كـأس الـذل لا زال يمتـلـئ
د. أحمد اللويزة – هوية بريس
ولا زلنا نشرب ولم نرتو..
أصرنا نعشق الذل أم لم يحن الوقت لهذا الذل أن ينجلي؟
عجبا لمن عنده سر الكرامة قد استمرأ الهوان، وما عاد حتى أن يحلم بعودته إلى سالف العز والمجد الذي أريد له أن ينمحي، فلا كتاب يكتب، ولا درس يدرس، ولا فكرة تنشر، حتى يخال لنا أن هذه أمة بلا مجد وأنها ما خلقت إلا لتكون ذليلة حقيرة، يرعاه الذئب ويغشاها الفاسق ويأكل غلتها الفاجر.
نحن أمة كتب علينا أن نهون حين يصير بأسنا بيننا شديد، وليس لأن عدونا بأسه شديد. ولكن هيهات فقذائف التخوين وصواريخ التحقير وراجمات التضليل لا تتوقف، ولا يرعو أصحابها ولا يتريثون، دولا وحكاما وشعوبا وجماعات وأفرادا. رغم أن الجامع بينها الإسلام، الدين الذي جاء ليجمع الشتات، ويؤلف القلوب، ويوحد الكلمة، ويقوي الشوكة. ويرفع القدر، ويعلي المكانة.
ففي كل صاعقة نقول لعلها نهاية البداية، فإذا التي بعدها أكبر من أختها، والخرق يزيد اتساعا كلما قيل أنه توقف.
الإسلام دين عزة وكرامة، والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والمؤمنون هم الأعلون دائما وأبدا، لكن أين نحن من كل ذلك!!؟ طبعا الخلل ليس في الإسلام دين الله الذي لا يقبل الله من عبد دينا سواه، الخلل فيمن انتسب إلى هذا الدين وانتمى إليه بالاسم والنسب والتاريخ والجغرافيا.
المتدينون في شتات دائم، وأحيانا تتجارى بهم الأهواء، وغير المتدينين أعناقهم مشرئبة نحو بلاد الغرب حيث الرقي المادي والرخاء المعيشي، يظنون أن الحق هناك حيث النصرانية واليهودية والعلمانية والشيوعية وحتى الوثنية، فينغمسون في التقليد الأعمى واهتبال الفرصة للرحيل هناك، وَهْمًا منهم أنهم بذلك سيلحقون بركب حضارتهم ويرفعون عن أنفسهم أسبال الجهل والتخلف، ورغم أن الأيام تكشف بما لا يدع مجالا للشك أننا لا نزداد بذلك إلا تخلفا وهوانا ومذلة، لكنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب.
أما آن لهذا الذل أن يرحل؟
سيرحل لا محالة لكن من سيطرده إلى غير رجعة؟
في الحديث قال عليه الصلاة والسلام: “..سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم”.
وصفة نبوية ظاهرة.
لكن هل من رغبة صادقة من عموم الأمة في الرجوع؟ ومتى سنرجع؟ وإلى أي شكل من أشكال الدين سنرجع؟ ومن سيتقدم رجوع هذه الأمة إلى هذا الدين الذي هو مكمن العزة وركنها الشديد؟
أسئلة كثيرة أجوبتها معلقة ونحن نرى الشد والجذب هنا وهناك، كلاما هنا وهناك، تأصيلا هنا وهناك، وليلى هنا وليلى هناك. إنها لحظة من تاريخ الأمة عصيبة جدا وفتن تجعل اللبيب حيران، والموفق من أخذ الله بيده إذ هو يعلم بما سبق في علمه بصدقه وإخلاصه، وإن لله في صور الابتلاء لخلقه مالا يعد ولا يحصى.
طوبى لمن كان عزيز نفسه بإيمانه وتقواه، واعتزازه بدينه على الصورة التي تركها النبي علي السلام قبل أن يلتحق بالرفيق الأعلى.
أما المنسلخون والمنبطحون والمتميعون والشامتون فهم في حاجة إلى الوقوف مع النفس بتأمل وتجرد وطلب الهداية من الله بصدق وإخلاص.
ويبقى اشتغال الدعاة إلى الله بالدعوة وحث الناس على العودة إلى دينهم علما وعملا، وادعاء وتحققا، في بساطته ويسره هو الطريق الأمثل للخروج من هذا النفق الذي طال ذله واشتد ظلامه، دون تعقيدات الكلاميين وخرافات الطرقيين، ولا شبهات المنتكسين، والله غالب على أمره وله الأمر أولا وآخرا.
30 سنة او اكثر والدعوة تشتغل ليل نهار وفئات كبيرة من الشعوب الاسلامية اصبح عندها وعي اسلامي وانتشرت المؤسسات والمعاهد الدينية وكثر العلماء والفقهاء وخريجوا المعاهد العليا.وانتشرت مظاهر التدين بين الشعوب…ولكن لم يتغير حالنا الاجتماعي والفكري الا من سيء الى أسوأ..انما يموت الدين بانقراض العلماء والصالحين الربانيين.هذا الذي لم تفلح فيه الدعوة مند سنيين..
مفتاح العرب الذي يغفل عنه كثير من الداعين إلى الإصلاح في بلادنا هو الدين. العرب قوم لا يصلحون إلا بدين، بدون الدين لا قيمة لهم، إذا تلبسوا به وصلوا إلى الأوج، تركيبتهم هكذا، خلقتهم هكذا.
وهم إذا ولغوا في الشهوات لا يفيقون، أنت ترى في الغرب مثلا الرجل يزني ويشرب الخمر وينتج، فالغرب ليسوا أهل عفة، ومع ذلك كل ما هو موجود في بلاد المسلمين من صنع أيديهم تقريبا، وأصبحت عقدة الخواجة ماركة مسجلة، يذهب الإنسان دائما إلى ما ينتجه الغرب.
أما العربي إذا شرب الخمر فإنه يشرب الخمر ثم يشرب الخمر ثم يشرب الخمر. وإذا زنى فإنه يزني ثم يزني ثم يزني، أي لا يفيق، هكذا تركيبته.
لذا فإن الذين يحاولون أن نساير الغرب في طريقتهم ويزعمون أن هذه من دعوى الإصلاح لا يفهمون طبيعة الجنس العربي، فهم لا يصلح إلا بدين أو ولاية دينية.
انظر إلى العرب وقد أنفقوا 80 سنة في حربين: حرب البسوس وحرب داحس والغبراء لسبب تافه في الحربين: لفحل وناقة.