لماذا دعا بنكيران حزبه إلى الهدوء وعدم الانخراط في معارضة “الجوقة”؟
هوية بريس- محمد زاوي
لقد كان عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية”، واضحا منذ أول خطوة له بالأمانة العامة للحزب.
أكد أنه لم يأت لمخاصمة أحد، وأنه أتى للمساهمة من موقعه في حماية الدولة مما يحيط بها من مخاطر وتحديات، دون أن ينسى ظروف الشعب ومطالبه.
معادلة صعبة.. كان ولا بد أن تدفع بنكيران دفعا إلى صياغة شعار المرحلة، وهو البارع في صياغة الشعارات.
لم يكن الشعار هذه المرة هو “الإصلاح في ظل الاستقرار”، ولا كان هو “مواجهة الفساد”، ولا هو “مواجهة التحكم”، ولا هو “التصدي للتماسيح والعفاريت”، ولا هو “لا للجمع بين المال والسلطة”.. بل كان هو “معارضة العمق لا الجوقة”.
إن أغلب الناقمين على بنكيران، من داخل الحزب أو خارجه، لا يعون أن لكل شعار شرطا يعتمل تحته. فتراهم يحاسبون بنكيران بشعارات أمس، وما ذنب “الزعيم” إذا كان غيرُه دونَه في قراءة الشروط.
لم أكن أود التصريح بأمور شتى، قبل المؤتمر الوطني الاستثنائي الأخير، ومنها: أن كثيرا من أنصار بنكيران لا يفهمونه. وبقدر ما قد يعجبه كلامهم، فعليه أن يحذرهم.
هم أول من سيقف في وجهه، وها هم اليوم عاجزون عن الدفاع عن “معارضة هادئة تبتغي العمق وتحذر الجوقة”، وإذا دافعوا عنها فعلوا ذلك باحتشام لا يكاد يبين.
لماذا كل ذلك؟
لأنهم كانوا ينتظرون من بنكيران أن يتحول إلى “أرنب سباق” لصالح “بعض العفاريت”، لا لصالح الحزب.
إنهم أنصار، لا يريدون ذلك، ولكنهم قد يوظَّفون في استراتيجية ليست هي استراتيجية الحزب، الأمر الذي يعيه بنكيران جيدا.
المعارضة في المغرب ليست مستقلة بما يكفي، الإصلاحية منها والرديكالية، على حد سواء. وهذا ما يفهمه بنكيران جيدا، كما أزعم.
يعرف بنكيران أن من يقول أشد العبارات تعبيرا عن الألم، ويرفع أكثر الشعارات وفاء للشعوب، هو من قد يسقط في حبال من يفهم قواعد اللعبة أكثر منه.
يرى بنكيران التحولات، بين ماض وحاضر، فيستنتج أن أمرا ما ليس على ما يرام في الحكاية!!
يرى الوجوه التي كانت وديعة بالأمس، وقد كشرت عن أنيابها اليوم، فيعلنها شعارا لا رجعة فيه: “لن ننخرط في معارضة الجوقة”.
والمحزن، في علاقة بنكيران بإخوانه، أن:
– خصومه من “الإخوان” مغرضون، ينسون أنفسهم وعجزهم السياسي في نقد خطاب مرحلة جديدة، لم يمنحوا عقولهم المهلة الكافية لفهمه.
– كثيرا من أنصاره، بل أغلَبهم، يبررون باحتشام، أو قد يعارضون في أنفسهم خطاب بنكيران، أو لعلهم يعيشون أسوأ أحوالهم وهم يرون بنكيران غير الذي كانوا يظنون.. وذلك لأنهم لا يفهمون من بنكيران إلا “وضوح الخطاب وعبارته القاسية”، لا “قدرته على فهم الواقع السياسي المغربي والتموقع فيه”.
من لا يفهم بنكيران، من كلا الطرفين، سيحزن كثيرا، أو لعله سيتيه في واقع سياسي لا يستقر على حال..