لست رافضيا ولا ناصبيا ولا متخاذلا.. كلمة في حق الحسين رضي الله عنه ويزيد بن معاوية
هوية بريس – د.رشيد بن كيران
لست رافضيا ولا ناصبيا ولا متخاذلا… كلمة في حق الحسين رضي الله عنه، ويزيد بن معاوية.
♦ كم أتحاشى الدخول في مواضيع تاريخية وقعت في عهد الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، ذات فتن مدلهمة يشيب فيها الولدان، آخذا بنصيحة ذاك الرجل الصالح الرباني عمر بن عبد العزيز: “تلك دماء طهر الله منها أيدينا فلا نلوث بها ألسنتنا“.
وتتأكد نصيحته أكثر فأكثر في زمن نرى فيه أمة الإسلام في ضعف شديد، متفرقة ممزقة شذر مذر، وأعداؤها المتنوعون عليها يتكالبون، والله المستعان، فكيف يحلو -والحال هاته- الحديث عن أموات المسلمين والاحياء منهم الآن يبادون. اللهم فرج عن اخواننا في السودان وفي أرض العزة والفرقان.
غير أنه تٓحدث بعض الأفاضل عن فتنة مقتل الحسين رضي الله عنه، ولاحظت ميلا غير محمود عند تحرير القول فيها عن منهاج أهل السنة والجماعة، فكتبت هذا المختصر المركز دفاعا عن الحسين المظلوم الشهيد وحبا لآل البيت وصونا لمنهج أهل السنة والجماعة. راجيا من الله عز وجل بهذا التحرير أن أقلل -حسب المستطاع- التصدع الذي قد ينجم عن الابتعاد عن منهج الوسط بين الإخوة من أهل السنة في هذه المسألة، فأقول وبالله التوفيق:
◆ حب آل بيت رسول الله ﷺ دين نتقرب به إلى الله عز وجل، وهي عقيدة المسلمين من أهل السنة الجماعة، وآل بيته عليه الصلاة والسلام هم نساؤه وأولاده، وآلُ عَلِيٍّ، وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ. قاله غير واحد من المحققين من أهل العلم.
◆ معاوية بن أبي سفيان صحابي من جملة صحابة رسول الله ﷺ، وتقدير مكانة الصحابة دين أوصى به النبي عليه الصلاة والسلام. وقتاله لعلي كان خطأ، إلا أنه كان بتأويل واجتهاد، فله أجر الاجتهاد وإن كان من الفرقة الباغية، لكن شرف الصحبة للنبي عليه الصلاة والسلام لم يرفع عنه لأنه لقيه وآمن به ومات على الإيمان، وأن مسمى الإيمان لا يزول عنه بسبب القتال كما قررته سورة الحجرات.
◆ الحسين بن علي رضي الله عنهما ريحانة رسول الله وخير شباب الجنة، عاش حميدا ومات شهيدا. فمن قتله أو ساعد على قتله أو رضي بذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. مقاومته ليزيد بن معاوية كانت للحق وبالحق، غير أنه أخطاء التقدير، وقد نصحه غير واحد من الصحابة بترك الخروج. ومن قال إنه قتل بسيف جده عليه الصلاة والسلام فقد أعظم على الله الفرية وناصب العداء لآل البيت. وإنما قتل الحسين بسيف الظلم وقطع الرحم.
◆ يزيد بن معاوية ليس صحابيا ولم يكن إمام عدل ولا يروى عنه الحديث لانخرام عدالته كما نص عليه الإمام أحمد. أمر بقتال الحسين رضي الله عنه، وهو إن لم يأمر بقتله، فإنه في الوقت نفسه لم يوص بعدم قتله، وقيل إنه لم يرض بجز رأس الحسين وتألم لذلك، والعلم عند الله تعالى.
◆ لم يبارك الله في ولاية يزيد بن معاوية فلم تدم إلا أربع سنوات، في عهد ولايته وقعت فتنة مقتل الحسين رضي الله عنه، وانتهكت حرمة المدينة ومكة بتدبير من عمّاله، ومات بذلك خيار الصحابة والقراء، #فمن لعنه بعينه فله سلف من العلماء كابن الجوزي والكياهراسي وغيرهما، ومن أثنى عليه لكونه يدخل في عموم الجيش المغفور له ولرضا بعض الصحابة على توليته فله سلف من العلماء كالغزالي والدستي وغيرهما، ومن أعلن عدم حبه وكف لسانه عن لعنه وسبه فله سلف من العماء أيضا كالإمام احمد وابن تيمية والذهبي وغيرهم، وهو أعدل الأقوال.
◆ هذه الأقوال الثلاثة آنفة الذكر تدخل في الوسط المعتدل الجامع لموقف أهل السنة والجماعة في مسألة يزيد بن معاوية، ومعيار الاعتدال فيها هو الإتيان بأمرين اثنين: البراءة من تكفيره، وكذلك البراءة من عده وليا من أولياء الله الصالحين، فمن وقع في أحد الأمرين فقد فاته الاعتدال المطلوب وخالف بذلك منهاج أهل السنة والجماعة.
◆ بعد تحقيق معيار الاعتدال، فإن اختيار قول من الأقوال الثلاثة آنفة الذكر في حق يزيد بن معاوية يدخل في دائرة الاجتهاد السائغ، فلا من أثنى عليه ثناء مقيدا كالغزالي كان ناصبيا، ولا من لعنه بعينه كابن الجوزي كان رافضيا، ولا من كف عن سبه وأعلن عدم حبه كالذهبي كان متخاذلا.
♦ وعودا على بدء، فإني أرى المقالة الحكيمة لذاك الرجل العادل:
“تلك دماء طهر الله منها أيدينا فلا نلوث بها ألسنتنا“، خير ما يأخذ به المسلم لينجو من خطورة الحكم على الفتن التي وقعت في عهد الصحابة، وخصوصا إذا كان هذا المسلم من عوام الناس غير مختص في التاريخ ولا يملك الأدوات الشرعية المساعدة في تحميص الأقوال والأحداث.
اللهم فرج عن اخواننا في السودان وفي أرض العزة والفرقان.