لعلهم يتنفسون (حرائق غابات الأمازون)
هوية بريس – ذ. امحمد رحماني
جحظت عينا سعيد في شاشة التلفاز وهو يتابع أخبار حرائق الأمازون ويرى هذه الهَبَّة التي هبتها دول أوروبا –الكافرة- لنجدة البرازيل وعرض كافة وسائل المساعدات اللوجيستيكية والمالية بدون أي مقابل لمساندتها في إطفاء الحرائق على الرغم من صفاقة رئيسها وسخريته من بعض الرؤساء والزعماء إلا أنهم تجرعوا ذلك في سبيل إطفاء هذه النار المشتعلة في غابات الأمازون وكأنها تشتعل في غابات بروسيلياند بفرنسا أو غابات كانتون تيسان بسويسرا أو غابات زايست بهولندا، بينما الدول العربية –المسلمة – لا زالت لحد الساعة غارقة في شعالة عيشة قنديشة ومفرقعات عاشوراء ومسلموها ينتظرون تفوسيخة للاعيشة البحرية لتطوع المرأة عدوها اللدود -عفوا زوجها الحبيب- فتجعله كالحمار يوجه يمينا وشمالا، ويطرق الجاهل -عفوا المثقف- باب العراف النصاب ليطلب منه جْنَاحْ طِيرْ يْتِيم أُو وُذَنْ حْمَارْ طْرَشْ أُو حْلِيبْ نَعْجَة مْطَلْقَة أُو عَيْن بَكْرَة حَوْلَة لكي يترقى في منصبه ويرضى عنه رب عمله.
استغرب سعيد هذه الحالة وتعجب من هذا الفارق فكل العالم يتكلم عن 20% من الهواء مهددة بالاندثار، أي رئة العالم تحترق، بينما العالم العربي لا زال يتابع مباريات الكرة التي لم تجلب إلا الخسران وضياع الأموال في سبيل فرجة ناقصة ذهبت ضحيتها مئات ساعات العمل وعشرات من الكؤوس المكسرة في المقاهي والمطاعم غضبا لرمية عوجاء أو هدف طائع.
ما سبب هذا التغافل العربي لحرائق الأمازون؟ يتساءل سعيد وهو يحاول لملمة أفكاره لعله يجد هنا أو هناك ما يبرر هذا النسيان والتناسي، يفتح القرآن الكريم لعله يقف فيه على هذا التناسي فينسب المسلمين إليه، لكنه يفاجأ بعكس ذلك تماما إذ وقعت عينه على قوله تعالى: (أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون)، فالله يحذرنا من هذا التغافل ويضرب لنا مثالا بنار تأكل الأشجار كما في غابات الأمازون فمن يحب ذلك (أيود أحدكم)؟ يفتح كتب السيرة والحديث لعله يجد فيها ما يفسر له الحالة العربية المتغافلة، لكنه يفاجأ كذلك بما وجده من توصيات نبوية للحذر من النار والفزع لها من أجل إطفائها فيقول: “إن هذه النار إنما هي عدو لكم فإذا نمتم فأطفؤها عنكم“، ويقول: “لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون“.
أهو تغافل أم حمى مجانية الأشياء إذا، لأنه من عادة الناس ألا يقدروا الشيء المجاني، فهذا الهواء المحترق في الأمازون الذي أقام أوروبا ولم يقعدها هو مجاني بالنسبة لكثير من الناس عندنا، بل لا يكاد يتصور الناس أن ينقطع الهواء في يوم من الأيام ويموتون خنقا في الشوارع .
قد تكفي نظرة في التاريخ الأمريكي لفهم قومة اليوم، فليس ببعيد حدث حرائق يلوستون عام 1988 التي ظلت أشهرا ولم يستطع الناس إطفاءها على الرغم من كثرة ما جمعوه لها من المعدات لولا لطف الله بالمطر والبرد القارص، كان لهذه الحرائق أثر كبير في نقصان الأكسجين من المنقطة مما سبب انتشار وتفشي الوباء بسرعة كبيرة، لم يتفطن العلماء للرابط بين الحرائق وتفشي الوباء في المنطقة إلا بعد اكتشاف أن الأكسجين له صفة تطهيرية لكثير من البكتيريات والفطريات المحمولة هوائيا، ولا زال الغربيون ليومنا هذا يُسَخِّرُون أحدث وأذكى الآلات لتتبع عمليات التطهير الهوائي، والمسلم المتغافل يقرأ في ورده صباح مساء (وأرسلنا الرياح لواقح) أي ملقحة ومطهرة، ويجد في تراثه الفقهي أن الناس كانوا يطهرون الآبار من الروائح الكريهة التي بها عن طريق إدارة الهواء داخلها بسعف النخل الطويل.
