جرى اليوم السبت بالرباط، تسليم الجزء الأول من أرشيف هيئة الإنصاف والمصالحة لمؤسسة أرشيف المغرب، يضم 17 ألف و362 ملفا تم العمل على تصنيفها في 1239 علبة خاصة بالأرشفة والحفظ.
وتندرج هذه المبادرة في إطار ورش أرشفة ملفات العدالة الانتقالية، الذي أطلقه المجلس الوطني لحقوق الإنسان في فبراير 2017، لمعالجة ملفات الهيئة المستقلة للتحكيم، في مرحلة أولى، ومعالجة ملفات هيئة الإنصاف والمصالحة، في مرحلة ثانية، وذلك بالنظر للقيمة الرمزية والقانونية والتاريخية العالية للأرشيفات التي أنتجتها كل من هيئة التحكيم المستقلة وهيئة الإنصاف والمصالحة.
وفي تصريح للصحافة، أبرز مدير أرشيف المغرب، جامع بيضا، القيمة المضافة لمثل هذه المبادرة ذات الرمزية الكبيرة التي تنضاف إلى ما أقدم عليه المجلس الوطني لحقوق الإنسان في يوليوز الماضي حينما سلم لمؤسسة أرشيف المغرب أرشيفات الهيئة المستقلة للتحكيم، واصفا هذه الخطوة بالمهمة، إذ تشكل قطيعة مع ما كان يلف الأرشيف من سرية وكتمان في السابق.
وأضاف أن الشفافية التي تطبع هذه المبادرة تجعل المغرب يدخل مرحلة جديدة في ميدان الأرشيف، يتم حاليا بناؤها ليكون الأرشيف “عماد الشفافية”، مسجلا أن المغرب اصبحت لديه اليوم مؤسسة تؤتمن على أرشيفات الدولة كما تؤتمن على أرشيفات الخواص.
واعتبر أن مبادرة المجلس الوطني لحقوق الانسان تعد قدوة للدفع بالقطاعات الحكومية لتنفيذ القانون المنظم للأرشيف، مشيرا إلى أن صفحات التاريخ المغربي، بما فيها ما يسمى بسنوات “الجمر والرصاص، لازال فيها كثير من الغموض، وأن الأرشيف اليوم سيساهم في إماطة اللثام عن بعض ذاك الغموض”.
من جهته أكد رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان، ادريس اليزمي، على أن أهمية الأرشيف لا تكمن فقط في كونه الشاهد الذي لا يمكن الاستغناء عنه لدراسة أحداث الماضي، وإنما كذلك لكونه يضمن الشفافية، ويشكل مادة أساسية لحفظ حقوق الأفراد والجماعات.
وأبرز أن المجلس يعتبر أن عمليات حفظ وتنظيم وتيسير الولوج الى الأرشيف الذي أنتجته تجربة العدالة الانتقالية في المغرب، تعد رهانا أساسيا لإعادة ترتيب عناصر الذاكرة الجماعية وكتابة التاريخ الراهن وترسيخ المصالحة.
من هنا، يضيف اليزمي، ارتأى المجلس تسليم أرشيف التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية لمؤسسة أرشيف المغرب، حيث سبق للمجلس أن سلم الدفعة الأولى من أرشيف هيئة الانصاف والمصالحة للمؤسسة، بعد أن كان قد وضع رهن تصرفها أرشيف هيئة التحكيم المستقلة في شهر يوليوز الماضي.
وأوضح أن من شأن هذه الخطوة أن تعزز المنظومة الحقوقية في المغرب وتقوي دعائم دولة الحق والقانون، وأن تيسر الولوج الى المعلومة وتساهم في وضعها رهن إشارة الباحثين والمؤرخين والمهتمين بالفترة التاريخية التي شكلت موضوع مهمة هيئة الإنصاف والمصالحة، مما سيساهم بالتأكيد في تعميق وإغناء الدراسات التي تعنى بالتاريخ الراهن.
أما المستشار بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، محمد مصطفى الريسوني، فأكد أن ضبط الأرشيف والحفاظ عليه عمل ترقى به الأمم، لكون تاريخ دولة ما ينبغي أن يكون محفوظا في أرشيف منظم، موضحا أن القانون المنظم للارشيف العام للمملكة الذي اعتمده المغرب منذ سنة 2007، يلزم جميع أجهزة الدولة والقطاعات المهتمة بتاريخ المغرب أن تسلم أرشيفها بكيفية مضبوطة.
وأضاف أن من بين الهيئات التي عملت على تصفية ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، هيئة الانصاف والمصالحة التي بتت في أزيد من 32 ألف ملفا، مما ساهم في تراكم ملفات كثيرة وأرشيف ضخم تم إعداده، مشيرا إلى أنه يتم اليوم تسليم الجزء الاول منه، والذي سيكون مكتبة كبرى للباحثين والمؤرخين المغاربة والأجانب ممن يرغبون في معرفة تاريخ المغرب الحاضر والماضي البعيد والقريب أيضا.
حضر مراسيم تسليم أرشيف هيئة الانصاف والمصالحة ممثلون عن القطاعات الحكومية، وبرلمانيون، وممثلو المؤسسات الوطنية والسلطات القضائية، والأحزاب والنقابات والمنظمات غير الحكومية، والجامعات والمراكز العلمية، وممثلو البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية.
يذكر أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان كان قد سلم لمؤسسة أرشيف المغرب في يوليوز الماضي، ملفات هيئة التحكيم، ليبلغ إجمالي عدد الملفات التي سلمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان لهذه المؤسسة 22 ألف و50 علبة للحفظ.