ماذا يقع داخل العدالة والتنمية؟
إبراهيم الطالب – هوية بريس
ما الذي يجري في حزب “الإسلاميين”؟
ما الذي تغير بين مرحلة بنكيران وآونة العثماني؟
هل تغير الواقع المغربي بين يوم وليلة؟
فبعد إعلانه تشكيل الحكومة من ستة أحزاب صرح الدكتور العثماني أن هذا القرار قد أملته “بالخصوص الإرادة الحازمة لتجاوز العقبات التي حالت دون تشكيل الحكومة في الشهور الماضية”.
فما هي هذه الإرادة التي أملت هذه القفزة الكبيرة ولمن هي يا ترى؟؟
وهل تم تذليل هذه العقبات التي كان يكابد تسويتها الأستاذ بنكيران؟
أم اكتفى الدكتور العثماني ومعه الحزب بالقفز عليها والالتفاف حولها؟؟
إن ما رأيناه من مجريات تشكيل الحكومة ليس عملا سياسيا “ديمقراطيا” بحال، ولا يخضع للأعراف “الديمقراطية” ولا لمتطلبات الانتقال “الديمقراطي” الذي “يُزَمّر” به آناء الليل وآطراف النهار كراكيز السياسة أمثال “المناضل” لشگر مضطرب الأزرار.
ما يجري اليوم على الساحة السياسية المغربية هو نوع تسفيه للعمل السياسي، الذي يعاني أصلا من معضلات كثيرة وأمراض متنوعة؛ هو نوع تفليس يُعجل بأزمات وعي، ومزيد إحباط لدى المغاربة المساكين؛ الذين رجع إليهم بصيص من الأمل في ممارسة السياسة أو المشاركة في انتخاب ممارسيها بعد صعود العدالة والتنمية.
فهل ما نراه اليوم هو إيذان بدخول حزب “الإصلاح” إلى مرآب الفساد والتحكم؟
أم أنه فقط، “واقعية” و”عقلانية” اقتضتهما قوة الأمر الواقع؟
هل هو فشل في إدارة المرحلة وانبطاح للواقع السياسي المتحكم فيه من طرف من كان يسميهم بنكيران بالعفاريت والتماسيح؟؟
أم علينا أن نقبل سواء فهمنا أم لم نفهم، بأن ما نراه هو أفضل ما في الإمكان، وأن خيار الخروج إلى باحة المعارضة هو خيار مرجوح، وأن اللعب في ولاية ثانية هو الخيار الراجح مع العلم المسبق أن الحكومة “العثمانية” ستتكون من أغلبية سياسية أكثر أحزابها لها القابلية الدائمة للمعارضة؟
إن التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية ليست ملكا له وحده، فأثرها في حالة الفشل -لا قدر الله- لن يكون على الحزب وحده بل على المغاربة أجمعين، فالفساد والتحكم سيشتد عوده وتزداد شراسته على المغاربة، خصوصا في ظل عدم وجود البديل النزيه؛ لذا على القائمين على الحزب ألا يبحثوا عن الحلول السهلة لواقع صعب؛ بل قد تكون مصلحة الحزب المعتبرة في تجشم القرارات الصعبة بشرط الحكمة المعتدلة دون خضوع؛ والواقعية الحذرة دون خنوع.
ومن هذا المنطلق يبقى ترجيح مصلحة إنجاح التجربة بإبقاء الأمل قائما لدى الناس، ولو اقتضى الأمر الخروج إلى المعارضة، خير من البقاء في حكومة حتى تنتهي صلاحيتها، فيكون إذ ذاك الخروجُ من التجربة خروجَ الذي شارك في الفساد وقوى شوكته، ثم لما انتهى توظيفه خرج إلى المعارضة، فهذا فيه انتحار سياسي للحزب مع قطع للأمل لدى المغاربة في العمل السياسي كميدان للمدافعة ضد الفساد والمفسدين.
صحيح أن وضع العدالة والتنمية صعب للغاية، فهو لا يقاوم أخنوش وحزبه ولشكر و”رباعتو” بل يتصارع في صمت مع أسلوب الحكم، مع بناياته الصلبة، مع حكومة الظل، مع المحيط الملكي، مع بلاغات القصر، مع القرارات السيادية، مع واقع مغربي اختار الحزب أن يتعامل معه بقاعدة “الإصلاح في ظل الإستقرار”.
فما أصعب أن تتصارع في صمت ويطلب منك أن تحترم خصمك الذي لا يظهر منه إلا شبحه، وكلما أردت أن تحقق نقطا على لاعبيه في أرض الواقع، واجهك بضرورة احترام قاعدتك التي فرضتها على نفسك :”الإصلاح في ظل الاستقرار”.
