لقاء دولي بطنجة لوضع أسس إنشاء شبكة متوسطية لخبراء وهيئات مختصة في حماية المعطيات الشخصية
هوية بريس – و م ع
نظمت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، اليوم الجمعة بطنجة، لقاء دوليا لوضع أسس وبحث آليات إنشاء شبكة متوسطية للخبراء والهيئات المختصة في حماية المعطيات الشخصية، وعرض التجربة المغربية الرائدة في المجال.
كما شكل اللقاء، الذي شارك فيه مسؤولون وخبراء في المجال من إسبانيا وإيطاليا لبنان واسرائيل وتونس وفرنسا ومفوضية الاتحاد الأوروبي، أيضا مناسبة لبسط المهام التي تطلع بها اللجنة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، التي تأسست يوم 18 فبراير من سنة 2009، لإخبار وتحسيس الأفراد والهيئات العمومية والمؤسسات الخاصة، وتبادل التجارب بين الدول المتوسطية مع التحضير لإنشاء شبكة إقليمية تنخرط فيها دول الفضاء المتوسطي، الذي يتميز بخصوصيات جغرافية واقتصادية وأمنية وبشرية تستدعي إنشاء مثل هذه المؤسسات الإقليمية.
وفي هذا السياق، أبرز رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي عمر السغروشني، في كلمة بالمناسبة، أن المغرب يسعى، بتنسيق مع مختلف الشركاء المتوسطيين، إلى إنشاء شبكة متوسطية لهيئات وخبراء حماية المعطيات الشخصية رغبة منه في تعزيز التعاون بين الشمال والجنوب في مجالات حيوية ستعود بالنفع على كل الدول المعنية، وستمكن من مواجهة الكثير من التحديات ذات البعد الاقتصادي والأمني والمالي، ومواجهة بعض الظواهر التي تعرفها المنطقة، منها ظاهرة الهجرة على سبيل المثال.
وأكد السيد السغروشني على استعداد المغرب لتقاسم تجربته في محيطه الإقليمي ودعم احترام الحريات والحقوق الأساسية للأشخاص الذاتيين والمستثمرين ورجال الأعمال ومواكبة التوجهات والتحولات التكنولوجية والاقتصادية والقانونية والمجتمعية، التي يمكن أن تؤثر على مجال حماية المعطيات الشخصية في المنطقة المتوسطية على وجه التحديد.
وأضاف أن موضوع المعطيات ذات الطابع الشخصي أضحى يحظى باهتمام بالغ من طرف الدول في ظل تطور التكنولوجيات الحديثة التي ينتج عن استعمالها غير المنظم مساس بحقوق المواطنين في هذا الصدد وعرقلة التطور الاقتصادي والاستثمار وتنقل البشر وأمن واستقرار الدول، مشددا على أن إنشاء شبكة متوسطية وإطار تنظيمي مشترك يفرض نفسه أكثر من أي وقت مضى، كما يحتم ضرورة التعاون وتضافر الجهود من أجل رفع التحديات المرتبطة بموضوع الاجتماع.
وأشار الى أن تنظيم اللقاء في مدينة طنجة يحمل أكثر من معنى ودلالة، خاصة وأن مدينة البوغاز لها رمزية خاصة في الحفاظ على القيم الإنسانية المشتركة وكونها تعد جسرا بين شمال الكرة الأرضية وجنوبها وبين غربها وشرقها، وكون تاريخها حافل بحضارات متعددة وتنوعة، إضافة الى أنها تعد نموذجا في التنمية المضطردة التي يعرفها المغرب بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مضيفا أن اللقاء هو حلقة من سلسلة من اللقاءات الوطنية والدولية التي تحرص اللجنة الوطنية على تنظيمها في إطار تخليدها لليوم العالمي لحماية المعطيات الشخصية، خاصة وأن المغرب راكم الكثير من التجارب بتواجده الفاعل في شبكة هيئات حماية المعطيات على مستوى أفريقيا ويتحمل مسؤولية الأمانة الدائمة، وهو أيضا عضو في اللجنة التنفيذية للشبكة الدولية ذات الصلة التي تضم أكثر من 130 دولة.
