ماء العينين: ماكرون لم يراعِ أصول الضيافة ولم يراعِ حجم الألم الذي يعتصر قلوب المغاربة
هوية بريس – أمينة ماء العينين
نحن المغاربة متميزون بميزة رئيسية وصادقة وهي أن قضيتنا الأولى تسري فينا مسرى الدم في العروق، وتعبيرنا عن دعمنا لوحدتنا الترابية تعبير مبدئي وثابت لا نزايد به ولا نبتغي به جزاء ولا شكورا.
ونحن المغاربة متميزون في الآن ذاته بنصرتنا المبدئية التاريخية والثابتة لفلسطين وقضيتها ضد الاحتلال الصهيوني، وبدعمنا للقدس والأقصى على وجه الخصوص.
وقد كان التعبير الملكي بليغا حينما كرر أكثر من مرة أن قضية فلسطين بالنسبة للمغاربة هي في نفس مرتبة قضية الصحراء المغربية، ليميز بذلك بين الخبيث والطيب، وليميز بين الثابت والمتحول في علاقات المغرب الخارجية.
الرئيس الفرنسي ماكرون وهو ضيف المغرب وملكه وشعبه، لم يراعِ أصول الضيافة وهو يتوجه للبرلمان المغربي الذي يفترض أنه يمثل شعبا هو من أكثر الشعوب تفاعلا مع ما يحدث في غزة من حرب إبادة شاملة، وكان خطابه وهو يتناول هذا الموضوع مستفزا للشعور الوطني المتضامن مع شعب فلسطين ولبنان ومع مقاومتهما، كما لم يراعِ حجم الألم الذي يعتصر قلوب المغاربة وهم يتابعون إبادة شعب أعزل محاصر ومُجَوَّعٍ تجمعه به آصرة الدين واللغة والهوية والإنسانية.
كان من الممكن أن يتحدث الرئيس ماكرون باللغة الدبلوماسية المعروفة التي تطالب بوقف الحرب والعودة إلى ما يسمونه تسوية سلمية تحقن الدماء، كان من الممكن أن يتحدث عن استهجانه استهداف المدنيين، وكان يمكن أن نتفهم من فرنسي إضافة عبارة “من كلا الطرفين”.
لكن الرئيس الذي اعترف بمغربية الصحراء وهو موقف كبير ومقدر بالنسبة للمغرب، أصرَّ بشكل غريب على التشويش على هذا الموقف بجُمل يبدو أنها منتقاة، تغازل الصهاينة في إسرائيل وفرنسا من أرض المغرب، بل ومن داخل برلمان المغرب، وهو ما يفتقد للياقة والكياسة والدبلوماسية، وهو أمر ليس -على أي حال- بغريب عنه، وما حوادث التاريخ القريب عنا ببعيد
أخيرا، إن الحق لا يحتاج لماكرون أو لغيره لأنه حق وكذلك سيظل، فالناس ماضون والمبادئ وحدها تدوم.