لك الله يا أرض فلسطين يا أرضَ الأنبياء والمرسلين
هوية بريس – الشيخ حسن الشنقيطي
تمهيد وبعده شكوى لعلها تجد آذانا صاغية وقلوبا واعية…
إن المسلم الصادق الغيور هو الذي يغضب لله إذا انتهكت حرماته و شعائره تجاوبا مع قول الله تعالى [وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ] وقولِ عائشة كان صلى الله عليه وسلم “لا يغضب لنفسه وإنما يغضب إذا انتهكت حرمات الله..”.
وحديث (من رأى منكم منكرا… الحديث).
فكما نغضب نحن المغاربةَ لانتهاك ثوابتنا وحرماتنا و نبذل في سبيل ذلك الغالي و النفيس،
ابتداءً من ديننا الحنيف، بالغيرة على عقائده الصافية، وأحكامه السامية وآدابه الراقية، وما واقعنا مع الليبراليين و العلمانيين حول مدونة الأسرة عنا ببعيد نرجو الله أن يجعل عاقبة التعديل شفاءً لصدور المومنين، وعلقما في حلوق الحاقدين، على ثوابت هذا البلد الأمين.
وتثنيةً بإمارة المؤمنين، التي هي بعدَ الاسلام صمام الأمان في هذا البلد العريق، وأساس الاستقرار الوثيق، ومركز اجتماع الأجناس والأعراق، واللغات والثقافات وسائر الأذواق،
وهذا معتقدنا بدون مجاملة ولا تزلف، وهو معتقد عموم المغاربة الرزناء المنصفين الذين سبروا أغوار تاريخ هذا البلد، وتشربوا مواهي الذوات والأحوال والعادات، وأهل مكة أدرى بشعابها، وهو عين الصواب والتؤدة والتجربة بإذن الله تعالى.
وتثليثا بوحدتنا الترابية التي لا يمكن لمسلم مغربي حر أن يسمح بشبر واحد من ترابها الغالي الذي سقاه الأجداد بدمائهم، و غذاه الشهداء بمواقفهم وبطولاتهم. رحمهم الله رحمة واسعة وتقبلهم في الشهداء، وما واقع صحرائنا المغربية عنا بمعزل، فكَمْ بذل فيها المغاربة؟؟ وكم لا زالوا يبذلون؟؟ في جميع مناحي الحياة، جهاديا وسياسيا واجتماعيا، واقتصاديا، ولن يفرطوا قيادة وشعبا في حفنة من رمالها، وشعارُهم الخالد هو أن الصحراء في مغربها، والمغرب في صحرائه، ولا نامت أعين المتربصين، الراغبين في تفريق أرض المرابطين، وهذا ظلم يأباه التاريخ و الدين، جعل الله تدبيرهم تدميرهم، وكفانا والمسلمين شرورهم…
شكوانا إلى الله،
أقول وهذا بيت القصيد بعد ذلك التمهيد، لعل كلماتي تحرك قلوبا لعِب بها الاعلام والثقافة الغربية والمتغربة حتى نسيت أو تناست حقوق المسجد الأقصى المبارك، وحقوق أهله المستضعفين مع الأسف الشديد..
يا معاشرَ المسلمين من المغاربة وغيرهم في مشارق الأرض ومغاربها إن الأرض المقدسة -ثابت عظيم من ثوابت المسلمين أفضلُ بقاع العالم بعد مكة والمدينة، بلا منازع.
