لُمَح من عداوة اليهود للمسلمين
هوية بريس – د.محمد ويلالي
لقد ذم الله ـ تعالى ـ الظلم والظالمين فقال: (وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)، وبين أنهم ـ وإن ظهروا في زمن من الأزمان، وتجبروا بالقوة والغلبة ـ، محجوبون عن الفلاح، فقال ـ تعالى ـ: (إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)، كما بين ـ تعالى ـ أن مصيرهم إلى تباب، فقال: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: “والظُّلْمُ إنما ينشأ عن ظلمة القلب”.
والظلم انسلاخ عن توازن العقل، وسلامة النفس، بل انسلاخ عن الإنسانية كلها. قال الراغب الأصفهاني ـ رحمه الله ـ: “ومن خرج عن تعاطي العدل بالطبع، والخُلق، والتخلق، والتصنُّع، والرِّياء، والرغبة، والرهبة، فقد انسلخ عن الإنسانية”.
ومن أعظم الناس ظلما في هذا الوجود: اليهود، الذين جبلت نفوسهم على المكر والخداع والكذب، حتى كان ظلمهم سبيلا لحرمانهم من كثير مما أباحه الله لغيرهم. قال ـ تعالى ـ: (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ الله كَثِيرًا وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا).
ولقد شهد عليهم القرآن الكريم بذلك، وشهد عليهم التاريخ، وشهدت عليهم أفعالهم وأقوالهم: حقدٌ يملأ نفوسهم، وغيظ يفتت أكبادهم، وكراهية تحرق نفوسهم، فكان الفسادُ ديدنَهم، والفتنُ هجيراهم. قال ـ تعالى ـ: (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ).
ولقد كانت قصَّة بني إسرائيل أكثر القِصَص ورودًا في القرآن الكريم، حيث ذكر كتاب الله اليَهود بشكل مباشر أو غير مباشر في 130 آية، ذَكرت واقعهم، ونفسيتهم، وتعنتهم، وتكذيبهم، وقتلهم لأنبيائهم بالآلاف، حتى إنهم قتلوا في يوم واحد سبعين نبيا ـ كما قال ابن القيم ـ. بل يقول عبد الله بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: “كانت بنو إسرائيل في اليوم تقتل ثلاثمائة نبي، ثم يقيمون سوق بَقلِهم في آخر النهار”.. قال ـ تعالى ـ: (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ). وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أَشَدُّ النَّاس عَذَابًا يَوْم الْقِيَامَة: رَجُل قَتَلَ نَبِيًّا، أَوْ قَتَلَهُ نَبِيٌّ” صحيح الجامع.
هذا موقفهم من الأنبياء الذين جاؤوا لهدايتهم، وحب الخير لهم، فكيف بالمسلمين الذين يعتبرونهم حيوانات خلقت من أجلهم، وأن قتلهم قربى يتقربون بها إلى الله ـ زعموا ـ، حتى قال تلمودهم المكذوب: “إذا قتلتَ غير يهودي، اِحلف أنك ما قتلت إنساناً، لأنك قتلت خنزيراً”. ويقول لهم: “من يُريق دمًا لغير يهودي، كان قد قدم أسمى القرابين إلى الله”؟
ومما ما جاء في بروتوكولات حكمائهم قولهم: “حينما نُمكِّن لأنفسنا، فنكون سادة الأرض، لن نبيح قيام أي دين غير ديننا.. ولهذا السبب، يجب علينا أن نحطم كل عقائد الإيمان”.
ويقول أحد كبرائهم: “إن كل الأديان ـ ما عدا الدينَ العبراني ـ هي ديانات مخادعة، ومعيبة، ومُهينة للقيم الإنسانية، ومذلة للرب نفسه”. وكل ذلك ينم عن قلوب تفيض حقدا وحسدا على ما أنعم الله به على المسلمين من هداية القرآن. قال ـ تعالى ـ: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ). وقال نبينا صلى الله عليه وسلم:”إِنَّ اليَهود قَوْمٌ حُسَّدٌ” الصحيحة.
ولقد فطن إلى مكرهم وفسادهم بعض حكماء الغربيين أنفسهم، فحذروا العالم من خبثهم وطيشهم.
يقول أحدهم: “أيُّها السادة، في كلِّ أرضٍ حلَّ بها اليَهود أطاحوا بالمستوى الخُلُقي، وأفسدوا الذمَّة التجارية فيها، ولم يزالوا منعزلين لا يندمِجون بغيرهم”.
ويقول آخر: “منذ أيَّام موسى واليَهود ظالِمون أو متآمِرون، كل مواهب اليَهود مركَّزة في أعمال النَّهب، لهم عقيدة تُبارك سرقاتِهم وأفعالَهم السيئة”.
وفعلا، فهذا تلمودهم يقول: “اِحلف عشرين يمينًا كاذبًا، لتوصِل فلسًا واحدًا ليهودي”.
وعداوة اليهود لرسول الله صلى الله عليه وسلم بدت منذ أن بُعث صلى الله عليه وسلم بالوحي، حيث قال أحد زعمائهم، وهو حيي بن أخطب، وقد سأله أخوه أبو ياسر بن أخطب قائلا: “فماذا في نفسك منه؟” ـ أي: من رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ، قال: “عداوته ـ والله ـ ما بقيت”. قال ـ تعالى ـ: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا). قال الزمخشري: “ولعمري إنهم لكذلك وأشد”.
فقد كانوا سببا لإشعال الحرب في غزوة الأحزاب، حتى إن طائفة منهم نقضوا العهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم في سبيل التمكين للأحزاب من العرب من الانتصار على المسلمين.
وكانوا سببا في مقتل سيدنا عثمان رضي الله عنه، وإحداث فتنة عظيمة ـ بذلك ـ بين المسلمين.
وقبل ذلك، أرادوا إثارة النزعة العرقية والطائفية بين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بين الأوس والخزرج، في قصة تستحق التنزيل على واقعنا اليوم.
قال ابن إسحاق: مَرَّ شاسُ بنُ قيس ـ وكان شيخاً يهودياً عظيم الكفر، شديد الضغن على المسلمين، شديد الحسد لهم ـ على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج، في مجلس قد جمعهم، يتحدثون فيه، فغاظه ما رأى من ألفتهم، وجماعتهم، وصلاح ذات بينهم على الإسلام، بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية.. فأمر فتى شاباً من يهود كان معه، فأمره أن يذكرهم بأيام حروبهم في الجاهلية، ففعل، حتى أغرى صدورهم، وكادت الحرب تنشب بينهم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم فيمن معه من أصحابه المهاجرين حتى جاءهم فقال: “يا معشر المسلمين، الله الله، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله للإسلام، وأكرمكم به، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر، وألف بين قلوبكم؟”. فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان، وكيد من عدوهم، فبكوا، وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضَهم بعضًا، ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين. فأنزل الله ـ تعالى ـ في شأن اليهود: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ الله وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ). وأنزل الله في زعماء الأوس والخزرج الذين انخدعوا بإغراء اليهود: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ..).
فهل نستغرب ـ بعد هذا ـ ما يحدث اليوم لإخواننا في فلسطين؟
رَقَصَ اليهودُ على مئاتٍ من جُثثْ * والصمتُ عزفٌ قادهم نحو العبثْ
حرقوا الصغيرَ وأحرقوا أرواحَنا * يا أمتي لِضميرِنا ماذا حدثْ؟