ماذا يقع بالمركز الإسلامي ببروكسل؟!
هوية بريس – محمد بحسي (صحفي مغربي مقيم ببلجيكا)
نهاية هذا الشهر ستكون نهاية إشراف رابطة العالم الإسلامي المرتبطة بالسعودية على المركز الإسلامي والثقافي ببروكسل. هذه كانت إحدى توصيات اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق في الأحداث الإرهابية التي شهدتها بلجيكا سنة 2015، والتي كان المركز الإسلامي في صلب اهتماماتها.
قرار سحب إدارة المركز من السعودية أسال لعاب جهات أخرى لوضع اليد على هذه المعلمة التاريخية والحضارية خاصة لما للبناية من أهمية استراتيجية في قلب الحي الأوروبي ببروكسل و ما للمركز الإسلامي ومسجده الكبير من قيمة رمزية لدى مسلمي بلجيكا.
اللجنة البرلمانية أوصت بوضع المركز تحت التصرف المؤقت للهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا؛ وهو ما وافقت عليه السلطات البلجيكية حسب ما صرح به صالح الشلاوي نائب رئيس الهيئة التي تمضي عقداً مؤقتاً لإدارة المبنى مع وكالة المباني في انتظار اتخاذ القرار النهائي في الموضوع.
وحسب صالح الشلاوي دائماً، فإن المركز لن يغلق أبوابه وأنه تم تعيين حارس سيكلف بفتح وإغلاق الأبواب، وأنه بداية من فاتح أبريل سيتعاقب على إمامة المصلين أئمة معترف بهم في بروكسل يتلقون رواتبهم من وزارة العدل البلجيكية. كما سيتم دفع طلب الاعتراف بالمسجد الكبير التابع للمركز كباقي المساجد المعترف بها من الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا. إذ إن المسيرين السابقين لم يسبق لهم أن تقدموا بمثل هذا الطلب بحكم أن التمويل كان يتم عن طريق رابطة العالم الإسلامي.
وحسب صالح الشلاوي الذي تحدث الأحد إلى إحدى الإذاعات الفرنسية المستقلة، فإن الهيئة ستنقل مكاتبها إلى بناية المركز بحكم أنها لا تملك مقرا خاصا بها مثل نظيراتها من الهيئات المشرفة على باقي الديانات في بلجيكا والتي لها مقرات ذات رمزية دينية.
وينتظر أن يتم تقسيم البناية إلى أربعة أجنحة : جناح لمكاتب الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا، وجناح لمعهد تكوين الأئمة الذي من المنتظر أن ينطلق مع مطلع الموسم الأكاديمي المقبل ثم جناح لإقامة متحف فيما سيبقى المسجد الكبير في الجناح الذي يحتله حالياً. هذا المسجد الذي ستشرف عليه هيئة مشكلة من رواده بعد أن يتم الإعتراف به من طرف الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا.
ورغم أن الأمر يبدو بسيطاً وسلساً، إلا أنه ليس كذلك في الواقع، لأن جمعيات من داخل بروكسل وخارجها، تطمع في الإشراف على المبنى وترى أنها أحق بذلك من غيرها معتمدة على عدة اعتبارات.
إحدى هذه الجمعيات والتي أثارت جدلا كبيرا هذه الأيام رأت أنها الأولى بتسيير المركز الإسلامي بل ذهبت إلى حد تسمية نفسها باسم شبيه بالاسم الأول: المركز الثقافي والإسلامي ببروكسل عوض المركز الإسلامي والثقافي ببروكسل، ويترأسها أحد من يقدمه الإعلام الفلاماني كإمام متفتح ومعتدل وهو ابراهيم ليتوس إمام مسجد خانت (شمال) ونائبه نور الدين الطويل إمام مسجد بأنڤرس (أكبر مدينة شمال بلجيكا). وعقدت الجمعية ندوة صحفية أبرزت فيها الدواعي التي دفعتها إلى طلب الإشراف على المركز ومنها بالخصوص أن أغلب منتسبيها من المسلمين البلجيكيين او المولودين في بلجيكا، وأنها تسعى إلى إرساء قواعد إسلام بلجيكي يقطع مع التدخل الخارجي في الشأن الديني لمسلمي بلجيكا وأنها تجعل القيم المشتركة بين كل مكونات المجتمع في مقدمة اهتماماتها كالمساواة بين الرجل والمرأة ودعم قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وتحقيق التعايش بين مختلف الثقافات.
إلا أن خصوم هذه المجموعة، ومنهم شخصيات سياسية وإعلامية بلجيكية، يرون أن هذه مجرد محاولة من السعودية للعودة من نافذة المركز الإسلامي بعدما تم طردها من الباب على اعتبار أن بعض أفراد هذه المجموعة سبق لهم أن اشتغلوا بالمركز لسنوات طويلة تحت إشراف الإدارة السعودية.
وتركز الانتقادات بالخصوص على نائب الرئيس نور الدين الطويل الذي تردد اسمه في تقارير استخباراتية تصفه بـ”السلفي الوهابي والمتشدد” كما أن البعض نبش في الملفات الأمنية للرئيس ابراهيم ليتوس وخاصة تورطه في قضية أخلاقية أفضت إلى طرده من التدريس حسب الصحافة البلجيكية كما أنه يمثل حزباً سياسياً مغربياً ببلجيكا (حزب الأصالة والمعاصرة) ما يجعل تهمة الارتباط بالخارج تحوم حوله.
وفي انتظار أن تتضح الصورة في أفق 31مارس فإن الغموض لا زال سيد الموقف في هذا الملف الشائك الذي يأتي في سياق تحديات كبرى تواجه الجالية المسلمة في بلجيكا ومنها قضية التضييق على الحجاب وصدور قوانين تمنع الذبح الحلال.