هي أمانة رسول الله، صلى عليه الله، ومسراه إلى السموات العلى، هي وصية بن الخطاب، وجهاد صلاح الدين، وفخر للسلطان عبد الحميد آخرِ سلاطين العثمانيين. الذي أبى بيعَها و تسليمها للمستعمرين، على الجميع رحمات رب العالمين،
شرفها الله بذكرها في كتابه، ووصف أرضها بالبركة في غير ما آية من آياته، وبعث فيها جل أنبيائه ورسله ، وعظمها بالمسجد الأقصى، الصلاة فيه بـ500 صلاة، وغير ذلك كثير…
فالواجب علينا معاشر المسلمين قادةً وشعوبا أن نغار عليها وعلى أهلها وعلى مقداستها وأن نغضب لله مما وقع فيها قبل عقود وإلى اليوم وان يسعى كل من مقامه ومنصبه لاستجلاب المصالح لها ولأهلها، ودفع الشرور عنها وعن أهلها، وأن لا يَخذلوا إخوانهم ويُسلموهم لأعدائهم طاعة لله القائل (إنما المومنون إخوة) و لرسول الله صلى الله عليه وسلم القائل [المسلمونَ تتكافأُ دماؤهُم ويسعى بذمَّتِهم أدناهُم وهم يدٌ على من سواهم] والقائل (المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص)، والقائل (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
والخطاب موجه للجميع سياسيين وعلماء ووجهاء ولجميع أصحاب الضمائر الحية من جميع الطوائف المنصفة…
وأقل الأعمال تكلُفةً يا عباد الله هي الدعاء لهم بالاسحار، وفي فرائض الليل والنهار، وفي عموم أوقات الاستجابة، حتى نبرئ ذمتنا أمام الله غدا يوم نقف بين يديه، ويسألنا ماذا قدمتم لمقدساتي؟ والمستضعفين من عبادي؟ وأرضِ أنبيائي ورسلي؟ ومسرى خاتمهم محمد؟ صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين. فما هو جوابنا بين يدي اللهِ الحكَمِ العدل الذي يعلم السر وأخفى؟؟؟
ونُذكّر الغافلين و المتغافلين بأن الحرمات ليل نهار تنتهك، والأقصى يلوث ويحتقر، ويدنس مرات وكرات، والقوم استئسدوا وعلى المستضعفين طغوا وبغوا، وقتلوا ويقتلون إلى هذه اللحظات التي نسطر فيها هذه الكلمات الشيوخَ والنساء والأطفال، يهدمون البيوت على أهلها بكل عنجهية وغطرسة، وبلا حسيب ولا رقيب، والعالم المتحضر يتفرج، والكافرون بعضهم أولياء بعض يتناصرون، وواقعنا لا نحسد عليه فإنا لله وإنا إليه راجعون.
حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة الا بالله.
استعمَروا الأرض المقدسة وتوسعوا فيها ببناء المستوطنات، وتهجيرِ المسلمين والمسلمات، نساؤنا ترمل وتغتصب في السجون، والسجناء الشباب بالآلاف يموتون في الزنازن، بعد ويلات العذاب، وأهلُ البلد المسالمون في الضفة وغيرها يُجرعونهم كؤوس الذل والهوان، في جميع مناحي الحياة اليومية،
والغزاويون المساكين مسجونون منذ سنوات، محرومون من أساسيات الحياة، من الماء والكهرباء بل حتى الدواء، دون رأفة ولا رحمة من المتشدقين بحقوق الانسان، ألا ساء ما يحكمون،
واللهِ إن جرائمهم منذ النكبة لا تعد ولا تحصى، ولا تكاد في ديوان تستقصى، يندى لشناعتها الجبين، ويسقط من أهوالها الجنين، ومع ذلك تقرأ وتسمع عن تباكي ودفاع المنافقين، يكفيك أيها النذل الخسيس لعلك ترعوي أن تعرف أن عدد اللاجئين في فلسطين والاردنِ وسوريا ولبنان وغيرها حسب إحصاء 2022: بلغ [6 ملايين و400 ألف] حسب تصريح الأمم المتحدة.
ناهيك عن عدد الشهداء الذي بلغ 100 ألف شهيد مُنذ نكبة 1948 إلى هذه الأيام، على ما أحصاه الجهاز المركزي للإحصاء في فلسطين، والأعداد في ازدياد وازدياد، والشكوى إلى الله رب العباد، لمثل هذا يذوب القلب من كمد##إذا كان في القلب إيمان واسلام.
