قال العلامة إدريس الكتاني في حوار له مع صديق له من رجال حزب الاستقلال، وكان الكتاني يعتب على صديقه هذا تأييده إقامة حكم لا ديني في البلاد ويقول له:
كنت آخر شخص يمكن في نظري أن يؤيد اللادينية في الحزب؛ لما أعرفه من تربيتك الإسلامية وغيرتك الدينية، وكم يؤلمني أنك سايرت القافلة..!
قال الاستقلالي: أي خطر في اللادينية؟
إنها شيء ينسجم مع الديمقراطية التي نؤمن بها، والإسلام نفسه لم يعارض في منح المواطنين – بقطع النظر عن أديانهم- جميع الحقوق المدنية على قدم المساواة، كما هو الحال في مصر، وهذا ما نريد أن يتحقق في المغرب أيضا.!!
قال الكتاني: إنك تناقض نفسك؛ فمصر التي تحتج بها دولة إسلامية أثبتت في دستورها الملكي القديم والجمهوري الجديد، المادة التي تنص على أن ” دين الدولة هو الإسلام ” وهذه حجة عليك تثبت أن الدولة الإسلامية لا تحرم أي مواطن من حقوقه المدنية ولا السياسية كما هو الشأن عندنا اليوم في المغرب حيث لا نزال -بحمد الله- دولة إسلامية.
على أن اللادينية ليست كما فسرتها؛ فهي أخطر من ذلك؛
إذ هي الفصل بين الدين والدولة؛ أي تجريد الدولة بجميع مؤسساتها من كل صبغة دينية، هذا إذا لم تقع محاربة الدين علنا كما حدث في تركيا -أو مداراة كما يحدث في البلاد الإسلامية المنكوبة بحكم مدني صفيق-.
وهذا الفصل إذا كان له ما يبرره في الدول المسيحية فالأمر بخلاف ذلك في الإسلام.
قال: ولكننا لا نفهم اللادينية هكذا، ولن نطبقها بهذا الشكل.
قلت: هذه هي اللادينية كما يفهمها السياسيون وتطبقها الحكومات اللادينية في العالم، ولن يغير من هذه الحقيقة أنك تفهمها بشكل متواضع.
قال: إن الأمر يعنينا نحن لا غيرنا، وعندما يحين وقت تطبيقها سنفسرها نحن كما نفهما ونطبقها حسب مصالحنا!
قلت: في ذلك الوقت لن تسأل أنت عنها؛ فالذين أوحوا بها لا يجهلون حقيقتها وأهدافها البعيدة، واعتراضك أو تأويلك يومئذ سيكون متأخرا عن وقته.
فالسيد عبد القادر بن جلون يوم أعلن [لا دينية حزب الشورى والاستقلال] للصحافة في -إيكس ليبان- لم يستشر الحزب في ذلك.
ويوم يصبح في الحكم ويستطيع فرض النظام اللاديني على الدولة لن يستشير الشعب المغربي، ولن يأخذ رأيك في الموضوع.
قال: إن الذي دفع الأستاذ ابن جلون لتصريحاته في -إيكس ليبان-؛ هو الرغبة في كسب عطف اليهود في وقت كنا فيه محرومين من كل شيء في بلادنا.
فهي للاستهلاك الخارجي فقط.
قلت: هكذا ظننت يومئذ؛ ولكن حرص ابن جلون على نشر هذه التصريحات في جريدة ”مارك بريس” بالمغرب ماذا كان يعني؟
قال: ليطلع عليها يهود المغرب.
قلت: ومسلموه أيضا في نفس الوقت؛ فهل يصح أن نقول أيضا أنها للاستهلاك الخارجي فقط؟
وتسري اللادينية بعد ذلك إلى مبادئ الحزب وصحافته، ومحاضرات قادته، وتوجيهاتهم وسياستهم.
رغم استقلال المغرب، وزوال أسباب التملق والتقرب، هل كل ذلك لمجرد الاستهلاك الخارجي أيضا؟!!!
والذي حدث في المغرب على شاطئ الأطلسي صورة تشبه ما حدث في كل الدول الإسلامية حتى شاطئ المحيطين الهندي والهادي..
لقد خرج الاستعمار العسكري تاركا وراءه خطة دقيقة لإقصاء الإسلام عن ميادين الحياة العامة جمعاء..
فالدولة لا تأذن لشريعته بدخول المحاكم، ولا لفقهه وتربيته بدخول المدارس، ولا لصبغته وشعاراته بالظهور في اتجاهاتها الداخلية والخارجية ..
والتقاليد في البيت والشارع لا تلتفت لحلاله، ولا لحرامه، ولا تكترث بفرائضه أو نوافله!!
ربما استبقيت بعض المساجد لمن شاء أن يزورها..
ومن لا يرد فلا حرج عليه من ترك الصلاة ونسيان الله!!
من كتاب “المغرب المسلم ضد اللادينية” للأستاذ العلامة إدريس الكتاني.
لله در العلامة إدريس الكتاني، كم كان نظره ثاقبا، فقد وقعت الأحزاب الوطنية في شراك العلمانية اللادينية فرأينا رؤساء بعضها يطالبون بإعادة النظر في أحكام المواريث وىخرون يدعون إلى التطبيع مع الفاحشة، وتمادى الأمر ببعض الأحزاب المفبركة أن صرح كبيرها أنه جاء لمحاربة أسلمة المجتمع المغربي وقد جعل مشروعه الأثير تقنين زراعة المخدرات. هذا ما طفا على صفحات الوجوه وفلتات الألسن وما تخفي صدورهم أخطر والأيام المقبلة سوف تكشف المستور.
لله در العلامة إدريس الكتاني، كم كان نظره ثاقبا، فقد وقعت الأحزاب الوطنية في شراك العلمانية اللادينية فرأينا رؤساء بعضها يطالبون بإعادة النظر في أحكام المواريث وىخرون يدعون إلى التطبيع مع الفاحشة، وتمادى الأمر ببعض الأحزاب المفبركة أن صرح كبيرها أنه جاء لمحاربة أسلمة المجتمع المغربي وقد جعل مشروعه الأثير تقنين زراعة المخدرات. هذا ما طفا على صفحات الوجوه وفلتات الألسن وما تخفي صدورهم أخطر والأيام المقبلة سوف تكشف المستور.