كنائس سرية بالدار البيضاء.. من يعبث بالوحدة الدينية للمغاربة؟

13 يوليو 2025 10:16

هوية بريس – د.يوسف فاوزي

الناظر في تاريخ المغرب بعد الفتح الإسلامي لن يجد صعوبة في فهم الوحدة الدينية التي قام عليها هذا البلد المبارك؛ وهو دين الإسلام الذي كان ولا يزال دين المغاربة كافة قيادة وشعبا؛ وتحت راية هذا الدين قاوم المغاربة الاستعمار الفرنسي الغاشم؛ وهو الاستعمار الذي تنبه إلى خطورة العقيدة الإسلامية؛ فقام برعاية حملة تنصيرية للمغاربة؛  محاولا من ورائها الفتك بهذه الوحدة الدينية الصلبة؛ ولذلك أحدث ما سمي بالظهير البربري للفصل بين العرب و الأمازيغ بعد أن جمع الإسلام بينهم؛ وكانت من مظاهر هذه الحملة أيضا بناء كنائس في مدن مغربية مختلفة؛ وهي -حسب تبرير السلطات الاستعمارية-.

دور عبادة للفرنسيين المقيمين بالمغرب؛ غير أنها كانت في نفس الوقت مراكز تنصيرية لنشر النصرانية وسط المغاربة؛ عن طريق أنشطة خيرية تستغل فاقة المغاربة بسبب الاستعمار الفرنسي لبلادهم.

وبعد الاستقلال ظلت هذه الكنائس دورا للعبادة خاصة بالمقيمين الأجانب النصارى فقط؛  من باب فسح المجال لغير المسلمين في ممارساتهم الدينية؛ وفي نفس الوقت شدد القانون المغربي على عدم جواز تغرير المسلم لتبديل دينه؛ حيث جاء في الفصل 220  من القانون الجنائي ما نصه: (يعاقب القانون الجنائي المغربي بالسجن من ستة أشهر إلى ثلاثة أعوام لكل من استعمل وسائل إغراء لزعزعة عقيدة مسلم أو تحويله إلى ديانة أخرى، وذلك باستغلال ضعفه أو حاجته إلى المساعدة).

إن هذا القانون يظهر بشكل جلي جريمة تغيير الدين وهو ما عبر عنه الشارع الحكيم بمصطلح (الردة)؛ قال سبحانه: (وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)؛ ولنا أن نتساءل لماذا شدد الإسلام في هذا الأمر؟؟!! الجواب: الردة عن الإسلام مفسدة للفرد والمجتمع؛ ومن أبرز مفاسده تفريق المجتمع وإشاعة العداوة والبغضاء بين أفراده؛ لأن الدين عقيدة تجعل الولاء فوق كل اعتبار؛ فكان لزاما حفظ مقصد الدين من العبث.

إن السماح بفكرة فتح كنائس جديدة بالمغرب تعتبر خطوة متهورة في اتجاه زرع الطائفية المقيتة بين المغاربة؛ وتمهيدا لحرب دينية سيكون لها الأثر السلبي الكبير على البلاد والعباد.

فليست الفكرة مجرد الترخيص لمقر كنسي قصد تنظيم ممارسة دينية؛ بل الخطير في الأمر أن هذه الكنائس ستكون أداة ناعمة في تنصير المغاربة وزعزعة استقرارهم الديني؛ والاجتماعي؛ وخير دليل على هذا الفوضى التي تسببت فيها مؤخرا ممارسات بعض الفئات المهاجرة عند فتحها لكنائس عشوائية ببعض الأحياء السكنية بالعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء؛ مفسدة على السكان راحتهم ودينهم.

ولاستغلال هذا الحدث تحاول بعض الفئات الشاذة رفع صوتها مطالبة بفتح كنائس رسمية جديدة؛ بدعوى التنظيم وتجنب الفوضى!؛ ولنا أن نتساءل: ولماذا لا يمارس هؤلاء طقوسهم في الكنائس الرسمية الخاصة بالبعثات الأجنبية؟! علما أن هذه الكنائس تظل فارغة في أغلب السنة ولا يرتادها حتى النصارى الأجانب!

الخطورة في هذه الدعوة هي التمهيد كما قلت لإعادة بناء الخريطة الدينية للمغاربة؛ وزرع كيانات شاذة عنهم؛ ستنمو مع مرور الوقت؛ ويكبر معها  أتباعها حتى تصبح طائفة قوية تطالب بحقوق أخرى؛ فاليوم المطلب هو فتح كنائس جديدة مرخصة؛ وغدا المطالبة بتعديل القانون الجنائي المغربي فيما يتعلق بتجريم الردة عن الإسلام؛ وبعد غد المطالبة بمدونة أسرة مغربية نصرانية على غرار المدونتين المسلمة واليهودية؛ وبعدها المطالبة بتعديل الدستور وجعل النصرانية هي الأخرى دينا رسميا؛ وبعدها سيأتي مطلب الحق في الظهور الإعلامي والتبشير بشكل رسمي وقانوني؛ وإذا ما تحقق هذا فعلى المغرب والمغاربة وإمارة المؤمنين السلام.

يجب على الدولة اليوم ممثلة في أجهزتها المختصة محاربة هذه الجرثومة السرطانية الخطيرة؛ والتصدي لها ولغيرها بحزم؛ فالوحدة الدينية بإمارة المؤمنين صمام أمان؛ وخط أحمر؛ تجاوزه يعني القضاء على استقرار هذا الوطن؛ والله غالب على أمره…

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
14°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة