لماذا ترفض الجزائر التطبيع مع المغرب؟

28 يوليو 2023 12:42
اتحاد علماء المسلمين يدخل على خط توتر العلاقة بين المغرب والجزائر

هوية بريس – الصادق بنعلال

عامان يمران على خطاب العرش التاريخي لسنة 2021، الذي خص فيه جلالة الملك محمد السادس الجزائر، في مقطع هام منه دعا أشقاءنا في الجارة الشرقية، للاشتغال معا على تغليب منطق الحكمة وإعطاء الأولوية للمصالح الاستراتيجية المشترك,، وذلك بهدف اجتياز الوضع المأساوي الراهن، غير المطابق لتطلعات وأحلام الشعبين التوأمين.

عامان اثنان يمران بالتمام والكمال على مناشدة الملك المغربي الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، “للعمل سويا، في أقرب وقت يراه مناسبا، على تطوير العلاقات الأخوية، التي بناها شعبانا، عبر سنوات من الكفاح المشترك”.

وكان من المفترض دبلوماسيا وسياسيا أن يكون هناك تفاعل إيجابي مع هذه الدعوة من أعلى سلطة في المملكة، عسى أن تكون منطلقا لبدء الاتصالات واللقاءات البناءة من أجل رؤية “الضوء في آخر النفق”، وطمأنة شعوب المنطقة كافة عن حاضرها ومستقبلها، وإشعارها بأن الحياة أمل والأمل حياة!

لكن يبدو أن الرئاسة الجزائرية، أو تيارا منها على الأقل، مصرة على مسلك العرقلة وزرع اليأس والضياع والانهيار الشامل بلا حدود، إلى درجة صرح فيها رئيس الجزائر بأن هذه الأخيرة وصلت مع المغرب إلى نقطة “اللاعودة”، ومعلوم أن هذه الكلمة لا محل لها من الإعراب في الميدان السياسي قديما وحديثا، لذلك واصل رفضه لأي تطبيع أو حوار أو فتح الحدود مع “الجار الغربي”، وعبر في أكثر من مناسبة عن أنه لن يرضى أو يقبل أي محاولة للصلح معه، سواء صدرت هذه الخطوة عن أشقاء عرب أو أصدقاء أجانب.

وفي المقابل تظل المملكة المغربية متمسكة بمبدأ اليد الممدودة واستنبات الأمل، إنه على رغم “استعصاء” الجزائر، إلا أن المغرب يقبل وبثبات الانفتاح على الحوار مع الأشقاء، ويرنو إلى إحياء علاقة الدم والدين والتاريخ والمصير المشترك، ومستعد للتعاطي الإيجابي مع أي مبادرة صلح كفيلة بطي صفحة النزاع، والانخراط في بناء غد أكثر أمنا واستقرارا ورقيا.

السؤال الذي يطرحه المعنيون بشأن هذا الصراع إقليميا ودوليا هو: لماذا ترفض الجزائر الحوار مع المغرب والانفتاح عليه، والتطبيع معه بشكل كلي بغاية الانتقال إلى المرحلة الأخرى، مرحلة ما بعد “الاستقلال”، حيث العمل يدا في يد من أجل الإقلاع التنموي الهيكلي: اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا؟ الجواب نجده واضحا في حديث الرئيس الجزائري الراحل عبد العزيز بوتفليقة، أثناء حملته الانتخابية في نهاية التسعينيات من القرن العشرين و مستهل الالفية الجديدة.

لقد كان الراحل يتحدث بلا انقطاع، وفي ذروة الحماس كان يقر بمواقف وآراء تلخص بدقة وجلاء عقيدة البنية العميقة للدولة العسكرية، لقد أجاب الراحل “بفصاحته المعهودة” جوابا على السؤال آنف الذكر بما يلي: إن التطبيع مع المغرب يشكل خطرا على الجزائر، كما أن الطرف الوحيد الذي يستفيد من “فتح الحدود” هو المغرب، الملايين من الجزائريين يتوجهون إلى المدن المغربية، ويساهمون في إنعاش اقتصاده و خزينته المالية، لأن بلدنا (الجزائر) ضعيفة من حيث البنيات التحتية والتنظيم المؤسساتي مما يجعلها عاجزة عن استقطاب “الأجانب” وإغرائهم والتأثير فيهم! أما الآن وبعد أن حقق المغرب منجزات استثمارية ومشاريع اقتصادية بلا نظير في الإقليم والقارة الإفريقية، فإن عقل/لاعقل الدولة العسكرية الجزائرية ينزع أكثر فأكثر نحو الانغلاق والعزلة والعداء. لكن “في ملتي واعتقادي” أتصور أن المغرب سيواصل دعوة جارته الشرقية في كل الظروف إلى الإنصات إلى صوت الشعوب، ليس خوفا أو هلعا من أي “شيء”، بل تشبثا للسلم والاستقرار والعيش الكريم.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
16°
19°
أحد
19°
الإثنين
20°
الثلاثاء
18°
الأربعاء

كاريكاتير

حديث الصورة