لهذا السبب لم يتقبل رفيقي تصريح الشيخ الحدوشي بأن العلامة بوخبزة كان يبتسم في مغسله

هوية بريس – عابد عبد المنعم

إذا كان رحيل العلامة محمد بن الأمين بوخبزة قد تفاعل معه العالم الإسلامي، وجنازته كانت مشهودة كما تابع الجميع، فهناك من ملأت الكراهية والحقد قلبه، ووقف هناك في الزاوية يتربص، لعله يتصيد كلمة من هنا أو هناك، ليظهر بها مجددا في الساحة، ويفتخر أمام رفاقه أنه قد بزّ الإسلاميين وكشف تخلفَّهم ورجعيتهم.

هذا ما حاول المتحول “رفيقي” فعله، مستغلا انكسار القلوب بداعي الموت، ومصابا جللا ألمّ لا بالمغاربة فحسب بل بالمسلمين كافة، بفقد عالم كبير من طينة الراحل محمد بن الأمين بوخبزة رحمه الله وغفر له.

المتحول المذكور تصيَّد تصريحا للشيخ عمر الحدوشي، قال فيه بأن “من غسلوا الشيخ بوخبزة لاحظوا أنه كان يبتسم وأطرافه كانت تتجاوب معهم”.

هذه الكلمات المختصرات استنفرت “الغيور الحدَث” على “الهيكل العلماني”، ليشنَّ حربا على “السلفيين”، وعلى الشيخ بوخبزة نفسه الذي لمزه بالتكفير، وكما يقول المثل المغربي حاول “يدير من الحبة قبة”، وادعى أن “الغريب أنك تجد مثل هذه الخرافات ينشرها ويتلقفها من يدعي أنو “سلفي”، علما أن السلفية المفروض أنها تحارب الخرافة، ودخلت في صراع مع الصوفية في قضايا مثل هذه”، وأضاف “لهذا ليس غريبا مثل هذا التصريح، وإنما الغريب انو ف 2020 مزال من يصدق مثل هذا الهراء!!”.

يجب أن نستحضر أن كل ما له صلة بالآخرة يعتبره “المتحول” خرافة ودجل وخزعبلات، وبما في ذلك عذاب القبر، الذي ثبت نعيمه وعذابه بالكتاب والسنة والإجماع، لذلك فمناقشة شخص من هذا النوع عن مقصد الشيخ الحدوشي، من العبث والمضيعة للوقت، أضف إلى هذا أن “المتحول” حين يحاول أن يتشدق بلغة العلم والبحث فهو ليس من أهل الشأن والاختصاص، فريقي هو رفيقي، لم يتغير فيه شيء سوى شيء واحد يعلمه الجميع.

وحين أراد أن يركب على حدث وفاة العلامة بوخبزة رقن على محرك البحث وفتح مقالا في الحوار المتمدن ونقل منه معلومة عن الباحثة الفرنسية “ماريان لا فرانس” “Marianne LaFrance” التي تحدثت بأن “ارتخاء العضلات عند الموت تجعل الميت يبدو وكأنه يبتسم”، فجعل كلامها مسلَّما به ويمكن أن نعتمد عليه علميا للوصول إلى خرافة من يقول بـ”علامات حسن الخاتمة”!

هذا وكأن الشيخ الحدوشي الذي يعرفه رفيقي جيدا، واعتقل معه لسنوات في زنزانة واحدة، صرح بأن الراحل محمد بوخبزة في الجنة، وهذا بطبيعة الحال أمر بعيد ومجانب للصواب، لأنه من المعلوم عند صغار الباحثين أن علماء المسلمين قرروا بأن الخواتيم عند الله تعالى ولا يحكم بواسطتها لأحد بجنة أو نار، والحكم على الميت يكون بميزان الشريعة لا بميزان الصورة، لكنهم ذكروا أيضا أن هناك أمورا يستأنس ويستبشر بها لحسن الخاتمة، وذلك بناء على نصوص شرعية أيضا.

فحسن الخاتمة لها علامات، ومنها النطق بالشهادة عند الموت، والموت بعرق الجبين، والموت ليلة الجمعة أو نهارها.. والميت إن كان من أهل السعادة فهو يرى الملائكة بخلاف من هو من أهل الشقاء، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء، بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مدَّ بصره، ثم يجيء ملك الموت عليه السلام، حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة -وفي رواية: المطمئنة- اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان. قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فيِّ السقاء، فيأخذها… وإن العبد الكافر -وفي رواية الفاجر- إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة -غلاظ شداد- سود الوجوه، معهم المسوح -من النار- فيجلسون منه مدَّ البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب. قال: فتفرق في جسده، فينتزعها كما ينتزع السفود -الكثير الشعب- من الصوف المبلول، -فتقطع معها العروق والعصب-). رواه أحمد وأبو داود وغيرهما.

هذه الأمور مستقرة وثابتة لدى كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر، أما من يصدر عن مرجعية أخرى، ويحاول أن يطوِّع النصوص خدمة لجهات معينة، ويصرُّ على إقامة معركة متوهَّمة بين الدين والعلم، فذاك شأنه واختياره، لكن رجاء: قليل من المصداقية والحياء فقط..

د.البشير: من ينفون الكرامات ينصبون المعارضة بين العلم والدين ويجعلون العلم ربا خالقا من دون الله