لماذا امتنع المغرب عن إدانة اغتيال هنية؟

05 أغسطس 2024 10:55

هوية بريس-د. إسماعيل حمودي

يجب التمييز في الموقف المغربي بين ثلاثة مستويات:
المستوى الاول، يتعلق بالموقف الشعبي، فالمغرب على خلاف دول عربية يسمح بالتظاهر الشعبي، في كافة المدن، بما في ذلك التظاهر أمام قنصليات غربية(الأمريكية والفرنسية في الدارالبيضاء) بعد اغتيال هنية، وهذا موقف ثابت لم يتغير منذ بداية العدوان…الخ.
المستوى الثاني، موقف شبه رسمي، ففي تقديري يندرج لقاء رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني مع قيادة حماس في الدوحة في ماي الماضي، ثم حضور رئيس الحكومة الأسبق عبد الإله بنكيران في جنازة هنية يوم الجمعة الماضي، ضمن المسموح به رسميا…
المستوى الثالث، موقف الدولة الذي تعبر عنه وزارة الخارجية والخطب او الرسائل الملكية، والتي تتفاعل حسب تطورات الأحداث، ويلاحظ ان الموقف الرسمي المغربي تطور في اتجاه إدانة العدوان الصهيوني المستمر على غزة، بما في ذلك إدانة العدوان على القنصلية الإيرانية في دمشق…الخ.

لكن الملاحظ أنه منذ خطاب العرش طرأ تطور جديد في الموقف المغربي، حيث تضمن الخطاب ما يشبه مبادرة مغربية للخروج من المازق القائم. أما المفاجئ اليوم فهو امتناع المغرب الرسمي عن إدانة اغتيال هنية، لماذا؟
باستحضار التطورات الاخيرة قبيل حدث الاغتيال، وخصوصا تنصل الكيان الصهيوني من مفاوضات وقف إطلاق النار في مصر وقطر، والهجوم على اليمن وعلى الضاحية الجنوبية في بيروت وقرية مجدل شمش في الجولان، ثم خلاصات زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأمريكية، تسمح باستنتاج ما يلي:
– ان قرار اغتيال هنية حصل بموافقة أمريكية، وبدعم تقني أمريكي في الغالب، اي باستعمال طائرات F35 والتكنولوجيا المرافقة لها، والتي تستطيع تعقب بصمة الصوت والوجه. كما أشرت إلى ذلك في تدوينة سابقة…
– تزامن اغتيال هنية مع محاولة اغتيال المستشار العسكري للأمين العام لحزب الله، محسن شكر، باستخدام التكنولوجيا نفسها، يؤكد أن قرار اغتيال هنية ومحسن شكر يندرج ضمن توجه عام نحو التصعيد في المنطقة اي حرب اقليمية تستهدف إيران وحلفائها.
– ما يؤكد وجود قرار بالتصعيد نحو حرب اقليمية شاملة، إبلاغ إسرائيل رسميا إيران عبر قنوات دبلوماسية استعدادها للحرب الشاملة. وهو ما تؤكده ايضا قرارات تحريك البوارج الحربية الأمريكية هذه الأيام نحو المحيط الهندي والبحر المتوسط.
في ضوء تلك التطورات السلبية، أي التصعيد نحو الحرب الإقليمية، يبدو امتناع المغرب عن إدانة اغتيال هنية، جزء من موقف عربي(السعودية، الإمارات، البحرين..)، مفاده الدعوة الى التهدئة وعدم التصعيد، بمعنى رفض الحرب الشاملة في المنطقة(عبرت مواقف الأردن ومصر صراحة عن ذلك). لأنها تدرك ان تلك الحرب ستكون ساحتها الدول العربية، وخصوصا الأردن ولبنان، وربما تمتد الى دول خليجية كذلك، وقد يؤدي ذلك إلى فوضى عارمة وربما إلى تفكيك دول من جديد.
والله أعلم.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M