قصيدة في خصام النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة
هوية بريس – قاسم اكحيلات
يروج مقطع لإحداهن تروي قصة خصام بين النبي ﷺ وأمنا عائشة، وذلك بأسلوب شعري أقحمت فيه كل الألفاظ المنكرة والمعاني القبيحة ومما لا وجود له في كتاب.
افتتحت كلامها بقولها (روى الامام أحمد بن حنبل..في المسند الموثق المسلسل) وهذا غير صحيح، فالإمام أحمد إنما رواها مختصرة، أما تلك التفاصيل فعند غير أحمد كما سترى.
قولها (اكــثرت لـلنبــي في الـكــلام). لا نعلم رواية أن سبب الخصام هو كثرة كلامها، وإنما هذا من كيس الشاعرة.
قولها (أعـرضــت حـتى لــم يعد يـراني..) وغيرها من أوصاف الهجر.. فلم يرد في شيء.
قولها (فقال هل ترضين مايقضي عمر…..قالت معاذ الله بل ارضى بالقدر
فقال هل ادعـو لها عـثمانا؟….. قالــت: ومــايدريه ما كــانا ؟
فقال هل ندعــو إذا عــلــيا؟….. قالت: اعـوذ ان تــكون تــقــيا ).
وهذا كلام قبيح في حق أصحاب النبي ﷺ، وكيف تتعوذ من علي؟!.
الوارد في الروايات المنكرة أن النبي ﷺ إنما سألها هل ترضى بأبي عبيدة الجراح أو عمر، أما عثمان وعلي فلا أصل لما ذكرت.
أما عمر فقد رواها أبو عمر بن حيويه (الثالث من مشيخته.15). عن عائشة أم المؤمنين: “أنه كان بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم كلام ، فقال لها: من ترضين بيني وبينك؟ أترضين عمر بن الخطاب؟ ” قالت : لا أرضاه ؛ عمر غليظ..”.
وهذه رواية منكرة، محمد بن إسماعيل الخشوعي مجهول الحال.
وعبد الوارث بن سعيد العنبري ولد سنة 108 وحدث عن عائشة وقد ماتت رضي الله عنها سنة 58 فكيف يحدث عن عائشة رضي الله عنها.
وطريقه كاملة عند ابن عدي هكذا:”عبد الوارث بن سعيد ، حدثنا محمد بن الزبير الحنظلي، قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول، حدثنا عروة بن الزبير قال حدثتني عائشة أم المؤمنين به”.(الكامل.203/6).
وهذا لا يصح أيضا وآفته محمد بن الزبير الحنظلي، قال يحيى بن معني: “ضعيف لا شيء”. قال البخاري: “منكر الحديث”. قال الجرجاني: “حديثه قليل والذي يرويه غرائب وافرادات”. وقال ابن حبان: “منكر الحديث جدا، يروي عن الحسن ما لا يتابع عليه، لا يعجبني الاحتجاج به إذا لم يوافق الثقات”.
أماعن أبي عبيدة الجراح، فقد رواها ابن عساكر في (تاريخ دمشق.215/30): “أخبرنا أبو بكر المزرفي نا أبو الحسين محمد بن علي بن محمد أنا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن علي الصيدلاني نا محمد بن مخلد العطار نا جعفر بن أبي عثمان الطيالسي نا إسماعيل بن إبراهيم أبو بشر صاحب القوهي قال سمعت أبي قال حدثنا المبارك بن فضالة عن عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة قالت كان بيني وبين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كلام فقال من ترضين أن يكون بيني وبينك أترضين بأبي عبيدة بن الجراح قلت لا ذلك رجل هين لين يقضي لك..”.
إسماعيل بن إبراهيم أبو بشر قال ابن حبان في الثقات: يغرب. وقال العقيلي: ليس لحديثه أصل مسند وإنما هو موقوف. (لسان الميزان.1127). ووالده إبراهيم المنقري مجهول.
المبارك بن فضالة مدلس،قال أبو داود:”شديد التدليس”.قال أبو زرعة الرازي:”يدلس كثيرا، فإذا قال حدثنا فهو ثقة”.قال ابن حجر:”صدوق يدلس ويسوي”.
قولها (فقــامــت الفــتاة في هـــياج… قائــلة : اعـــرض عن الـلّجاج
وقـل صــوابا واتــق الـــخلاقا… واحـذر فإني اكــره الشـــقاقـا).
لم يصح من هذا شيء، والوارد في الروايات المنكرة قولها:”اتق الله ، ولا تقل إلا حقا”.عمر بن حيويه (الثالث من مشيخته.15). وقوله :”أقصد”. (تاريخ دمشق.215/30) وقد سبق بيان ضعفهما. ولا يليق بأمنا عائشة أن تقول للنبيﷺ كلاما كهذا.
قولها (فــعاد يدعــوها إلـى الــوفاق….فانــتــبذت مـنه على شـــــــقاق).
لا يصح أيضا وهو عند ابن أبي الدنيا (العيال.562). عن عمر ابن عبد العزي: “فخرج فلما خرج قامت فجلست ناحية فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبت أن تأتيه”.
قلت : محمد بن الزبير الحنظلي منكر الحديث كما قال البخاري، وعمر بن عبد العزيز لم يدرك عائشة.
قولها (ولــم يـــزل يـــكرر المــــداعـــبة…..ملاطـفا حتى اتـته تـائبة
ودمــــعت مــن حــبه عــــيناهـا….. توســــلا ترجـو بأن يــرضاها).
لا أصل له في شيء من الروايات، بل ورد ان النبي ﷺ هو من كان يترضاها.
قولها (قــــال ابو بــكر اتـــيت بعدهـــا….وجــدته يأكـــل شـــهدا عندها).
لم يرد في هذا شيء وغاية ما صح أنه وجدهما في سرور.
والذي صح من غير حشو أو مبالغة أو نكارة هو ما راوه فعلا الإمام احمد عن النعمان بن بشير، قال:”جاء أبو بكر يستأذن على النبي ﷺ، فسمع عائشة وهي رافعة صوتها على رسول الله ﷺ، فأذن له، فدخل، فقال: يا ابنة أم رومان وتناولها، أترفعين صوتك على رسول الله ﷺ؟ قال: فحال النبي ﷺ، بينه وبينها، قال: فلما خرج أبو بكر جعل النبي ﷺ، يقول لها يترضاها: ألا ترين أني قد حلت بين الرجل وبينك ، قال: ثم جاء أبو بكر، فاستأذن عليه، فوجده يضاحكها، قال: فأذن له، فدخل، فقال له أبو بكر: يا رسول الله أشركاني في سلمكما، كما أشركتماني في حربكما”.(صحيح رواه احمد.18394).
جزاك الله خيرا يا استاذ قاسم فقد بينت سماجة ما فعلت تلك الشاعرة غفر الله لها وكم تناقل البعض بنظر العاطفة ….وهل ترضى أمنا عائشة رضي الله عنها بان تظهر تلك الشاعرة وضيئة الوجه خاضعة القول امام اشباه الرجال وتسمح بتناقل ذلك في كل بيت …..يا آسفى على قوم يسوقون إلى الميوعة باسم الدين فضلوا واضلوا …والله المستعان