تجرح عيناي وتدمع، ويُؤلمني ما أرى وأنا أجول بهما في هذا المجتمع المغربي الغريب المريب!
لأن التأمل في واقع مجتمعنا وتحليل ظواهره يبعث على الاستغراب والعجب العجاب؟
كما يثير الألم والإحساس بالإحباط واحتقار النفس، إِن على المستوى الفردي او المستوى الشعبي العام او المستوى المسؤول!
لقد قيل ويقال: إن من ثوابت هذا البلد واختياراته التاريخية الدينية (المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف السني وإمارة المؤمنين) لكون هذا المربع يمثل اختيار الوسطية والاعتدال؟؟
ودون ان نناقش دعوى هذا الاختيار أو صحته من الناحية العلمية، وهل اختاره المغاربة -بعد أن فهموه وفهموا خلفياته الفلسفية، وظروفه التاريخية التي أقرته- أو اختير لهم، ومع التسليم أو الاستسلام لهذه المقولات والأطروحات حتى دون تمحيص أو نقد او موازنة أو مفاضلة بينها وبين غيرها من الأطروحات والمذهبيات .
– لا بد أن نطرح سؤالاً يسبب يقظة الضمير أو حتى الإزعاج والانزعاج (لا بأس).
هل حقا المغرب اليوم (دولة وشعبا ومؤسسات وتشريعات وقوانين وسلوكات وممارسات) له صلة عملية سلوكية بهذا المذهب المفترى عليه أو هذه العقيدة الأشعرية المدعاة أو السلوك الصوفي الصافي غير المشوب، أو إمارة الإيمان الذي يستقر في القلب وتصدقه الأعمال؟؟
– إن العاقل الذي يحترم نفسه وتاريخه وثقافته -سواء أكان فردا أو مؤسسة أو دولة- هو الذي يحسب للكلمة أو الدعوى ألف حساب، ويخاف من إدانة الضمير والتاريخ وسخرية الشعب ومقت رب العباد.
– لسنا ندري – ونحن نجول في المغرب ما هذا الذي يملأ بصرنا وسمعنا وأنوفنا وحتى أدمغتنا؟!
– ما هذا الذي نرى من حال مؤسساتنا العلمية الوصية على حمى الدين وهي إلى الموت اقرب منها إلى الحياة! وضع سلبي، فهم ضعيف، موقف خجول شار د لا يدفع رياح العلمانية والتغريب والتفسيق في هذه الدنيا، بله ان يزحزح في الآخرة بشفاعته عن النار.
– نرى إعلامنا / تلافيزنا – أقرب إلى دور دعارة منها إلى مؤسسة التوعية والتربية والتثقيف المنتج المهذب البناء.
– نرى مؤسساتنا الاقتصادية الربوية تمتد (أخطبوطيا) في المجتمع وتلف اذرعها عليه وهي محروسة مهابة، لان لسادة البلد وحماتها فيها نصيب!
ترى الخمور تجري بها الشحنات في الليل والنهار تحفها اللعنة، بدعوى إعدادها لغير المسلمين!. ولقد لعن حماتها وباعاتها وغراس كرومها والمرخصون لها، لعنوا مرتين، مرة على لسان الرسول الكريم، ومرة على لسان المختصين الذين اثبتوا بالإحصائيات ان عدد القنينات المشروبة في الشهر الواحد اكثر من عدد السائحين! الوافدين الذين يُتستر بهم لترويج هذا المشروب الخبيث اللعين. الا ان يقصدوا بغير المسلمين ابناء المغاربة أجمعين، وحاشاهم، ولعنة الله على الذين (يبغونها عوجا).
نرى شوارعنا تموج وتعج بشباب وشابات بعضهم ضال وبعضهم مضلل مستلب مسلوب. تعد لهم السجون اكثر مما تعد لهم مراكز الرعاية ودور الثقافة والمكتبات، ومراكز التوجيه.
نرى مهرجانات يرعاها الكبار ويدعمها الكبار ويخطط لها الكبار ويهندسها الكبار ويحضرها الكبار من مهرجان تكشف بها عورة الساقطات على الشعب المغربي العفيف، الى مهرجان (شاكيرا) التي تنشر السفه على أبناء عبد الكريم الخطابي. وطارق ابن زياد وإدريس الاول. ومولاي علي الشريف وعبد السلام بن مشيش والمختار السوسي وفاطمة الفهرية أم البنين، إلى مهرجان باسم وعنوان (الولي الصالح)! الذي يقيمه المشعوذون وديدان القرءان بتمتمات ودعوات كتلك التي كان يرددها الرهبان على عتبات الفراعين.
مهرجانات الإلهاء والإلغاء.
الإلهاء عن الإحساس بتعب الحياة وتسكين جراحها.
والإلغاء للذاكرة وطمسها حتى تمسخ وتفكر بالقلوب.
لسنا ندري -وان كنا ندري- عن أي مذهب يتكلمون؟
لسنا ندري -وان كنا ندري- عن أي سلوك صوفي سني يتغنون؟
– إن القرءان في الصدر الأول أنتج الجيل الفريد الذي عرفه الأعداء وعلى رأسهم الكياسرة والقياصرة ونابليون.
– وإن التلمود والتوراة -اليوم- على تحريفهما أنتجتا إسرائيل القوية الديمقراطية وعلى رأسها بنكوريون.
– وإن الكتاب المقدس -على تزويره- أنتج لويس، وهتلر وجورج واشنطن وديكول وعلماء السوربون، أما مذهب مالك وما تلاه، فمقولة مغشوشة يفضحها الواقع وتكشفها الأيام:
وخير من أن نستمر في مسلسل التضليل، لا بد أن تفتح أعيننا على الواقع دون مخادعة لنجيب على السؤال الصارخ المقلق: (كيف يمكن لمذهب الوسطية والاعتدال أن يفرز سلوك الوقاحة والاعتلال)؟؟
سؤال يجيب عنه حماة هذا المربع المظلوم. عساهم أن يصححوا الأوضاع قبل فوات الأوان – قبل أن تعاملنا الأقدار بما تعامل به من أُمروا ففسدوا فحق عليهم القول فدمروا تدميرا.