لقد كان الشر موجودا تحت غطاء من الستر ولكنه اليوم..

هوية بريس – محمد بوقنطار
لا يستطيع امرؤ كيفما كان وضعه الاجتماعي أن يزعم أو يدعي أن أجيال الستينات والسبعينات والثمانينات وأواسط التسعينات، عاشت حياة فاضلة يسودها الطهر، وتطبع سيرتها البراءة والنقاوة وطوباوية العيش، بل الحقيقة تذهب مذهب أنها أجيال لم تخل حياتها من سيئات وموبقات وكبائر، فقد كان الإفطار في نهار رمضان خلسة، وكان الخنا والسفاح، والظلم والسلب، والاعتداء وقطع السبيل، وولغ الخمر وإدمان الميسر والقمار، وزنا المحارم، والقتل العمد، واللصوصية والسرقات الموصوفة، وفساد النخب السياسية وإتراف الفئات المثقفة، وغش الطلبة وهلم جرا من جنس ونوع الخروج عن جادة الحق، والصدود والحيدة عن سبيل الحلال.
وإنما الفارق بين ذلك الأمس وهذه الأيام النحسات هو أنهم لم يتدركوا فيعلنوا بالفاحشة ويستشهروا للجرائم بالصوت والصورة والوجه الصلد الصفق المتجاسر، فلم تكن تتصور يومها أن يخرج خائن فيعلن عن خيانته، أو زان عن فاحشته أو سارق عن سرقته، أو مخمر عن منادمته، أو غاصب عن فضيحته، أو قاطع طريق عن تصعلكه، أو طالب عن غشه، أو مختلس عن فعلته، لقد كان التساتر، وطلب الستر بعد المقارفة شيمة ومئنة طبعت سيرة المسيء في ذلك الأمس.
وانظر إلى أحوال المسيء اليوم يرجع إليك البصر خاسئا وهو حسير، لقد امتلأ فضاء الماجريات بأنواع وأضراب وأصناف من الفضائح والموبقات المهلكات.
ناهيك عن تلك النائحة المستأجرة أم الخبائث “شوف تيفي” التي أخذ أهلها على عاتقهم هتك حجاب الستر، وتدويل كل فتنة، وتسويق كل فضيحة، والاستشهار لكل جريمة وقعت، وقد لا يعلم بوقوعها أهل المحلة التي كان حيهم مسرحا لتفاصيلها المقرفة، بينما يعلمها طاقم هذه الكارثة الإعلامية التي حاكت في سيرتها المنتنة وكانت طبيعة عملها وديدن ركز فاطمتها “الحواري” شبيها بهالة الذباب الأزرق وهو يحوم متحلقا حول جثة قتيل قد واراها القاتل تحت التراب في جنح ليل بهيم كي لا ينكشف أمره للناس فينفضح…
نسأل الله أن يهيء لهذه الأمة أمر رشاد، وأن يعيد لها لباس الستر الذي تدثر بزينته جيل الأجداد، وأن يسحب عليها بساط الأمن فيستوعب حياة الحاكم والمحكوم، وأن يحييها الحياة الطيبة المباركة إنه ولي ذلك والقادر عليه آمين.



