مأزق الموظفين العموميين..
هوية بريس – يونس فنيش
إشاعة “تسريب مسودة اللجنة المكلفة بإصلاح صناديق التقاعد” في الآونة الأخيرة، عبر شتى وسائل التواصل الإلكترونية، تستدعي المساهمة المواطنة عبر إبداء الرأي و إنتاج الأفكار في هذا الصدد، و كذلك اقتراح حلول بديلة قدر المستطاع نظرا لأهمية الموضوع و لكل غاية مفيدة، علما أن الآراء و الأفكار المنبثقة من الغيرة على الوطن من شأنها مساعدة الحكومة على اتخاذ قرارات صائبة موفقة ترضي حميع النيات الحسنة و الله المستعان.
فالمرجو من السيد رئيس الحكومة عزيز أخنوش أولا التقدم بشرح مقنع، و ربما أيضا تحديد المسؤوليات، في ما يتعلق بإفلاس صناديق التقاعد، قبل اتخاذ إجراءات إضافية، بعد تلك التي كان قد اتخذها رئيس الحكومة السابق السيد عبد الإله بنكيران ضد جميع الموظفين العموميين -باستثناء موظفي الأمن الوطني و ربما هيئات أخرى التي تحتكم إلى قوانين مهنية خاصة أو التي لها وضع قانوني خاص، و الله أعلم-، كتمديد سن التقاعد إلى حدود 65 سنة بدل 63 سنة، و رفع مبلغ الإقتطاعات للمرة الثانية، و خفض قيمة المعاشات مرة أخرى عبر تخفيض معدل الأقساط السنوية من 2 إلى 1،5 ./. في ما يتعلق بالتقاعد، و من 1,5./. الى 01./. بالنسبة للتقاعد النسبي، و ربما أشياء إضافية غير سارة بتاتا كتحديد نسبة 70./. من الراتب كحد أقصى…
النكسة التي يتعرض لها الموظفون العموميون قد تدفع الناس إلى اعتبار أن لا فرق بين حكومة العدالة و التنمية و حكومة الأحرار، و قد تجعلهم يجزمون بأن لا برامج تخص هذا الحزب أو ذاك، و قد تدفعهم للاعتقاد بأن الأمر يتعلق بمجرد مسرحيات تلعب قبل و خلال الحملات الإنتخابية من لدن أشخاص هدفهم فقط مصالحهم الشخصية الضيقة، و الله أعلم.
إن الحكم على الموظفين العموميين “بالموت البطيء”، لا قدر الله، و ذلك عن طريق خفض رواتبهم و معاشاتهم الهزيلة أصلا مقارنة بموجات الغلاء الفاحش للمعيشة الذي نشهده في زمننا هذا حل ضعيف و غير ذكي، لأن كل الإجراءات المتخذة ضد الموظفين العموميين ستضعف الدولة و الإقتصاد الوطني معا، ناهيك عن كونها إجراءات من شأنها إنعاش ظاهرة الرشوة و المحسوبية و قد تقضي لا قدر الله على النزاهة، و ذلك لكونها إجراءات مخيفة قد تتسبب في الشعور بعدم الإطمئنان على المستقبل لأنها تهدد الإستقرار المعيشي للموظفين العموميين في فترة ما بعد التقاعد.
إن الأكثر تضررا من إصلاح صناديق التقاعد هم الموظفون العموميون الوطنيون النزهاء الذين يكتفون بأجورهم من باب الاستقامة و الوطنية الحقة، و بالتالي فلا مدخرات لديهم و لا أرصدة و لا ودائع ضخمة لهم غير مبررة في الأبناك؛ عكس بعض المرتشين من بينهم الذين لا تهمهم كلفة إصلاح صناديق التقاعد، لأنهم بكل بساطة استغلوا أو يستغلون الوظيفة العمومية، و الله أعلم، للإغتناء بطرق غير قانونية و غير مشروعة وذلك بانخراطهم في شبكات المحسوبية و الرشوة و ربما أشياء أخرى… و لعل أو لا شك أن لدى “الهيئة الوطنية للنزاهة و الوقاية من الرشوة” برئاسة السيد محمد بشير الراشدي ما يفيد في هذا الصدد بشكل دقيق…
وحدهم الموظفون العموميون الوطنيون النزهاء الشرفاء متضررون حقيقة من الإجراءات المجحفة المرتقبة في ما يتعلق بإصلاح صناديق التقاعد، لأن بعض المرتشين من بين الموظفين العموميين لديهم عائدات الرشوة سواء كانت اعتيادية أو عرضية من حين لآخر، و سيجدون حين تقاعدهم مدخرات الرشوة التي جمعوها رهن إشارتهم، و أما عامة الموظفين العموميين النزهاء الشرفاء الذين سيحالون على التقاعد فسيكونون على موعد مع ضيق العيش، و ربما سيواجهون الجوع في أواخر كل شهر في ما سيتبقى من أعمارهم… و هذا ليس عدلا.
نحتاج لمن يبلغ السيد رئيس الحكومة عزيز أخنوش باقتراح تطبيق مبدأ “من أين لك هذا في الوظيفة العمومية” ( أنظر مقال سقوط الديمقراطية/جريدة الصحيفة/جريدة هسبريس) على جميع الموظفين العموميين و كذلك على أصولهم و فروعهم، و استرجاع الأموال المحصل عليها من غير وجه حق للاستعانة بها من أجل إصلاح صناديق التقاعد، قبل الشروع في عملية تنفيذ تلك الأحكام المجحفة ضد الموظفين العموميين لإصلاح صناديق التقاعد، في حالة الإضطرار المبرر طبعا…
و في الختام، و رغم كل ما وجبت الإشارة إليه في هذا المقال من باب المواطنة الفعلية و في إطار حرية التعبير، لابد من التأكيد على ضرورة التفاؤل بمستقبل جميل و سعيد للجميع لاسيما و أن الأخبار تفيد باكتشاف حقول نفط في وطننا الحبيب… اللهم بارك.