وعندما يغار هؤلاء المستضعفون بين الفينة والأخرى على بلادهم المنكوبة، ويطالبون بحقوقهم المسلوبة، ويغضبون لله مما هم عليه من ألوان الظلم والإجحاف، وصنوف الضيم والاعتساف، وينتفضون في وجوه أعدائهم بالجهاد المشروع للمحتل البغيض،
عملا بقول الله تعالى (وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ) أي لا حرج عليهم و لا إثم، وهذا حق مشروع بإجماع الشرائع السماوية، والقوانين العادلة البشرية، أقول: عندما ينتفضون يُنعتون بالإرهاب والحيوانية، سبحان الله، من الإرهابي الحقيقي؟ أأنتم أم أهُم؟ مالكم كيف تحكمون أفلا تذكرون؟
تستعمرون أرضهم وتغشَون بالإذلال بيوتَهم، وتقتلون رجالهم وتدنسون أعراضهم وتعبثون بمقدساتهم (و… الخ) وتريدونهم أن يسالموكم ويضحكوا في وجوهكم، فهذا مخالف للفطرة السوية، بل هو عين الخيانة والغدر، وقمةُ الذل وكمالِ الخنوع..، إي ورب الكعبة.
واعجباه ، واحر قلباه، تنعتونهم بالارهاب والتطرف أَلِأَنهم لم يخضعوا لما تُمليه الأطماع الصهيونية، وما خططت له منذ زمان العقول الصليبية، ولكن رجالهم البواسل الأحرار لم يركعوا لشروطكم المخزية، ولا خضعوا لإملاءاتكم المُردية، بل قاموا في وجوهكم بكل شجاعة وتفانٍ، مُستقوين بربهم، ومستعينين بإيمانهم، ومتسلحين بما أعدوا من الأسباب، متوكلين في ذلك على رب الأرباب.
– لك الله يا أرض فلسطين
يا أرض الأنبياء والمرسلين
يا مسرى المصطفى خيرِ الثقلين..
– لكم الله يا أهلنا الصابرين المرابطين، لقد أخجلتمونا بثباتكم وبطولاتكم، وأحرجتمونا بنيابتكم عنا في الدفاع عن الحرمات والمقدسات، جزاكم الله عنا وعن الإسلام خيرا.
– عزاؤنا وعزاؤكم واحد،
تقبل الله شهداءكم وشفى جرحاكم، وثبت قلوبكم، وسدد رميكم، وأعلى رايتكم، وأيدكم بجند من عنده، كما أيد خير أنبيائه ورسله.. ولكم منا عظيم الذكر والثناء، وجزيل التضرع و الدعاء،
وما أحسن ما بلغني ليلة الثلاثاء، من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية الغراء، التي دعت الأئمة الفضلاء، أن يقنتوا في الصلوات بالدعاء، للشعب الفلسطيني صاحب العزة و الإباء..
فاللهم يا منزل الكتاب،
ويا مُجري السحاب
ويا هازم الأحزاب
اهزم جيوش الصهاينة المعتدين، وانصر عليهم هؤلاء المستضعفين.
اللهم أكرمهم بجند من عندك يا كريم…
يا ذا الجلال والإكرام
والعزة التي لا تضام.
وصلى الله وسلم على خير الأنام، وعلى آله وصحبه الكرام.
سُبۡحَـٰنَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلۡعِزَّةِ عَمَّا یَصِفُونَ، وَسَلَـٰمٌ عَلَى ٱلۡمُرۡسَلِین، وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ.
كتبه عشية الثلاثاء
10/10/2024
تبرئة لذمته، (وقلبه محترق على حال أمته): الفقير إلى عفو سيده ومولاه، حسن الشنقيطي المغربي، كان الله له.
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين