ماذا نفعل إذا صدر من بعض المشهورين كلام مخالف للشرع مستقبح في الواقع؟
هوية بريس – د.البشير عصام المراكشي
يقع أن يقول بعض المشهورين كلاما مخالفا للشرع، مستقبحا في الواقع، فيبادر أغلب متابعيه إلى إنكار قوله والطعن في قائله والدعوة إلى إهدار جميع إنتاجه الفكري أو العلمي أو الدعوي. ثم ينبري بعض المدافعين إلى الذب عنه من أوجهٍ بعضُها حق لا يُتمارى فيه، وبعضها باطل صريح، مثل محاولة تسويغ القول في نفسه ليسلم قائله من الأذى!
وجميع ذلك بمعزل عن الصواب، والحق أن في هذا المقام مراتب مختلفة ليست متلازمة بالضرورة، بل يمكن اجتماعها في حالات معينة، ويمكن انفكاكها في حالات أخرى.
⚡️ الأولى: إنكار القول
فالواجب إنكار القول الباطل مطلقا، إلا إذا انبنى على الإنكار مفسدة أكبر.
⚡️ والثانية: الحكم على القائل
وهذه مرتبة أعلى، إذ لا يلزم من وصف القول بالكفر او البدعة أو الضلال مثلا، الحكم على قائله بأنه كافر أو مبتدع أو ضال، حتى يُتأكد من توفر الشروط وانتفاء الموانع.
وهذه المرتبة ليست في متناول أكثر الناس، بل هي في الأصل من مقامات القضاء الشرعي المغيّب اليوم، والقاضي عالم بالشريعة والواقع معا كما لا يخفى. فمِن أعظم الخطل، أن يتسور عوام الناس هذا المقام، فيستسهلوا الحكم على المتصدرين في العلم والدعوة. ولا يفعل ذلك من غير المؤهلين له، إلا قليل الدين!
⚡️ والثالثة: الاستفادة من القائل
وهذه أيضا لا تعلق لها بالمرتبتين السابقتين، فقد نجيز الاستفادة من الكافر الصريح الذي لا يَختلف في كفره اثنان، في بعض مجالات إبداعه؛ فكيف بالمسلم الذي زل في مسألة أو مسائل، ولو أوجب ذلك الحكم عليه بكفر أو بدعة؟! ومع ذلك، قد نمنع الاستفادة من مثل هذا لأسباب مختلفة كالزجر، أو خوف الافتتان، أو وجود من يقوم مقامه، أو غير ذلك.
فهذه المرتبة -كالتي قبلها- ليست متاحة لعوام المسلمين، بل تحتاج إلى فقه وحكمة وبعد نظر. لكنها أقل خطرا إذ لا يتعلق بها حق مسلم.
وهذا في الحكم بجواز الاستفادة أو عدمها، أما الاختيار الشخصي فلا تثريب على فاعله، إذ للمسلم أن يختار الاستفادة أو عدمها كما يشاء.
والله الهادي.