ماذا لو أن مندوبية الأوقاف أمرت “الأمام مالك” بالسكوت عما يقع في أرض غزة!!؟
هوية بريس – متابعات
تفاعل د.رشيد بنكيران مع خبر استدعاء مندوب مدينة إنزكان لمجموعة من الخطباء، بسبب تطرقهم لموضوع القضية الفلسطينة أو الدعاء مع المضطهدين بقطاع غزة الجريح.
وفي هذا الصدد تساءل أستاذ الفقه وأصوله “ماذا لو أن المندوبية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أمرت الأمام مالك بن أنس بالسكوت عما يقع من مجازر في أرض العزة والصمود هل كان سيسكت ويخرس!!؟
وإذا لم يسكت الإمام مالك… هل يبقى في نظر المندوبية مالكيا!!؟
وجوابا على هذا السؤال قال د.بنكيران:
– تذكر كتب التاريخ الإسلامي أن السلطة السياسية في عهد العباسيين كانت تأخذ البيعة للحاكم من الناس بالقهر، وتلزمهم تحت التهديد أن يتلفظوا بالطلاق المشروط؛ أي إن هم نقضوا بيعة الحاكم فزوجاتهم طالق. وقد عرفت هذه المسألة في الفقه الإسلامي بطلاق المكره.
– لكن الإمام مالكا رحمه الله كان يفتي بأن طلاق المكره لا يقع، أي لا يترتب عمن أخذ منه بالإكراه وتلفظ بطلاق زوجته طلاقا شرعيا عند الله عز وجل، وكان لا يجيزه ديانة وليس سياسة، أي ليس لموقف سياسي من الحاكم، بل لأن الدليل الشرعي يقضي أن المستكره على شيء بالقهر ليس بفاعل على الحقيقة.
– ورغم أن الإمام مالكا كان يفتي بأن طلاق المكره لا يقع ديانة إلا أن المندوبية في وقتها والمتمثلة في عامل أبي جعفر المنصور كانت لا ترضى بتلك الفتوى وتريد أن تْسكت صوتها ولا تصل إلى الناس، فأمر الإمام مالك بالسكوت كما يؤمر اليوم الخطباء بالسكوت”.
وفي هذا الصدد أورد الباحث في الفقه والمقاصد حادثة ذكرها الإمام الذهبي في كتاب تاريخ الإسلام:
“” [قَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: سَأَلْتُ أحمد: من الّذي ضرب مالك؟
قَالَ: ضَرَبَهُ بَعْضُ الْوُلاةِ فِي طَلاقِ الْمُكْرَهِ. كَانَ لا يُجِيزُهُ، فَضَرَبَهُ لِذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو داود: ضَرَبَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْعَبَّاسِيُّ مَالِكًا فِي طَلاقِ الْمُكْرَهِ، فَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ ابْنِ وَهْبٍ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا ضُرِبَ وَحُلِقَ وَحُمِلَ عَلَى بَعِيرٍ،
وَقِيلَ لَهُ: نَادِ عَلَى نَفْسِكَ،
فَنَادَى: أَلا مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي، أَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، أَقُولُ: طَلاقُ المكره ليس بشيء.
قَالَ جَعْفَرُ: أَدْرِكُوهُ أَنْزِلُوهُ]”. انتهى
ليعقب بعد ذلك بقوله “لم يسكت الإمام مالك رغم ما وقع له من التنكيل والضرب. بل علا صوته بما يدين الله به من صواب حينما امتحن، وجعلها سنة في المالكيين بحق، وهو رحمه الله لم يكن مطلوبا منه السكوت عن قضية تتعلق بأرواح الآلاف من المسلمين التي تزهق ظلما وتجوع وتعطش وتموت ولا مسعف لها، فكيف بالإمام مالك ولو طلب منه ذلك !!؟
اليوم تحذر المندوبية (أو بعضها) الخطباء أن يتكلموا عما يقع في أرض العزة والصمود، تمنعهم من أن يتحدثوا عن القضية الفلطينية التي عليها إجماع الأمة الإسلامية وليس فقط المغاربة، والحديث عنها لا يخالف لا “دليل الإمام والخطيب والواعظ”، ولا يخالف الدستور المغربي، ولا يخالف السياسة الخارجية للمغرب، والأهم من هذا كله لا يخالف المجمع عليه في الدين، ولا يسبب الحديث عنها أي فتنة للمجتمع المغربي، فلمصلحة من يتم قطع المغرب بأقصاه!!؟”.