كذبة “أننا نحن النساء نستطيع أن نكون كل شيء”

10 مايو 2025 01:45

هوية بريس – تسنيم راجح

كذبة “أننا نحن النساء نستطيع أن نكون كل شيء” لا تكتمل إلا بكذبة: “أن الأمومة والزوجية ليست بشيء”!

كلّ من يظنون أن الجمع بين الـ”كارير” بدوامٍ يزيد على بضع ساعاتٍ في الأسبوع مع الزوجيّة والأمومة وما يتعلّق بها من الواجبات الأساسيّة هم في الحقيقة يبخسون من قيمة دور الزوجة والأم، ويظنّون واجبات الزوجة ومهام التربية وبناء الإنسان وكون المرأة سكناً لزوجها ولباسٌ له ومستقرٌّ له.. كلّها أمورٌ فرعيّة! بسيطة! لا تعتبر ويمكن القيام بأي شيءٍ معها لأن الوقت متاح وما وراء المرأة التي هي زوجة وأم شيء كما يقال!

يعني هي أشياء هكذا على الهامش!
تحصل وحدها!
لا تحتاج علماً ولا تهيؤاً!

فالكل يتزوج والكل ينجب! والكل عنده اولاد وهم سيكبرون وحدهم في البيت أو في الحارة أو في المدرسة، فلمَ “الفزلكة”!
وما هو دور الزوجية؟ ما الذي يحتاج التفرغ أو الطاقة في الأمر؟!

وهذه الاعتبارات هي التي تنتج بيوتاً خربة مفككة أهلها أنيقون فيما يراهم الناس و “مثقّفون” و”منتجون” و”حضاريّون”، بيوتاً تزهو بالمفروشات والديكور وتخفي نفوساً مهملةً لا علاقة فيما بين أبنائها ووالديهم ولا استقرار ولا بناء متين ديني أؤ نفسي أو أسري..

ثمّ إذا كبر الأولاد وحصل التفكك الأسريّ فيما يراه الناس وانفكّت الأسرة فعلاً على أرض الواقع أو عاطفياً في داخلها، قيل أن هذا تصديق سوء الظنّ بالزوج والأولاد الذي أخرج المرأة من بيتها أصلاً، قيل: “رأيتم أن الرجال سيئون!”، “رأيتم أن الأولاد لا يعوّل عليهم!” والواقع أن الخروج الذي جعل المرأة تهمل مكانها، وترمي الأصل لأجل الفرع هو الذي أدى لفساد هذا الأصل ودماره وفراغه، حتى إذا احتاجت المرأة والرجل البيتَ فعلاً وجدوه خرباً لم يبنه أحد ولم ينظر إليه أحدٌ منذ عقود، وإن احتاجوا سؤال أبنائهم عنهم وجدوهم لا يعرفونهم ولا يستطيعون فتح حديثٍ بسيطٍ معهم إلا بشقّ الأنفس (إن التزم الأبناء وهداهم الله لمربٍّ يعظم في نفوسهم بر الوالدين بعد تلك السنوات أصلاً!)

فكيف يمكن لامرأةٍ تقضي 5 أو 6 أو سبعة أو ثمانية ساعات في اليوم في مهنة لمدة 3 أو 4 أو 5 أيام في الأسبوع أن تجد القدرة على التزين لزوجها وقت عودته للبيت، كيف لها أن تتمكن من التبسّم له، كيف لها أن تحضّر له طعاماً أو تجالسه إلا وهي تنقم عليه أو تستاء منه أو تنزعج من الدين الذي يدفعها لهذه الواجبات إن فعلت، كيف لها أن تؤدي حقه في الإحصان إلا وهي تشعر بأنها مظلومةٌ يضغط عليها المجتمع والوظيفة المنهكة وفوقها الزوج الذي يريد منها حاجةً تزوّجها لأجلها بشكلٍ أساسي!

كيف لها إن أنجبت أن تصبر على إزعاج الطفل رضيعاً ومن ثم حاجاته حين يبدأ الكلام ويريد منها اللعب معه ومحادثته ومجالسته، كيف لها أن توازن بين هذا وبين حقوق زوجها وحقوق نفسها وبر والديها وغيرها من واجباتها ومعها مهنتها التي تأخذ كلّ تلك الساعات وتحتاج؛ ثيراً من الفكر والطاقة؟ ماذا إن كثر الأولاد؟

قد تبدو معادلاتٍ مجنونةً لكننا نتوقع من عموم النساء اليوم أداءها بشكلٍ مستحيل عجيب، نظن من تضع نفسها في هذا المأزق امرأة مثاليّةً أو خارقةً أو قدوة، ونتحجج بأن الزمان تغيّر والأوضاع صعبة وتكاليف الحياة ثقيلة، وهناك صعوبات اقتصادية عند كثيرين فعلاً، لكنّ خيار العمل ينبغي أن يُفهم كما هو، أمرٌ ثانوي لا ينبغي أن يجاوز الحاجة والظرف ولا يخرج عن مكانه، لا يمكن أن يكون حال عموم النساء ولا المتوقع منهن، لا ينبغي أن يتحوّل للدور الذي يسحب 70٪ من طاقة الإناث ويومهنّ وفكرهنّ، ولا يصحّ أبداً أن يعتبر أساسيّاً في حياة المرأة وهي الأم والزوجة وتلك واجباتها التي سيسألها ربّها عنها أولاً..

وأعان الله من هي مضطرة للجمع بين كلّ ذلك وبارك في وقتها وهيّأ لها من يعينها وجعل عملها صدقةً جاريةً في ميزانها، وأخزى الله المفسدين الفاسدين الذين غيّروا فكر المجتمعات واضطروها لذلك..

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
19°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة