لا انتصار على بني إسرائيل إلا بالحقائق القرآنية
هوية بريس – ذ. علي قاسمي
يجب على حُكَّام المسلمين أن يعتمدوا على الحقائق القرآنية في معاركهم مع بني إسرائيل، وأن يجاهدوهم بآيات الله جهادًا كبيرًا إن أرادوا الانتصار على عدوهم، وأن ينظروا في الأحداث الدائرة في فلسطين بمنظار القرآن، وأن يَزِنوا الأمور بميزان القرآن، وأن يُقَيِّموا دولة إسرائيل بتقييم القرآن، فإذا ما فعلوا ذلك فسيَرَوا الأمور على طبيعتها وحقيقتها، وسيبصرون معالم طريقهم، ومواضع خطواتهم، وسيدركون القرآن إدراكًا حيًا واقعيًا، عمليًا جهاديًا، وسيضعون أيديهم على مظاهر عجيبة من الإعجاز الحركي لهذا القرآن العظيم.
فقد تحدث القرآن عن حقيقة اليهود في سور وآيات كثيرة، وبين مكرهم وخُدعهم في تاريخهم القديم والوسيط والمعاصر والمستقبل.
إنه من الواجب على الموحدين حُكَّاما ومحكومين أن يعودوا إلى نصوص القرآن التي تكشف وتُعرِّي طبيعة بني إسرائيل، وأن يتعاملوا معهم بالميزان الإلهي الصادق، -لأن هذا كلام الله عز وجل (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا) [النساء: 122]، (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا) [النساء: 87]-، لا بميزان المحللين السياسيين في القنوات الفضائية والإذاعات وعلى الشبكة العنكبوتية، ولا بمنظار الواقع الذي يمر به الشعب الفلسطيني من التقتيل والتشريد والأسر وغير ذلك من ألوان العذاب.
إن النظر في كتاب الله واليقين في آياته يجعل المؤمن صامدا في حربه الطويلة والمستمرة مع بني إسرائيل لأنه يراهم على حقيقتهم وطبيعتهم وغطرستهم، ولكنه واثق بأن هذه فترة قصيرة من فترات دولة بني إسرائيل وأنّ سنة الله ستتحقق فيهم، وأن وعد الله سينفذ فيهم، وأن حكم الله منطبق عليهم.
إن الخوف والرعب من أهم صفات اليهود الذين عاصروا سيدنا موسى عليه السلام كما أخبرنا القرآن بذلك، فرغم مشاهدتهم لآيات الله الخارقة تتنزل عليهم إلا أنها لم تغير شيئا من جبنهم وحرصهم على الحياة (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ) [البقرة: 96]، وهذه السمات ورثها الأحفاد عن الأجداد، فهي تنسحب على كل الأجيال إلى أن يشاء الله غير ذلك.
ومظاهر القوة والغطرسة والكبرياء التي نراها اليوم ونسمعها على ألسنة بني إسرائيل ما هي إلى بحبل من الله وحبل من الناس (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ) [آل عمران: 112]، وحبل الله إليهم: هو سنته وحكمه، وإرادته وتقديره. وحبل الناس إليهم: هو مساعدتهم لهم، أو خضوعهم لهم، فحبل الناس ممدود إلى بني إسرائيل، فأمريكا تمدهم نهارا جهارا بحبال القوة المادية والاقتصادية والعلمية والعسكرية، والدول العربية تمدهم بالسكوت عن الجرائم المرتكبة، وتقوم بمحاربة وسجن المعادين لدولة إسرائيل، بل هناك من رضي أن يكون أداة في يد اليهود، وجنديا لهم بين المسلمين.
إن دولة إسرائيل بقيادة «بنيامين نتنياهو» منتفشة ومتغطرسة لأنها تواجه حُكّاما مصطنعين ومستبدين وُضعوا قسرا على رقاب الشعوب لقهرها وتدجينها لصالحهم، ولكن العصبة المؤمنة بأكناف بيت المقدس لوحدها استطاعت أن تَرُدّ الصهاينة إلى حجمهم الطبيعي رغم الحصار البري والبحري والجوي.
إن بني إسرائيل يرهبون المقاومة أشد مما يخافون الله، ويحسبون لها كل حساب، ولهذا يحرصون على إطالة أمد الحرب رغبة في إضعاف المجاهدين والقضاء على مقدراتهم، ولكن إرادة الله أقوى وأبقى.
وجنود بني إسرائيل لا يملكون الشجاعة والرجولة ليقاتلوا المجاهدين مواجهة في الميدان، بل يتحصنون وراء الدبابات والمدرعات المنيعة، ويقصفون بالطائرات والصواريخ والأسلحة المتطورة المتقدمة، وهذه طبيعتهم (لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ) [الحشر: 14].
ولقد شاهدنا التفسير الواقعي لآيات الله، وكيف يقاتل جنود اليهود خلف هذه الأسلحة، فإذا انتهى دورها وتعطل مفعولها بضربات رجال المقاومة، وانكشفت خطة العدو ولوا الأدبار.
إن دولة إسرائيل حققت هذه الانتصارات الوهمية لأنها لم تجد في الأمة العربية حُكّاما رجالا ربانيين، وإنما وجدت حكّاما قطعوا صلتهم بكتاب الله وبربهم وبدينهم، والأمل في المقاومة ورجالها المجاهدين، هم وحدهم المرشحون المختارون لأن يكونوا ستارا لقدر الله، وأداة في يد الله يُنهي بهم الكيان الصهيوني، ويتحقق وعد الله (وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ) [الحج: 47].
وإن حاخامات اليهود يؤمنون بهذه الحقيقة، ويعلمون أن نهايتهم على أيدي المؤمنين الصادقين، ولذلك يسلطون أعوانهم ويمدونهم بالأموال والخبرة للقضاء على جند الله وأبناء البعث الإسلامي (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [الأنفال: 30].