فإذا قامت أوروبا لحرائق الأمازون فخوفا مما قد يعقبه من كوارث بيئية عظيمة تذهب الأصل الإنساني كله مسلمه وكافره.
من أين هذه الغفلة إذا؟ يتساءل سعيد، لكنه سرعان ما يدرك أنها غفلة عن تلك الآية وهذا الحديث، إنها غفلة عن القرآن والسنة، إنها غفلة عن الدين والشرع بكل ما أوتيت هذه الكلمة من معاني ودلالات، غفلة عن الدين وتضييع لمقاصده التي ذهبت أدراج الرياح، وكأن العرب ينتظرون: “لعلكم تتنفسون” بدل “لعلكم تتفكرون“.
طائر يتيم وحمار اطرش ونعجة مطلقة وبقرة حولاء ، اصحكتنا يا شيخ ، شكرا على المقال المتميز
فعلا مقالات تبني الفكر الانساني
جازاك الله خيرا يا أستاد الكريم على هده الموعضة للغفلة التي نعيشها
مقال جامع واسلوب الكاتب تفاعلي سرديو نقدي بطريقة تشرك القارئ. بالاضافة الى انه من الضروري إنماء روح المواطنة العالمة عند المواطن العربي فيعتبر كل ما يهم العالم يهمه ويخصه.ان العالم ملك الجميع ومسؤوليتنا جميعا
وذكر فإن الذكرى تنفع المومنين
مقال مهم جدا ويحتاج الي عمق كبير في الموضوع لأهميته
بسم الله ماشاء الله منور شيخ امحمد سدد ٨خطاك ونفع الله بك وبعلمك
تأملات وخواطر وفتوحات ربانية فتح الله عز وجل بها عليك أستاذنا امحمد رحماني
جعلك الله ذخرا لهذه الأمة
إنه مما يدعوا حقيقة إلى التنبيه على قضية البيئة عموما وغيرها من القضايا التي لا يصرف إليها الناس اهتمامهم، قلة انشغال الفعاليات المدنية جميعها، وأصحاب القرار في القطاعات كلها، بعملية التحسيس والتوعية، والتنبيه على أهميتها ومركزيتها في الحياة، إلى جانب ندرة مواضيع تعنى بالتربية على البيئة في المضامين التربوية والتعليمية.
مقال رائع بارك الله فيكم وسدد خطاكم
أسلوب سلس متميز.لا تمل من قراءته.
كل والتقدير والتشجيع ذ.أحمد، فعلا الموضوع كبير وهام وحساس وتنولك له كان موافقا من جميع الجوانب.
مودتي
صدق الكاتب ولا قناة إخبارية عربية تكلمت عن الموضوع بتفصيلات كامة كما فعلت القنوات الاجنبية ، ولا قامت مظاهرة عربية واحدة تندد بالوضوع أو خرجة سياسية لزعمائنا تعرض فيها المساعدة على البرازيل ولو من باب العرضة فقط ، للك الله يا وطني
صدقت في كل ما قلت أستاذي الفاضل اللهم رد بنا إلى دينك، هناك ملاحظة عن الآية التي استشهدت بها المقال {لعلكم تتفكرون} وليس لعلكم تعقلون
زرت هذا المساء غابة المعمورة. والله يحز في النفس ما يفعله سماسرة الفحم. فهم يقومون باجتتات فروع الاشجار ويتركونها لتجف قبل اخذها كحطب لايمنع حطبه. بهذه الطريقة تتراجع غاباتنا باستمرار رغم ادعاء المراقبة وغيره. فعلا المغربي عدو الغابة و البيئة وعدو نفسه. متى نعي اهمية الغابة؟