كفانا من مؤتمرات محاربة العنف النظرية ولنحل مشاكل جاليتنا بروية
رحمة معتز
هوية بريس – الثلاثاء 22 مارس 2016
حري بالمرء أن يكون له قوانين يعمل بها ومؤسسات يسترشد بها ترعى كل الحركات والسكنات، فتقوم المعوج وتبارك المقوم، والجيد أن تكون مواكبة جادة لكل مشاكلنا، فبدل الحديث في النظري وانعقاد المؤتمرات في كل زمن وفي كل حين لنعد إلى مكمن الخلل، فالإرهاب وإرهاصات التطرف سبيل ما وقع اليوم وما وقع قبل.
وإن انفجارات مطار ببروكسيل ومحطة ميترو اليوم رسالة سريعة من متبني التطرف الفكري وإن لم نقل النفسي في بلاد الغرب أنها دار أمان وعهد وسكن فإن لم نقل باختصار موطن وملاذ السكن، فالحري بالحكومات أن تلتف إلى التعاون مع الباحثين في المجال وألا تستصغر من البحوث والدراسات شيئا، فإن بعض الباحثين جاد بدراسات قيمة في بابها، وهي تعد دراسات ميدانية تناقش سببا جليا يشار إليه دون التقرب إليه بروية، الأحياء المهمشة في نواحي عواصم أوربية، ومن ذلك ما كان من الباحث Pierre Guelff كتابه المسمى: “Molenbeek et la face cachée de l’islamisme radical belge وهي دراسة أشير إليها بالبنان عند صدورها ويشار بها على الحكومات أن تأخذ بعين الاعتبار الأسباب الدفينة وراء ما يقع بدل التنديد والبيانات الشذب حال وقوع الانفجارات، لننظر إلى حال الأحياء المهمشة وما فيها، من قسوة الحياة وغياب العدالة الاجتماعية والاعتبار الإنساني في تجليات الحياة المعيشة، هذا من جهة ومن جهة ثانية إشارة إلى البلدان الأصلية إلى ضرورة العمل بكل ما تستطيع بجل مؤسساتها الرسمية والدينية أن تعالج مكامن المرض ولا تجعل له بريقا يخفي الحقائق، لتعترف الدول الأصلية أن الجيل الثاني والثالث من أبناء الجالية فقد الهوية وجعلته الأوراق الرسمية في مهب ريح اللاهوية في تخضر صارخ بدين جديد ومذهب جديد، لتعترف الدولة وأخص الدولة المغربية منها، أن المؤسسات التي تعنى بأمر الجالية هي نفسها بدون هوية، فإن ذكر التدين أي تدين يراد وإن عنون بالمذهب المالكي شكلا وفرغ الداخل من أي مقومات المالكي وإن قلنا السلوك فأي سلوك يراد سلوك الجنيد أو سلوك اللاسلوك، لنحدث الناس بما يفقهون كما قال علي رضي الله عنه.
خطاباتنا بعيدة عن ملامسة الواقع بإشكالاتها وبضرورة إيجاد حلول مواتية وتقريبية لمثل هذه مشاكل، باسم الدين ونبذ العنف اللصيق بالإسلام وهو منه براء، تنظم مؤتمرات آخرها مؤتمر الإسلام والموقف من العنف المنعقد بـ15 و16 مارس الجاري 2016، وقبله المؤتمر العالمي الثاني بالدوحة لحوار الأديان، وتصرف فيها الملايين باسم التعايش في منحى الحديث عن النظري ودون ملامسة لما هو واقعي من مشاكل مجتمعاتنا، دقيقة هي المشاكل ومشار إلى الحلول في جملة من الدراسات والأبحاث، لتتخلص الدول بمؤسساتها الأكاديمية والمدنية من خدمة أجندات مستوردة وتعمل في دائرة المعطيات: سبب… فحل…. فعلاج… فنتيجة.
فالأولى الابتعاد عن الحديث عن الحلول الأمنية والاستخباراتية، لنقم بحل تربوي اجتماعي أخلاقي، لنتخلص من التطرف بكل أشكاله أولا الفكري والاجتماعي والنفسي والعقلي والمادي؛ آنذاك يكون الحديث عن الرقي بالأحياء سواء المهمشة في عواصم أوروبا وحتى في بلاد الأصل إن أردنا النجاة بسمعة إسلام جعلوه شماعة لكل عنف من قريب أو بعيد وننجي أرواحا يغدر بها باسم الدين والتدين ردا على اعتقال متطرف أو تهديد من آت معنف أو من واقع مرير… لنقل بقوة حي على مراكز تعالج مشاكل جاليتنا…
كفانا من مؤتمرات محاربة العنف النظرية ولنحل مشاكل جاليتنا بروية..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* باحثة في فقه الواقع والنوازل ومهتمة بالدراسات والبحوث المتعلقة بالإرهاب والتطرف.