للكرِيسَاج أَنواع أُخرَى…

هوية بريس – يوسف إيبوركي

إنه لأَمر طَبيعي أن تَجد نَفْسك أما لصّ في الشارع، يَحمل بين يديه سِكّينا كبيرا و يُحاول سرقة مُمْتلكاتك بكلماتِ تَهديد تُرعبك أكثر من السكين، أمر أصبحنا نَعتاده في أزقّتنا في ظِلّ غياب الأمن، و نعتبره من مَخاطر الشارع الدائمة، إنه الكرِيساج هذا المُصطلح الذي اقتحم بيئتنا المغربية بين سُبَات الأجهزة الأمنية، و تَحَوُّل الإنسان المغربي من مواطن إلى خُفّاش يَقْتَاتُ على دِماء إخوانه، ولكن السُّؤال الذي يطرح نفسه، هل هذا الكريساج مُرتبط بالشّارع فقط ؟ وهل السرقة تتم عبر هذه العملية دون غيرها؟

سُؤال يجعنا نَطرح مجموعة من العَوارض الكبيرة، أولها أنَّ السرقة لعبة لا ترتبط بِحَمْل سِكّين، أو قَصَّةِ شَعْرٍ غريبة، و كلمات نابية تَختزل حَقارة اللفظ و بَشاعة المعنى، إن الكريساج شبحٌ يُمكن أن يُطاردك في أي مكان وأي زمان.

 هكذا وأنت تَتَجوّل في سيارتك يُوقفك شُرطي مُلقِيا السّلام بكل احترام ويقول: “أوراقك من فضلك… لقد ارتكبت مُخالفة وقدرها…” لا تتعجب إذا وجدت نفسك على يقين أنّك لم ترتكب شيء قط، وأن زميلك الذي يجلس بجانبك يُؤكد كلامك و يستغرب أيضا، حينها سَتعلم سبب إلقاء الشرطية لتَحية السلام في البداية، إنه كريساج أيضا…

أو أن تَتَوجه للإدارة و تُحاول جَلب وثيقة أو مُستند خاص بك منها، وتجد أمامك موظفا مبتسم الوجه، يطلب منك و بكل سداجة أن تضع بين وثائقك ورقة نقدية قَصد التَّسْريع في إجرائاتك و معاملاتك، فتطرح سؤال كبيرا، هل أصبحت الحقوق تُباع و تُشتى، إنه كريساج أيضا…

وحين تصلك فاتورة الماء أو الكهرباء و تُصدم بمبلغ كبير لم يكن في الحُسبان، بل و تتذكر بعدها انك لم تكن موجودا في المنزل في الشهر الخاص بهذه الفاتورة…، تُحس حينها أنها عملية نَهْبٍ على العَلَن بطلها مَجهول و كُلنا نَعرفه… إنه كريساج أيضا…

إن المغزى من كل هذه القصص الواقعية التي نعيشها باستمرار هو أن السرقة أو الكريساج لا يكون بالسكين فقط، بل يمكن أن يكون بالقلم أو السُلطة أو الحاسوب أيضا، عمليات نَهْبٍ بمُواصفات أخرى… تختلف الطريقة و الهدف واحد و قار، إذن فإن الدفاع عن سلامة المواطن ضد عمليات ما يسمى بالكريساج يجب أن يطال أيضا عمليات السرقة الأخرى التي تُرتكب في حق المواطن بكل أناقة و لباقة، حتى و لو كان المدافع سارقا أيضا.