كلمات في سريالية وخطورة المشهد السياسي والثقافي في المغرب

06 ديسمبر 2024 10:36

هوية بريس – د.أحمد ويحمان

إذا كانت مقاربة الدكتور حسن أوريد في مقاله بالأمس على الجزيرة نت قد لامست بعض جوانب المفارقات التي تحكم المشهد السياسي والثقافي في المغرب، فإن هذه المفارقات تبدو أكثر سريالية عندما نتأمل بعض المشاهد التي تكاد تتجاوز حدود الخيال، وتدفع إلى التساؤل عما إذا كان هذا المشهد يعيش حالة من “الأنوميا ” كما يُعرّفها علم الاجتماع؛ حالة الفوضى والانفصال القيمي وتلاشي وانعدام المعايير .

*أحمد الشرعي .. التطبيع كعمالة*

إحدى هذه المفارقات هي ما كتبه المدعو أحمد الشرعي دفاعاً عن مجرم الحرب بنيامين نتنياهو، في مقال صنفه أوريد – كما سائر المغاربة – بكل وضوح في خانة العمالة السياسية، لا حرية الرأي والتعبير. فأن يتجرأ قلم محسوب على النخبة السياسية والثقافية في المغرب بالدفاع عن شخص يُجمع العالم على كونه مجرم حرب، وفي وقت يواصل جيشه قتل آلاف الأطفال الفلسطينيين، بكل وحشية، في غزة وفي لبنان، هو دليل على أن حدود الوطنية والقيم الإنسانية قد تم تجاوزها بشكل صارخ.

*أخنوش .. من رئاسة الحكومة إلى تتويج ملك الشذوذ*

مفارقة أخرى هي تخصيص رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بصفته رئيس المجلس البلدي لمدينة أغادير، مئات الملايين لتتويج شخصية مثيرة ومستفزة، وبطقوس ملكية وبروتكول مخزني هي “ملك الشذوذ الجنسي” في ما يسمى بيلماون بأغادير، على غرار ملكات جمال حب الملوك في صفرو أو التفاح في ميدلت .

ففي الوقت الذي يُفترض أن تُصرف هذه الأموال على أولويات الشعب المغربي وفقرائه في سوس، نجدها تُخصص لأجندات تخدم تفكيك البنية الاجتماعية والقيمية للمجتمع.

*وزير العدل .. الخضوع للوبي الشذوذ الجنسي*

تصريح وزير العدل عبد اللطيف وهبي بأن “لوبي الشذوذ الجنسي قوي في العالم ولا قبل لنا به”، هو اعتراف رسمي بالخضوع التام لشروط هذا اللوبي العالمي، وإقرار بأن السيادة المغربية، بل وحتى القيم الإسلامية، أصبحت رهينة لجهات خارجية تتحكم في المشهد الداخلي.

( ونحن نكتب هذه الكلمات، جاءنا فيديو الشاذ جنسيا الطايع يحتفى به في “مهرجان مراكش السينمائي” ، وقول، وهو يرتدي تنورة نسائية، بأنه يقدم فيلمه كابونيݣرو، في تحد للمجتمع كله ! وأنه يعتز بشذوذه ! ) . وللتذكير أيضا، في هذا السياق، فقد سبق، قبل شهور فقط، أن تم استقدام شاذ جنسيا يشتم الشعب المغربي وملك المغرب بأقذع النعوت . و بدل محاسبته على التطاول على المغرب شعبا ووطنا ودولة، تم تكريمه وتنظيم ندوة صحفية له وقدمت له هدية عبارة عن سلسلة ذهبية .. ) !!!

*وزير الأوقاف .. والدولة علمانية .. لا بأس من أن يدبر اليهود الصهاينة أوقافنا* !

أما وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، ففضلا المشهد المفارق في تصريحه الغريب الذي أثاره الأستاذ أوريد وكان الحدث هذه الأيام عندما قال إن الدولة المغربية علمانية، فقد كان له رصيد لا يجاريه فيه أحد في هذه المفارقات منها عذره الأقبح من الزلة في قضية اليهودي الصهيوني الذي يدبر ممتلكات الأوقاف الإسلامية بنظارة العاصمة الرباط وسلا ( جوابه على سؤال البرلمانية نبيلة منيب في الموضوع ) . والأسوأ في كل هذا هو أن هذه المواقف للوزير دفع الحاخامات اليهود الصهيانة يتوقحون على العقيدة ورموزها حتى أن الحاخام اليهودي الصهيوني المدعو أبراهام غولن يصل به الأمر إلى الادعاء بأنه ينتظر تعييناً ملكياً لإدارة شؤون الزكاة في المغرب ! وكذا بما يسمى الحاخام الأكبر يتبختر في جامع القرويين ويختار المناسبة؛ ذكرى مذبحة دير ياسين التي قال عنها رئيس وزراء كيان الاحتلال بيغن : ” لولا مذبحة دير ياسين ما قامت إسرائيل ” !!!

