لا يدافع عن الدين من لا يدافع عن الدولة..

04 يوليو 2023 17:13
ما حقيقة تصنيف جامعة هارفارد القرآن الكريم كأفضل كتاب للعدالة؟

هوية بريس- محمد زاوي

الدين نظام للحياة، شريعة لتحقيق المصلحة، منها العاجل (الدنيوي) ومنها الآجل (الأخروي). هو أصل الدولة وأساس عقيدتها وفكرتها، كما أنه الأفق الأرحب لكل دولة في علاقتها بالعالم. مزيج بين اللاتاريخ والتاريخ، وفي هذا الأخير يلتقي الدين بالدولة.

الذين لا يدافعون عن الدولة يرفضون التجسيد التاريخي للدين والطريق التاريخي لأفقه الأرحب، يرفضون النظام في حياتهم الخاصة كما يرفضونه في حياتهم العامة. يدافعون عن “الدين” ليس كدين، ولكن كسلوك ما قبل ديني، فوضوي عبثي يتمرد على كل نظام أو قانون.

كيف يخضعون لضرورة الغيب وقد تجاهلوا ضرورات دنيوية هي الأقرب إليهم؟! كيف يخضعون لقواعد الدين وقد أعوزهم وعيهم في فهم قواعد التاريخ وشروطه؟! كيف يقدّرون مقاصد الشارع في أفعال المكلفين وقد أعجزهم تقدير المصالح كما تطلبه أحوال الناس؟!

من لا يعرف التاريخ لا يستطيع أن يعرف الدولة، ومن لا يعرف هذه لا يعرف الدين؛ فكيف سيدافع عنها، وكيف سيدافع عن الدين؟! كيف سيرى الدين في الدولة، وهذه في ذاك، وقد أضاع التاريخ وقواعده؟! كيف سيحافظ على مضمون الغيب، وقد أضاع ما هو إليه أقرب في الماديات، أي منطق التاريخ؟!

إن بعض أطراف اليسار، من العولميين أصحاب الأهواء الليبرالية (في موجتها الأخيرة والأكثر بشاعة)، أتلفوا أداتهم التحليلية فضلّوا طريق النضال السياسي والاجتماعي، فلما حصل لهم ذلك ارتموا في أحضان عولميتين؛ عولمية سياسية من تجلياتها تفكيك شرعية الدولة الدينية، وعولمية ثقافية من تجلياتها تفكيك الدين في أصله.

عيبهم معروف ولا غبار عليه، وما يثير في الموضوع هو إسلاميون أصبحوا أتباعا لهؤلاء ينفضون عنهم غبار “القراءة الحداثوية للدين”. وما باليد حيلة، فالغطاء منكشف، والغبار جبال! إسلاميون أصبحت لديهم الديمقراطية على النمط الأمريكي أكثر قداسة من القرآن والمصحف! وأصبحت في فكرهم الزائف حقوق الإنسان العولمية أهم من “استراتيجية الإسلام” وحاجة البشرية لحضارته!

وهكذا التحق بركب يسارٍ أضاع أداته التحليلة إسلاميون يضيعون منهجهم في النظر والتأصيل واتباع أولي الأمر؛ تُفرقهم الإيديولوجيا، ويجمعهم الوفاء السياسي للمرجعية العولمية (الليبرالية الغربية) في الديمقراطية وحقوق الإنسان!

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M