كيف يتم هدم مرتكزات الإسلام؟

14 أكتوبر 2025 08:07
النظريات الفلسفية الثلاث التي أطرت القراءة المعاصرة للقرآن عند الدكتور محمد شحرور

كيف يتم هدم مرتكزات الإسلام؟

هوية بريس – د.أحمد الشقيري الديني

المتابع للحركة التحريفية للإسلام لا يجد صعوبة في كشف أهداف وآليات اشتغال هؤلاء المتطفلين على مائدة القرآن..

ذلك أن هذا الدين يقوم على ثلاثة مرتكزات: القرآن ثم ما صح من السنة النبوية ثم أهل الذكر. فإذا تم نقض هذه المرتكزات فقد تم هدم الدين..!

المرتكزات الثلاثة التي يقوم عليها الدين

1) القرآن: لا خلاف حوله باعتباره يشكل العمود الفقري لدين الإسلام قال تعالى: (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) وقال تعالى: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)، ثم هو يحيلنا على المرتكزين الآخريين؛

2) السنة النبوية: فنقرأ من التوجيهات القرآنية للاعتناء بالسنة النبوية عشرات الآيات مثل قوله تعالى (قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) أيضًا قوله تعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) وقال سبحانه (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)

وقال جل جلاله:(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)

أما من صحيح السنة فقد ثبت عنه في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: (من أطاعني فقد أَطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله)

وفي صحيح البخاري عنه أن النبي ﷺ قال: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى! قيل يا رسول الله: ومن يأبى؟ قـال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى).

وعن الحسن بن جـابر قال: سمعت المقدام بن معدي كرب يقول: حرم رسول الله ﷺ يوم خـيبر أشياء ثم قال: (يوشك أحدكم أن يكذبني وهو متكئ يحدث بحديثي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنـا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله) أخرجه الحاكم والترمذي وابن ماجه بإسناد صحيح.

بل تواترت الأحـاديث عن رسول الله ﷺ بأنه كان يوصي أصحابه في خطبته أن يبلغ شاهدهم غائبهم ويقول لهم: (رب مبلغ أوعى من سامع)!

فهذا يفيد العلم القطعي بأن اتباع السنة مثل اتباع القرآن، ومن كفر بالسنة فقد كفر بالقرآن؛ فهو كمن يشهد ألا إله إلا الله ولا يشهد أن محمدا رسول الله؛ فهذا لا حظ له في الإسلام باتفاق أهل القبلة..

قال الإمام السيوطي رحمه الله في رسالته المسماة “مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة” ما نصه:

(اعلموا رحمكم الله أن من أنكر أن كون حديث النبي ﷺ قولًا كان أو فعلًا بشرطه المعروف في الأصول حجة فقد كفر، وخرج عن دائرة الإسلام وحشر مع اليهود والنصارى أو مع من شاء الله من فرق الكفرة).

3) أهل الذكر: ىأما المرتكز الثالث الذي يقوم عليه هذا الدين فهو تفسير أهل الاختصاص في الشريعة لنصوص القرآن والسنة واستنباط الأحكام الشرعية منهما، فليس كل واحد يستطيع استنباط الأحكام منهما ما لم يتمكن من أدوات التدبر والفهم السليم للنص الديني؛ قال تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۖ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) وقال سبحانه ( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ) ومعنى يستبطونه أي يستخرجونه..

4) كيف يشتغل التحريفيون على هدم مرتكزات الإسلام؟

اشتغل التيار التحريفي على التشكيك أولا في مصادر السنة النبوية من خلال إثارة شبهات واهية حولها لا تصمد أمام النقد العلمي، مثل زعمهم أن البخاري لم يظهر إلا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بقرنين من الزمن، وكأن الإمام البخاري هو أول من اعتنى بجمع السنة النبوية! لكن هم يستهدفون فئة من الشباب المعتكف على وسائط التواصل الاجتماعي ويعلمون أن بضاعته من العلم محدودة؛ فهو جيل لا يسمع إلا بالبخاري ومسلم، وأن كتابيهما أصح الكتب بعد كتاب الله، فإذا اهتزت ثقته بهما فإنه يشك في السنة كلها؛ وبعدها يسقطون ثقتهم بشراح النص الديني المستنبطون لأحكامه فيقولون: أولئك قوم اجتهدوا لعصرهم ونحن في عصر عرف تحولات كبيرة وتطورا في شتى المجالات فلم تحصروننا في فهم عصر كانت الحياة بسيطة لا تعرف تعقيدات زماننا؟!

فلما شعروا بأن ثقة جيل “الديجيتال” اهتزت تجاه المرتكزين الشارحين للقرآن أي السنة والعلماء؛ قدموا هم قراءتهم النص القرآني تحريفا لنصوصه ومراد الله منها كما فهمه كبار الأئمة؛ فحرفوا معانيه لما عجزوا عن تحريف ألفاظه وتغييرها..! فجاؤوا بالعجائب، فقدموا على سبيل المثال ما يسمونه “الصلاة القرآنية” بديلا عن “الصلاة الحركية” التي نعرفها بالقيام والركوع والسجود..إلخ

فما هي “الصلاة القرآنية” ؟!

يقول كبيرهم ياسر العدرقاوي وارث سر شحرور: الصلاة التي تحدث عنها القرآن لا علاقة لها بما ورثناه جيلا عن جيل بهذه الهيئة من قيام وركوع وسجود، بل هي كل صلة تصلك بالناس: فإذا كنت في اجتماع إداري أو حفل أو عزاء أو زيارة أصدقاء، فأنت في صلاة، ويلزمك ألا تكون سكرانا لأن الله يقول (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) وألا تكون جنبا لقوله تعالى (ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا)؛ والجنب عند الشحروريين هو المتسخ أو من به رائحة كريهة، فهذا يجب عليه الغسل قبل لقاء الناس والاجتماع بهم لأنه في صلتهم يكون في صلاة، و مبطلات الصلاة بزعمه أمران لا ثالث لهما : السكر والتعفن الناتج عن السفر أو أي عمل يسبب التعرق أو الاتساخ، ولا علاقة له بخروج المني؛ ويسترسل هذا الجاهل بالقول أن فاقد الماء للغسل يتيمم صعيدا طيبا، بمعنى يمس الطيب لتغيير رائحته الكريهة فيدخل على الناس وهو طاهر لأنه حينها يكون في صلاة..ومثل هذا الهذيان الذي يقول عنه هذا الدجال تدبر للقرآن وتجديد للفهم..!

فهل يستحق مثل هذا الشرح لنصوص القرآن أن يلتفت إليه؟!

قال تعالى ( فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ؛ إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا).

وتبث في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( إنَّ اللهَ لا يقبضُ العلمَ انتزاعًا ينتزعُهُ منَ النَّاسِ ، ولَكن يقبضُ العلمَ بقبضِ العُلماءِ ، حتَّى إذا لم يترُك عالمًا اتَّخذَ النَّاسُ رؤوسًا جُهَّالًا ، فسُئلوا فأفتوا بغيرِ عِلمٍ فضلُّوا وأضلُّوا).

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
17°
19°
السبت
19°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة