لماذا تقف الولاياتُ المتحدة الأمريكية وحلفاؤُها مع الصهاينة؟

18 يناير 2024 16:14
في سابقة منذ 7 أكتوبر جو بايدن يحذر إسرائيل

هوية بريس – أ.عبد المجيد فاضل

لا شَكَّ أن هناك عواملَ ثقافيةً وسياسيةً واقتصاديةً وعسكريةً تدفعُ الولاياتِ المتحدةَ الأمريكيةَ وحُلفاءَها إلى هذا التأييد الأعمى للصهاينة، ولكن يبقى الفكرُ الديني هو أخطر مُحرك لمساندة الصهيونية المتوحشة، يقول القسيس الأمريكي “جيري فالويل”: ”لا أعتقد أن في وُسْع أمريكا أن تُديرَ ظهرها لشعب إسرائيل وتبقى في عالَم الوجود، والرب يتعامل مع الشعوب بقدر ما تتعامل هذه الشعوب مع اليهودي”. [ورد في كتاب «في الصراع العربي الصهيوني» للدكتور إبراهيم يحيى الشهابي، وكتاب «من يجرأ على الكلام» لبول فندلي]

وكان “كارتر” يرى أن إنشاء دولة إسرائيل هي إنجازات النبوءة التوراتية وجهرها.  [الصهيونية غير اليهودية: جذورها في التاريخ الغربي، لريجينا الشريف، ترجمة: أحمد عبد الله عبد العزيز، ص: 275].

وقالت الكاتبة الأمريكية هالسيل في كتابها (النبوءة والسياسة): “إننا نحن المسيحيين نؤمن أن تاريخ الإنسانية سوف ينتهي بمعركة تُدْعى هَرْمَجِدُّون، وأن هذه المعركة سوف تُتَوّج بعودة المسيح الذي سيحكم في تلك العودة على جميع الأحياء والأموات”!

ثُمَّ قالت في خاتمة كتابها: “اقتناعاً مِنّا بأن هَرْمَجِدُّون نوويةٌ لا مفرَّ منها، بموجب خطة إلهية، فإنَّ العديد من الإنجيليين المؤمنين بالتدبيرية، ألزموا أنفسهم سلوك طريقٍ مع إسرائيل يؤدي بصورة مباشرة إلى مَحرَقة أشدّ وحشية وأوسع انتشاراً من أية مجزرة يمكن أن يتصورَها عقل هتلر”.

وقال سكوفيلد: “إن المسيحيين المخلصين يجب أن يرحبوا بهذه الحادثة؛ لأنه بمجرد ما تبدأ المعركة النهائية هَرْمَجِدُّون، فإن المسيح سوف يرفعهم إلى السحاب، وسوف ينقذون”!

وسبق أن صرّح رينالدو ريغن – الرئيس السابق للولايات الأمريكية المتحدة – بأنه كان يشعر عند الانتخابات الأمريكية، بأن المسيح يأخذ بيده، وأنه سوف ينجح ليقود معركة هَرْمَجِدُّون التي يعتقد أنها ستقع خلال الجيل الحالي، في منطقة الشرق الأوسط! [نقَلتْ هذا الخبر مجلة الأمن القطرية حزيران 1985 م].

وجاء في كتاب «البعد الديني في السياسة الأمريكية» أنّ سبعةً مِن رؤساء أمريكا قبل جورج بوش، كانوا يؤمنون بمعركة هَرْمَجِدُّون، وكانوا يسعون بحماسة لها. [انظر هذه الأقوال في كتاب «المسيح المنتظر ونهاية العالم»، الدكتور عبد الوهاب عبد السلام طويلة، دار السلام – القاهرة، الطبعة الأولى، 1419 هـ – 1999 م، ص263 و270 و271].

وقال علاء بكر: «تؤمن الطائفة الإنجيلية البروتستانتية – وهي طائفة يتبعها عشرات الملايين مِن الأمريكيين وغيرهم، ويتبعها العشرات مِن الكنائس ذات النشاط التبشيري الواضح، وعشرات القساوسة أصحاب الصِّيتِ العالي – مِن خلال تفسيرها الحَرْفي الجديد للكتاب المقدس (العهد القديم والعهد الجديد) بعودة المسيح (الرب) إلى الأرض في آخر الزمان ليقضي على غير النصارى، ولكنْ هذه العودةُ مرتبطةٌ بمعركة عظيمة هائلة، هي (معركة هَرْمَجِدُّون)، والتي تقع عند جبل مَجِدُّو في شمالِ فلسطينَ، والتي تشهد مقتل كل أعداء الرب، ولا يكون ذلك إلا بعد إعادة اليهود بناء هيكل سليمان في القدس، وهذه الإعادة للبناء تكون بعد قيام دولةٍ لليهود تضم القدس، ومِن هنا يأتي تأييدُ هذه الطائفة الدائمُ، ودعمُها الكاملُ لإسرائيلَ وإقامةِ هيكلها المزعوم، وتسمَّى هذه الطائفةُ ومَن يوافقها في المعتقد والهدف باسم ”الحركة الصهيونية المسيحية“ أو ”اليهو – مسيحية“ أو ”اليمين المسيحي“». [مقال للكاتب بعنوان « تحريفات (هَرْمَجِدُّون!)، نُشِر بموقع ”أنا السلفي“، بتاريخ: الأحد 18 فبراير 2018].

وقال الدكتور عبد الوهاب عبد السلام طويلة: “يرى أهل الكتاب أنّ ثمّةَ معركةً عنيفةً عالمية كبرى ستقع على أرض فلسطين، سماها العهد الجديد (معركة اليوم العظيم يوم الله القادر). وهي المعركة التي تقع في الأيام الأخيرة التي تسبق القدوم الثاني للمسيح – عليه السلام – ويروق للكثيرين أن يسمُّوها معركة هَرْمَجِدُّون.

هَرْمَجِدُّون كلمةٌ عِبرية مكونة من مقطَعين أو لفظين (هَرْ) ومعناها تَلٌّ أو جبل، و(مَجِدّو) وهو اسم وادٍ أو سهل صغير، يقع شمال فلسطين. ويُطلَقُ اليومَ أحياناً على ذلك المكان اسم (تَلّ المُتسلِّم)”. [المسيح المنتظر ونهاية العالم، الدكتور عبد الوهاب عبد السلام طويلة، دار السلام، مصر – القاهرة، الطبعة الأولى: 1419 هـ – 1999 م، ص263-264، بتصرف يسير].

وقال عيسى القدومي: “و«هَرْمَجِدُّون» كلمة عِبْرية لا يشير العهد القديم إليها ألبتة، أما العهد الجديد فيذكرها في موضع واحد في سِفر الرؤيا…

ومعركة «هَرْمَجِدُّون» هي عقيدة نصرانية بروتستانتية، تؤمن بمجيء يومٍ يحدث مجزرة بشرية أو حربا نووية يُبَادُ فيها معظمُ البشرية، وسوف تقع بين قوى الشر من جانب ممثلة في الشيطان وجنوده، يعاونه – في زعمهم – المسلمون وبعض الروس، وبعض المنشقين على الكنيسة، وبعض اليهود أيضاً، وبين قوى الخير من جانب آخر ممثلة في المسيح وقواته من الملائكة التي سترافقه في عودته، يعاونهم قوى الخير من البشر ومنها الشعب الأمريكي، وسوف تُبادُ في هذه المعركة غالبيةُ البشر، وسوف تقوم تلك المعركة في أرض فلسطين في منطقة مَجِدّو أو وادي مجدو.

ومع أن اليهود لا يؤمنون بالعهد الجديد، إلّا أنهم استثمروا فكرة “معركة هرمجدون” لتوجيه الأحداث لصالحهم، وربما ادّعوا أن يوم “هرمجدون” هو يوم “غضب الرب” المذكور في توراتهم!!”. [مقال للكاتب، بعنوان («الملحمة» أم «هَرْمَجِدُّون»)، نُشِر بتاريخ 5/4/2008، بموقع (مركز بيت المقدس)].

تعقيباتٌ:

أوّلاً – استدل النصارى على معركة ”هَرْمَجِدُّون“ بما جاء في سِفْر رؤيا يوحنا من كتابهم المقدس ”العهد الجديد“:

13 وَرَأَيْتُ مِنْ فَمِ التِّنِّينِ، وَمِنْ فَمِ الْوَحْشِ، وَمِنْ فَمِ النَّبِيِّ الْكَذَّابِ، ثَلاَثَةَ أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ شِبْهَ ضَفَادِعَ،

14 فَإِنَّهُمْ أَرْوَاحُ شَيَاطِينَ صَانِعَةٌ آيَاتٍ، تَخْرُجُ عَلَى مُلُوكِ الْعَالَمِ وَكُلِّ الْمَسْكُونَةِ، لِتَجْمَعَهُمْ لِقِتَالِ ذلِكَ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ، يَوْمِ اللهِ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.

