه الدعوى توهينا لجسد الأمة وتنفيذا لمخططات أعدائها الساهرين على إفساد المرأة وإخراجها عن وظيفتها الأساس؟ فتخرج لنا أفواجا من العابثين التائهين اللاَّهين الذي لا هم لهم إلا إشباع بطونهم وفروجهم، لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا، ولا يسهمون في نفع الأمة وبنائها وإصلاحها؟
جزاك الله خيرا