ليست “حالة شرود”.. لكن أعضاء المؤسسة العلمية ليسوا أجراء في “مزرعة الرفاق”!!

08 مارس 2024 18:49

هوية بريس – عابد عبد المنعم

في إطار السجال حول مدونة الأسرة، اعترض بعض الصحفيين على الموقف الذي اتخذه د.إدريس خليفة، عضو المجلس العلمي الأعلى، حين انسحب من المجلس الوطني لحقوق الإنسان بسبب مذكرة المجلس المثيرة، التي اعتبرها مخالفة “للشريعة والقرآن والسنة والعرف الاجتماعي للأمة المغربية”، وفي هذا الصدد حاول منبر تابع للهولدينغ الإعلامي لأحمد الشرعي ممارسة الوصاية على المجلس العلمي الأعلى ومحاصرة أعضائه، بهدف عزلهم، ومنعهم من التدخل في هذا النقاش.

ما اعتبره بعض الأكاديميين تطفلا غير مقبول، وممارسة للوصاية من جهة هي الخصم الأصلي في هذا السجال.

وفي هذا الصدد صرح د.يوسف فاوزي؛ بأن ما تفضل به الأستاذ إدريس خليفة حول مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان هو واجب ديني وأخلاقي ووطني؛ فهو يمثل المؤسسة العلمية التي عينها أمير المؤمنين طرفا مشاركا في النقاش العمومي حول مشروع إصلاح مدونة الأسرة المغربية؛ وموقفه المتمثل في الانسحاب من اجتماع خصص للمصادقة على هذه المذكرة بعد أن تبين له مخالفتها للثوابت الدينية للأمة المغربية هو موقف أصيل يشكر عليه؛ وهو أداء للأمانة التي كلف بها.

وأما التشويش العلماني الذي أثاره بعضهم حول هذا الموقف؛ فهو يصور لنا بشكل واضح مرض انفصام الشخصية لدى اليسار المغربي؛ فهم -اليسار- يدعون دائما الانتصار لحرية التعبير والرأي واحترام الرأي الآخر؛ ثم في نفس الوقت يمارسون ديكتاتورية الرأي بالسعي للإقصاء والتهجم على هذا الرأي المخالف؛ مما يدل على ازدواجية المعايير التي تبين لنا في كل مرة أن هذا التيار اليساري دخيل على المجتمع المغربي.

وأضاف أستاذ الشريعة بجامعة ابن زهر في تصريح لهوية بريس “الدكتور إدريس خليفة قال رأيه الذي يمثل موقف الشرع من هذه المذكرة؛ فأين المشكلة؟؟!!!

العلمانيون يريدون من العلماء فقط قول (نعم) للمصادقة على قرارتهم المستوردة من الخارج؛ وكأن أعضاء المؤسسة العلمية أجراء في مزرعة الرفاق؛ الرفاق الذين فشلوا في كل شيء؛ وهذه المرة يريدون الاجهاز على ما بقي من معالم الشريعة الغراء في مدونة الأسرة”.

وختم د.فاوزي تصريحه بتوجيه عبارات التقدير والاحترام لموقف الدكتور إدريس خليفة، معربا عن أمله في أن يكون موقفا رسميا للمجلس العلمي الأعلى الذي يرأسه أمير المؤمنين محمد السادس نصره الله.

د.رشيد بنكيران شدد على أن جميع الحقوقيين متفقون على أن الحرمان من حرية التعبير، والمنع من إبداء الرأي في قضايا مصيرية يعد اضطهادا في مجال حقوق الإنسان ومصادرة لحق من حقوقه الأساسية، لكن أن يقع هذا الاضطهاد داخل مؤسسة تتولى مهمة الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها فهذا مما لا يستساغ بأي حال من الأحوال ولن تجد له وصفا مناسبا سوى أنه جريمة خطيرة ورِدّة حقوقية وانتكاس جدري يعصف بالأساس الذي بني عليه المجلس الوطني لحقوق الإنسان وخصوصا لدى الحداثيين؛ “شعار حرية التعبير حق مقدس”!!

وأضاف رئيس مركز غراس للتربية والتكوين وتنمية المهارات، في تصريح لـ”هوية بريس” “كشف موقف الممثل للمجلس العلمي الأعلى في المجلس الوطني لحقوق الإنسان وهو الدكتور إدريس خليفة عن استعلاء مارسته رئاسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان واستبداد مخز؛ إذ أعلن انسحابه من المجلس بسبب تمرير مذكرة تخص مدونة الأسرة ورفعها إلى اللجنة التي عينها الملك دون مناقشة حقيقية من أعضاء المجلس.

ولنا على هذا الحدث ملاحظات كالآتي:

الأولى: من البديات المقررة أن لأي عضو في مجلس ما  الحق في إبداء رأيه والدفاع عن قناعاته، وإلا كان وجوده في ذاك المجلس كعدمه، بل لو لم يمارس أي عضو هذا الحق لكان غاشا للفئة التي يمثلها وخائنا للأمانة التي أسندت إليه. ولهذا نرى أن ما قام به ممثل المجلس العلمي الأعلى في المجلس الوطني لحقوق الإنسان منسجما مع الأمانة التي كانت على عاتقه.

الثانية: من الواجب على رئاسة أي مجلس يتكون من أعضاء أن يمكن هؤلاء الأعضاء من ممارسة حقهم المشروع في إبداء آرائهم فيما يتخذ من قرارات داخل ذلك المجلس. لكن للأسف الشديد أن رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان آمنة بوعياش لم تلتزم هذا الواجب، وصادرت حق الأصوات المخالفة لها في التعبير والوجود. والعجيب من كل عجب أننا نجد في مواقف مختلفة أن أشد الناس إقصاء للمخالفين لهم وحرمانهم من حق حرية التعبير هم أصحاب الحقوق الكونية!! والمتهمون للإسلام بالدكتاتورية!! والداعون إلى المفاهيم الحداثية المخالفة لهوية البلد!! والمستقوون على فرض أمر الواقع بالغرب!!

الثالثة: انبرت أقلام إعلامية مؤطرة بأنجدة معروفة تهاجم موقف الدكتور إدريس خليفة لما أعلن انسحابه وبين سببه، ومارست تلك الأقلام مغالطة مفضوحة إذ فسرت موقف الدكتور بإصدار فتوى شرعية في خصوص المذكرة التي رفعت دون مناقشة إلى لجنة مدونة الأسرة الموكلة من طرف الملك وشنعت عليه صنيعه، ولا يخفى على أهل البصيرة أن للفتوى حقيقة شرعية، فليس كل كلام في الدين يسمى فتوى، فلا يوصف مثلا من قال إن الخمر حرام أنه قد أفتى، ولا من قال مثلا إن اللواط حرام أنه قد افتى، ولا من قال إن تسوية في الأولاد بين الذكر والأنثى مخالف لقطعيات القرآن أنه قد أفتى، فهذه الأقوال ونظائرها التي هي من المعلوم من الدين بالضرورة والمجمع عليها لا تسمى فتوى، لكن تلك الأقلام المأجورة تريد أن تصطاد في الماء العكر وتصادر حق العلماء في إبداء رأيهم وتخويفهم من ممارسة هذا الحق بدعوى أن الفتوى لا يصدرها إلا المجلس العلمي الأعلى برئاسة ملك البلاد، وهذه مغالطة مفضوحة لن تمر على من يهمه الأمر”.

د.محمد بورباب، وبلغة قوية علّق على مقال منبر الشرعي بقوله “يقوم هذا الشارد الذي يعيش بعقلية غابرة، وبحدود وهمية افتراضية، بمهاجمة أحد علمائنا الأشاوس، والشخصيات الوطنية الكبيرة، بسيرته الحافلة بالإنجازات في خدمة الوطن، وبعضويته في المجلس الأعلى وعضو في المجلس الوطني لحقوق الانسان.. يعيب عليه هذا الشارد/الجاهل تعامله مع السوشيل ميديا من حيث قيمته كعالم: وهذا من أرذل ما أسمعه وأنا أعيش في “إعلام العولمة” في القرن ال21، حيث تشكل وسائل التواصل الاجتماعي نقلة نوعية في عالم الإعلام الرقمي و جعلت من العالم كله، وليس فقط من المغرب، قرية متواصلة..

فكل الشخصيات المرموقة وطنيا ودوليا تستعمل شبكات اتصالية معلوماتية على أسس (سياسية، واقتصادية، وثقافية، وفكرية)، من أجل تعزيز التواصل بين الأشخاص وتقريب المسافات الجغرافية، وتقاسم المعرفة والمعلومات بسهولة، وخلق فرص جديدة للتعلم والتطوير الشخصي، وتعزيز الانفتاح والتفاعل الثقافي بين الأفراد.

وأضاف أستاذ البيولوجية الجزيئية، ورئيس هيئة الإعجاز العلمي بشمال المغرب “يعيب هذا الشارد/الجاهل، على عالمنا أنه يطالب بجعل المذكرات تلائم بنود الشريعة الإسلامية، وكأنه لا يعلم بأن الشريعة الإسلامية تحكم بلدنا منذ 12 قرنا ولا تزال تحت إمرة أمير المؤمنين.

يتهم هذا الشارد “الإسلاميين” بجر النقاش الهادئ الى ملعب الفتنة، وهو يعلم بأن الذي يدعو إلى الفتنة هم العلمانيون الذين يريدون فرض قوانين مستوردة من الغرب على مجتمعنا المسلم، وأن معظم هذه القوانين تصطدم مع الحقائق العلمية البيولوجية/السوسيولوجية من جهة، ومن جهة أخرى لم نرصد في الساحة من يدعو الى الفتنة باستثناء العلمانيين بمختلف أطيافهم.

وختم رئيس الجمعية المغربية للمساهمة في ترسيخ مبادئ الدستور والدفاع عن الثوابت الوطنية تصريحه بقوله “يتهم هذا الشارد العلماء والدعاة والخطباء الغيورين على شريعتهم باستعمال وسائل الافتراء والتضليل.. ونحن نعلم بأن هذه الفئة المغربية منزهة عن هذه الصفاة، وهي من صفاة هذا الشارد وأمثاله..”.

د.محمد عوام ذكّر في تصريح لهوية بريس بأن مدونة الأسرة اختصاص ملكي بامتياز، وهي -أي المدونة- تستمد شرعيتها من الإسلام، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤسسة وطنية، وليست ملكا لليسار محفظة في اسمهم، ومن حق الأستاذ إدريس خليفة أن ينسحب، لأنه قد علم أن مذكرة المجلس التي قدمها لم يستشر فيها باقي الأعضاء، وإنما انفردت بها رئيسته ومن هم على شاكلتها، فهذه هي أبهى صور الديمقراطية وحرية التعبير التي ينشدون ويتغنون بهما.

فالملك باعتباره أميرا للمؤمنين حسم الأمر في خطاب بقاعدة ذهبية مستمدة من حديث نبوي شريف: أنا لا أحل حراما، ولا أحرم حلالا. وهذا ما لا يريد أن يفهمه العلمانيون، فهم بذلك يطعنون في الخطاب الملكي من الخلف، ويتنكرون له.

وشدد الباحث في أصول الفقه ومقاصد الشريعة على أن مؤسسة المجلس العلمي الأعلى أقوى من مجلس حقوق الإنسان للاعتبارات التالية:

أولا: يترأسه الملك باعتباره أميرا للمؤمنين.

ثانيا: يستمد شرعيته من الإسلام الدين الرسمي للمغاربة وللدولة المغربية.

ثالثا: يستمد شرعيته من التاريخ المغربي، إذ هو امتداد لمؤسسة العلماء عبر التاريخ، وليس مقطرا من السقف.

ولذا نقول للعلمانيين الحاقدين على الإسلام وأهله لا تلعبوا بالنار، فالأسرة المغربية أسرة مسلمة، ولن تقبل بأفكاركم السقيمة، و”اجتهاداتكم” المعوجة والمنحرفة، التي تريد القضاء على ما بقي من الإسلام في مدونة الأسرة. فالشعب المغربي لن يلتفت إليكم.

وأنا أفتخر وأشد على يد أستاذنا ادريس خليفة وكافة علماء على مواقفهم جميعا، فهم أمناء الشريعة، وإذا ظن العلمانيون أنهم بإمكانهم التحريف والتأثير وبخاصة بالغرب، فإن الملك والمجلس العلمي الأعلى لن يسمحوا لهم بذلك.

وختم د.عوام تصريحه بقوله “أهمس في أذن ذلك الطرطور الذي أصبح بوقا خسيسا للعلمانيين يفتيهم بمقاصد الشريعة كما يحرفها هو، فإنك مع الأسف وقعت في لجة وهويت إلى القاع، ما تقوله من انحرافات يعلمها صبيان المسلمين وأطفالهم، فلا تنطلي عليهم فما بالك بكبارهم، وما بالك أكثر بعلمائهم. فكفاك قبحا أن تكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكفاك إثما أن تحترف تزوير الشريعة وتحريفها بالأباطيل والأراجيف.

وأخيرا شعارنا معكم (أنا مسلم ما تقيس أسرتي، وإذا لم يعجبك الإسلام ذاك شأنك)”.

د.عبد الرحيم العبدلاوي اعتبر في تصريح لمنبر “هوية بريس” أن ما ما قام به د.إدريس خليفة سلوك قرآني وموقف شرعي، كان على من يشاطرونه أن يقفوا موقفه، وهو الإنسحاب لا التصويت بأي صيغة، لأنه لم يطرح أو يناقش ما يقتضي التصويت، ثم إن الإدلاء بالصوت فهو إقرار ضمني بقبول نتيجة التصويت، وكونك صوت بلا فيجب أن تقبل بالنتيجة!!! وهو ما فطن إليه د. إدريس مشكورا.

وأضاف أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط “أما عن موقف الصحافة فما ينتظر من صحافة ولدت من رحم من يمكرون بالمدونة!”.

واختتم د.العبدلاوي تصريحه بقوله “لا خوف على أحكام شرّعها رب الماكرين الذين نسوا أنهم زغم أنوفهم هم عبيدٌ له، وهو يمكر بهم من حيث لا يشعرون. إن المدونة الجرباء، سينبذها الشعب المغربي المؤمن، فالذي يستعد لصيام رمضان استجابة لرب رمضان، أيعقل أن يحكِّم غير شرعه سبحانه في حياته؟؟؟”اهـ

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M