15 «هَا أَنَا آتِي كَلِصٍّ! طُوبَى لِمَنْ يَسْهَرُ وَيَحْفَظُ ثِيَابَهُ لِئَلاَ يَمْشِيَ عُرْيَانًا فَيَرَوْا عُرْيَتَهُ».

16 فَجَمَعَهُمْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُدْعَى بِالْعِبْرَانِيَّةِ «هَرْمَجدُّونَ».

وهذه النصوص وصلت إلى أيدي أهل الكتاب بدون سند، فلا يبعد أن تكون مكذوبةً، أو محرّفة.

ثانياً – على افتراض أن تكون هذه النصوصُ غيرَ محرفةٍ، فتفسيرُها يبقى مجرد آراء لأصحابها، ويحتملُ الصواب والخطأ، ويعترف قاموس الكتاب المقدس/ دائرة المعارف الكتابية المسيحية، بوجود اختلافات حول تفسير كلمة “هر مجدون”، حيث جاء في شرحها: «وهو موقع تنبأ كاتب الرؤيا أنه سيتحول إلى ساحة للرب، ويجتمع فيه كافة ملوك الأرض في يوم قتال الرب (رؤ 16: 16)…

ولما كان سِفْر الرؤيا مملوءًا بالرموز التي يَلُفُّ الكثيرَ منها الغموضُ، فقد تنوعتِ التفسيراتُ حول هذه العبارات. فيفسرها البعض تفسيرًا حرفيًا باجتماع جيوش الأمم في السهل المجاور لِمَجِدُّو، الذي يُعتبَر ميدانًا نموذجيًا يتسع للمناورات الحربية. بينما يرى البعض الآخرُ أنّ يوحنّا يصوِّر رمزيًّا المعركة العالمية الأخيرة بين الشر والخير، بين جنود إبليس والرب يسوع المسيح. وعلى أي وجه كان التفسير، فإن مفادَ هذه العبارات، هو انتصار الرب يسوع نهائيًا في معركة فاصلة، أشبه بالمعارك الفاصلة التي حدثت قبلا في “مَجِدُّو” وكثيرًا ما يتكلم الناس الآن عن “هرمجدون الذَّرية”».

ثالثاً – كيف علموا أن تلك الحرب ستكون نووية؟

إنه لم يكن في عهد عيسى عليه السلام قنابل نووية، ولا يوجد أيُّ نصٍّ صريح في كتبهم المقدسة على أن تلك الحرب ستكون نووية. ولكن يبدو أنهم لما رأوا أن عدد القتلى سيكون كبيرا، فلا يمكن أن يقع ذلك إلّا بسبب حرب نووية، أو إنهم أرادوها نووية لتحقيق النبوءة التي يؤمنون بها.

رابعاً – بالرجوع إلى الأحاديث النبوية الصحيحة، نجد الحديث عن معركة كبرى ستقع في آخر الزمان، ولكن بصيغة تختلف عن تلك التي يتحدث عنها أهل الكتاب. وهذه المعركة تُسمى الملحمة الكبرى، وهي ستكون قبل خروج المسيح الدجال، وبعد أن ينتصر المسلمون والروم معاً في قتالٍ ضد عدو مشترك. وبعد انتصارهم سيَنْشَبُ صراعٌ يدعي فيه مسيحيٌّ أن الصليب أتى بالنصر، ويرد عليه مسلم بأن الله هو الذي انتصر ثم يكسر الصليب، فتغدر الروم وتبدأ الحرب.

وحسب ظاهر هذه الأحاديث، فإن الحرب الدائرة في هذه الملحمة لن تكون نووية؛ لأنه ستكون هناك مواجهة مباشرة بين المسلمين والنصارى، وسيموت في بداية المعركة ثلث جنود المسلمين، ثم ستكون المواجهة الحاسمة. وهذه المواجهات لا يمكن أن تحدث بسبب القنابل النووية.

وأحاديث رسولنا الكريم ﷺ أَوْلى بالأخذ بها، والوثوق بها؛ لأنها وصلتنا بالسند الصحيح، عن رسولنا الصادق المَصْدوق، ومن هذه الأحاديث ما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه أن النبي ﷺ قال: “ستصالحون الروم صلحاً آمناً، فتغزون أنتم، وهم عدُوًّا من ورائهم فتسلمون وتغنمون، ثم تنزلون بمرج ذي تلول، فيقوم رجل من الروم فيرفع الصليب ويقول: غلب الصليب، فيقوم إليه رجل من المسلمين فيقتله، فيغدر الروم وتكون الملاحم، فيجتمعون لكم في ثمانين غاية، مع كل غاية اثنا عشر ألفاً”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M