*الدعوة لهدم الأقصى*

في ظل الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى من قبل المستوطنين الصهاينة ووزراء في حكومة نتنياهو، برزت أصوات مغربية مثل المسماة “سميرة بار” … التي تدعو علناً إلى هدم الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم مكانه، في مشهد يعكس انحداراً خطيراً في الخطاب الثقافي والسياسي داخل المغرب؛ بلد رئاسة لجنة القدس.. حيث يزداد المشهد قتامة عندما تابع المغاربة تقارير المرصد المغربي لمناهضة التطبيع حول الدعم العمومي لهذه “المتصهينة_تلموديا” من خلال إدارتها للعلاقات العامة لما يسمى منتدى ريادة الأعمال في مراكش الذي حظي بدعم بالمال العام و حضور “لوݣو” وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في ملصق النشاط الذي احتفى ب”إسرائيل” كضيف شرف في شخص الضابط الصهبوني من حزب الليكود المدعو ” كعيبة”، الذي شتم المغاربة بوصفهم بأنهم “ليسوا بشرا” بسبب دعمهم الشعب الفلسطيني في طوفان الأقصى ضد حرب الإبادة الجماعية، والذي جيء به، قبل أسابيع فقط مسؤولا ” ساميا في ما يسمى البعثة الدبلوماسية الصهيونية بالمغرب !!!.

..و تلتحق بهذه الكائنة، في سياق نفس المفارقات، واحدة أخرى تدعى هدى بلقاضي الحلوي.. التي تحظى برعاية واحتضان المستشار الملكي أندريه آزولاي.. بينما هي توجه الشتائم للمغاربة وللجالية المغربية في هولندا ( بعد ملحمة أمستردام) و تدعو الى تعظيم “اسرائيل” و مناصرتها … وإلى الإسراع في بناء الهيكل بالمسجد الأقصى … الخ

*التطبيع مع الإرهاب .. والرسول ص صهيوني* !!!

ولا يمكن إغفال مشهد آخر يتجسد في ظهور شخصيات مغربية تُعلن دعمها العلني للإرهاب الصهيوني وتحتفل مع قادة عسكريين صهاينة، مثل يوسف أزهاري رئيس فرع ما يسمى جمعية “شراكة ” التي يرأسها رئيس كيان الاحتلال الصهيوني شخصيا إسحاق هرتسوغ، وفيصل مرجاني مسؤول ما يسمى جمعية “تعايش” ، الذي يعلن ويفتخر بماسونيته وقيادته أحد المحافل بالرباط في نفس الوقت الذي يقدم فيه خدمات تواصلية و اختراقية لفائدة مكتب الإتصال الاسرائيلي بالرباط، والمدعو جاكي كادوش الذي يقدم نفسه رئيس الطوائف اليهودية في مراكش وآسفي … هؤلاء وغيرهم يتباهون بإهانة العلم الوطني عبر الرقص به إلى جانب علم الاحتلال، وفي حضور ضباط جيش الاحتلال المسلحين، مدّعين أن ما يقومون به يتم بعلم ومباركة الملك !!!

*الخلاصة : أنوميا المجتمع المغربي*

هذه المفارقات وغيرها تُشير إلى أننا أمام حالة من الأنوميا، حيث تضيع القيم، ويتفكك الرابط الاجتماعي، وتسيطر قوى خارجية وداخلية على المشهد، بما يخدم أجندات تتعارض مع هوية الشعب المغربي وتطلعاته.

إن هذه السريالية السياسية والثقافية لم تعد مجرد حالات شاذة، بل أصبحت سمة من سمات المشهد المغربي، حيث، لا يقتصر هذا النوع من الأنوميا على سيادة الفوضى وانعدام المعايير، بل يسود فيه المنطق المقلوب حيث يُطبع مع العدو الصهيوني على حساب القضايا الوطنية والروحية، وحيث يصبح التطبيع مع الاحتلال والإبادة الجماعية وطنية، والعمالة وجهة نظر، والوقوف في وجه الاحتلال الإسرائيلي جريمة لا تغتفر .

*آخر الكلام*

مقال السيد حسن أوريد الأمس (أول أمس الاحد 2 دجنبر 2024)، وقد كان رجل دولة من الصف الأول بلغ فيه منصب الناطق باسم القصر الملكي، هو، في رأينا، ناقوس خطر آخر سبق، في الواقع، أن قرعه، قبل أن يستفحل الأمر ويستحيل إلى ما نحن بصدده اليوم، عندما تحدث عن سيادة “المافيات فوق دولتية التي تأمر فتطاع ” !

فهل نحن أمام مشهد سياسي وثقافي يمكن إصلاحه، أم أن المغرب يتجه نحو مزيد من الفوضى والأنوميا القيمية التي قد تؤدي إلى انهيار الهوية والمبادئ؛ أي إلى السقوط ؟

لا قدر الله !

يا لطييييييف !
———————-
× باحث في علم الاجتماع السياسي

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M