وأكد أن المغرب منذ إنشائه للجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي حقق مجموعة من الإنجازات، من ضمنها مواكبة ثقافة الثقة الرقمية لدى المؤسسات العمومية والخصوصية، وكذا المواطنين بصفتهم الذاتية، وكذا مواكبة تطور وسائل التكنولوجيا الحديثة بجهود مستمرة على المستوى التشريعي والتطبيقي قصد حماية استعمال المعطيات ذات الطابع الشخصي من طرف هذه الوسائل التكنولوجية.
واعتبر السيد السغروشني أن حماية المعطيات السلوكية تعد اليوم قضية استراتيجية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي للمواطن المغربي كما لباقي مواطني دول حوض البحر الأبيض المتوسط ضمن المنظومة الرقمية، داعيا الدول المتوسطية الى تضافر الجهود قصد التوافق حول حلول عملية ومقبولة رعاية لمصالح كل دول المنطقة المتوسطية و توسيع رقعة الاتفاقيات بين الدول المعنية وتعزيز الشراكات ذات الصلة.
ومن جهته، قال الخبير الدولي جوزيف كاناتاتشي، في تصريح لقناة M24، التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن مبادرة المغرب هامة للغاية في ظل التطورات التي يعرفها العالم بأسره في مجال الرقمنة، وستهم كل دول الحوض المتوسطي بدون استثناء، الذي يعد فضاء عالميا بامتياز وملتقى دول كثيرة من الجنوب وأخرى من الشمال فاعلة في العالم، كما أن الحوض المتوسطي يعد مسرحا لكل القضايا التي تهم العالم ويعيشها عن القرب.
واعتبر السيد كاناتاتشي أن مبادرة المغرب مهمة جدا لأنها تتيح لكل الفاعلين في دول حوض المتوسط، من خبراء وفعاليات سياسية ومؤسساتية وعلماء وأكاديميين وممثلي المجتمع المدني، من المساهمة العملية في تدبير مجال حماية المعطيات الشخصية، الذي أصبح يعد الحلقة المهمة في الحياة العامة للبشرية جمعاء، مبرزا أن المبادرة المغربية التي تهم حوض المتوسط بالغة الأهمية كذلك وتختزل القواسم المشتركة بين الدول والثقافات المعنية، التي هي في حاجة الى تعاون مثمر وروابط وثيقة في كل المجالات لتجاوز التحديات.
وفي هذا السياق، نوهت مداخلات المشاركين في اللقاء بمبادرة المملكة المغربية الساعية الى إنشاء شبكة متوسطية لخبراء وهيئات مختصة في حماية المعطيات الشخصية، والتي تعكس الريادة المغربية على مستوى المنطقة وحرص المغرب الشديد على جعل الفضاء المتوسطي فضاء للأمن والأمان والاستقرار والثقة والاحترام المتبادل، ونموذج في مواجهة كل التحديات بشكل جماعي وبناء.
وأكدت المداخلات أن المبادرة التي قدمها المغرب لإنشاء الشبكة تواكب التطورات التي يعرفها العالم، ليس فقط في مسار الرقمنة وتطور التكنولوجيات الحديثة وارتباطها بالأمن والاقتصاد والحركة المالية وظواهر أخرى اجتماعية، وإنما أيضا في مجال التشريع الدولي ورغبة الكثير من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية لسن ضوابط قانونية وقواعد وآليات تنظيمية تؤطر مسألة حماية المعطيات الشخصية.
وتم بالمناسبة تشكيل لجنة خبراء تمثل مختلف الدول المعنية لتحضير وإعداد الأرضية الملائمة في الجانبين التقني والنظري والتشريعي في أفق إنشاء شبكة متوسطية لخبراء وهيئات مختصة في حماية المعطيات الشخصية، منفتحة على الفعاليات التي ستقدم إضافة نوعية للشبكة وتساهم في تعزيز الروابط في هذا المجال الاستراتيجي.
كما قدمت بالمناسبة عروضا حول أدوار ومهام اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، والتي تنقسم الى خمسة محاور تخص الإخبار والتحسيس، والاستشارة والاقتراح، والحماية، والتحري والمراقبة، والتي تنسجم والهدف الرئيسي للجنة الوطنية الرامي الى فرض احترام الحريات والحقوق الأساسية للأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، و كذا تركيز الثقة الرقمية التي تشكل اللبنة الأساسية لتشجيع عمليات رقمنة المجتمع.