لماذا يخاف الجهلوت من العلوم الشرعية والإنسانية والاجتماعية؟
هوية بريس – د.خالد الصمدي
لا يفتأ الجهلوت يؤكد في غير ما مناسبة أن العلوم الشرعية والعلوم الإنسانية والاجتماعية ليست علوما.
وأن العلم الذي يعترف به هو الرياضيات والفيزياء والكيمياء وأن غيرها من العلوم ضياع للاوقات، وأن خطباء الجمعة ينبغي أن يدرسوا العلوم الدقيقة، ويتركوا علوم الكهنوت.
وهذا يطرح أكثر من سؤال عن سر تخوفات الجهلوت الهستيرية من العلوم الإنسانية والاجتماعية والشرعية، ولكن إذا عرف السبب بطل العجب.
فحيث أن الجهلوت اختزل مشروعه في التضليل، فهو حريص على الاستفادة من تجربة أستاذه السامري في صناعة عجله الذهبي الصقيل.
فقد علم أن السامري استغل غياب الرسول موسى عليه السلام مصدر المعرفة الشرعية والخبرة الاجتماعية والانسانية والتواصلية، فاستثمر العلوم الدقيقة في صناعة العجل، حيث استخدم الخبرة الكيميائية في صهر الذهب في درجة حرارية معينة حتى صار سائلا، ثم شكله على هيئة مجسم مع تعريضه للبرودة حتى صار صلبا.
ثم استخدم قواعد رياضية وفيزيائية في نصبه واقفا في مكان محدد بمقاييس دقيقة حتى يمر الهواء من خلال فتحات جسده فيحدث صوتا يشبه خوار العجل الذي يدل على الحياة، فانطلت الحيلة على قوم موسى فعبدوه.
إنها قواعد وخبرات علمية استخدمها السامري، فنصب على قوم موسى، وذلك حين أعوزتهم الحصانة الفكرية التي تمكنهم من القدرة على التمييز والتحليل والنقد والتعليل، وهي المهارات التي تنميها المعرفة الشرعية وكل العلوم الإنسانية والاجتماعية، فتجعل الانسان عصيا على التجهيل والتضليل.
وهذا يدل على أن استخدام العلوم الدقيقة في انفصال عن العلوم الإنسانية والاجتماعية يمكن أن يكون مصدرا للتضليل، وإن اندمجت معها وتكاملت فإنها تنمي الخبرات العلمية إلى جانب المهارات الفكرية العليا فتنتج العلم النافع، وهذا ما يخشاه كل من يحمل مشروعا للتضليل.
وبناء عليه نستنتج أن كل من يريد أن يقف في وجه مشروع الجهلوت عليه أن يحرص على تكامل العلوم واندماجها، بأن يأخذ من العلوم الشرعية والعلوم الإنسانية والاجتماعية ما يفيده في الاندماج في المجتمع بوعي وتفكير وذلك في تكامل مع تخصص العلمي والتقني.
فهذا الخيار هو الذي حرق عجل السامري ونسفه في اليم نسفا، لذلك لا غرابة في أن يخاف منه الجهلوت، ولا يريد منه عدلا ولا صرفا.