لهذه الأسباب عصيد يدافع باستماتة عن “لشكر” والإساءة للمقدسات

لهذه الأسباب عصيد يدافع باستماتة عن “لشكر” والإساءة للمقدسات
هوية بريس – متابعات
كما كان متوقعا، لم يُفوّت الناشط المثير للجدل أحمد عصيد مناسبة المساس بالذات الإلهية دون أن يخرج بتصريح يدافع فيه عن رفيقة دربه ابتسام لشكر. فمباشرة بعد إعلان النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بالرباط متابعة لشكر في حالة اعتقال وإحالتها على جلسة المحاكمة، سارع عصيد إلى الإدلاء بتصريحات عبر منابر إعلامية مقربة منه، مدافعا عنها بعد ظهورها بقميص يتضمن سبا صريحا لله تعالى.
وقد اعتبر عصيد أن الأمر لا يعدو أن يكون “مزاحا وضحكا”، وفي تصريح آخر اتهم التيار المحافظ باستغلال الواقعة لتصفية حسابات سياسية، وهو ما رأى فيه محللون استخفافا بالعقول وبخطورة المساس بالمقدسات الدينية والذات الإلهية على وجه الخصوص.
ولم يكن موقف عصيد بخصوص الخالق سبحانه معزولا؛ فقد سبق له أن وصف رسائل النبي محمد صلى الله عليه وسلم بـ”الإرهابية”، كما رفض أداء القسم بالله في بداية برنامج “قفص الاتهام” الذي يقدمه رضوان الرمضاني، وهو القسم الذي دأب الضيوف على أدائه للتأكيد على قول الحق، إذ ردّ عصيد حينها بعبارة “هو هداك”، في موقف اعتبره كثيرون إنكارا صريحا للخالق.
وخلال مناقشة تعديلات القانون الجنائي في عهد وزير العدل مصطفى الرميد، عارض عصيد إدراج المادة 219 التي تجرّم سبّ الذات الإلهية والرسل والأنبياء، معتبراً أن هذا المقتضى “يوقف الفكر” ولا مكان له في مشروع القانون الجنائي، مضيفا أن المادة تتيح –في نظره– الإيقاع بالناس دون مبرر معقول. وزعم أن الاستهزاء بالأديان قد يكون أحيانا أدبيا في رواية، أو فنيا في عمل مسرحي أو سينمائي، وهو ما لا يعد جريمة إطلاقا بل “جزء من الحضارة الإسلامية”، على حد زعمه.
هذا الموقف ينسجم مع المرجعية الفكرية لعصيد كما يوضحها في كتاب “قدر العلمانية في العالم العربي”، حيث يرى أن الدين “صنع بشري محض” ومرحلة من مراحل تطور العقل البشري، تبدأ بالأسطورة وتنتهي بالعقل العلماني المعاصر. ومع ذلك يتجنب الإعلان الصريح عن معتقده الشخصي، مفضلا الاحتماء بشعار “حرية الضمير”، رغم أن خطابه موجه بالأساس إلى جمهور يستند إلى مرجعية ترى الإنسان عبدا لله مكلَّفا بأوامره ونواهيه وسيقف يوما للحساب.
والمتأمل في خطاب عصيد لا بد أن يلاحظ نزعة عدائية متكررة تجاه الإسلام، عقيدة وشعائر وأحكاما ورموزا، بدء بالصلاة والمساجد والصيام والحجاب والحج، وصولا إلى تشكيكه في النصوص والرسائل النبوية. ورغم ذلك، يصر على تقديم نفسه بصفة “المفكر” و”الناقد لتراث المسلمين”، دون أن يوضح خلفيته الاعتقادية أو تخصصه العلمي في القضايا الدينية والحضارية.
وهنا يبرز السؤال الجوهري: هل نحن أمام ناقد صريح يعلن انتماءه الفكري كما يفعل كبار المفكرين، أم أمام ناشط يتنقل بين الأقنعة ويخفي قناعاته الحقيقية خلف شعارات مضلِّلة؟
إن أخطر ما في الأمر أن يتحول المساس بالمقدسات والذات الإلهية إلى أداة لتمرير أفكار دخيلة ونشر معتقدات غريبة عن هوية المغاربة الجامعة، في مسعى يهدد الأمن الروحي للأمة ويزرع بذور الشك والاضطراب في صفوف المجتمع. فالمساس بالثوابت ليس مجرد جدل عابر، بل هو مسعى خطير يفتح الباب أمام ضرب استقرار البلاد وقيمها الجامعة، ويكشف حجم الخطر الذي يمثله من يسلكون دروب النفاق للترويج لمشاريع لا علاقة لها بمرجعية المغرب الحضارية والدينية.