لكن إصلاح ماذا؟ واستقرار مَن؟
كيف يمكن أن يتفق هؤلاء المصلحون فيما بينهم؛ ومع أتباعهم والمتعاطفين معهم على مؤشر يقيسون به الحد الأدنى من الشروط التي يجب توفرها موضوعيا حتى تكون هناك جدوى من العمل الإصلاحي من داخل الحكومة.
وهل يجب حماية مفهوم “الاستقرار” باستصنام مبالغ فيه؛ يجعل أي وقوف بقوة أمام الفساد والمفسدين مساسا بأمن البلاد، ومحاولة لإحداث الفوضى، وتهديدا لمصالح وحدتنا الترابية، وإضعافا لجبهتنا الداخلية في مواجهة العدو المتربص؟
إن “الاستقرار” في العمل السياسي شرط لممارسته؛ لكن استصنام مفهوم خاص للاستقرار قد يرادف الاذعان والخضوع؛ فتصبح منهجية “الإصلاح” منهجية تخدير تعمل على تأجيل الفوضى واللااستقرار، و تقوي الفساد وتجذّر عروق المفسدين في المشهد السياسي.
إننا لا نشك في كون هذه الحكومة التي ستتشكل هي حكومة “ممنوحة”، مثلها مثل الدستور الممنوح؛ تجعل كل حديث عن الديمقراطية والانتخابات هرطقة وسفسطة.
لذا على العدالة والتنمية أن يكون مستعدا للمحاسبة الشعبية عندما تنتهي ولايته في رئاسة هذه الحكومة الممنوحة الهجينة المستهجنة؛ والتي اختير لها الدكتور العثماني لما له من صفات أجْمَلَها أصدقاؤه من قِطَعِ اليسار المتلاشية في وصفهم له بالرئيس النصف علماني؛ والذي جاء بديلا عن بن كيران “الراديكالي المتطرف”.
ولئن كانت مرونة العثماني قد حلت أزمة البلوكاج الحكومي فإنها في واقع الأمر مجردُ نقلٍ للأزمة من العمل الحكومي إلى حزب العدالة والتنمية.
إننا لا نشك كذلك أن حزب العدالة والتنمية يعلم يقينا أن أي حزب يحترم نفسه ومناضليه والمتعاطفين معه لا ينظر إلى رئاسة الحكومة وتشكيله للأغلبية على أنها هدف في حد ذاته؛ بل يعتبر تجربته الحكومية محطة لتقوية الحزب ليكون أشد عودا وأكثر تماسكا في محطاته المقبلة في مسار الإصلاح؛ فيكون إذ ذاك القصد من العمل الحكومي لديه يتلخص في مكتسبات أهمها:
-اكتساب التجربة
-توسيع دائرة المنخرطين والأطر داخل الحزب
-توسيع قاعدة التعاطف الشعبي في المجتمع والتي تعتبر المخزون الفعلي الحقيقي للأصوات التي يحتاجها في كل المحطات الانتخابية والنضالية من اقتراعات ومسيرات ومظاهرات.
فهل هذه التجربة ستحقق للحزب هذه الأهداف؟؟
هذا هو التحدي أمام الحزب.
فليس الخطر على العدالة والتنمية في قبوله بالقرار السيادي القاضي بتشكيل الحكومة بالصورة الهجينة؛ لكن الخطر المدمر هو ألا تكون لديه خطوط نهاية لبداية لم يخترها؛ الخطر ألا يكون لهذه التنازلات قاع تنتهي عنده.
فإن كان الأمر كذلك، فسيصير قبول الحزب بتشكيل الحكومة بهذه الشروط في نظر الناس قبولا له معنى الخضوع والانبطاح، لا معنى المناورة والدهاء السياسي؛ إذ من الواضح البين أن من اتخذ القرار السيادي يعلم أنه قد حصر حزب العدالة والتنمية في خيارين اثنين: إما الانتحار السياسي وهو ما يمثله الامتثال لخيار تشكيل الحكومة دون شروط ولا ضمانات، وإما معارضة الملك وعدم القبول بالعمل معه، والتي تعني في أدبيات المخزن إعلان الحرب.
فتنازلات الحزب ومرونة العثماني؛ لاشك أن تكون لها آثار جانبية، تستوجب وضع خطة من طرف الأمانة العامة للحزب لاحتوائها، مع مراعاة ما تتطلبه مصداقية الحزب لدى الأتباع والمتعاطفين من صدق وصمود ومكاشفة، وذلك لإرجاع الثقة بالحزب وسياسته، وللحيلولة دون تصدعه وانشطاره؛ أو ضعف التعاطف معه لدى القاعدة الانتخابية.
حزب العدالة والتنمية يعلم يقينا أن القرارات السيادية لا تنتهي ولن تنتهي؛ ويعلم كذلك مسبقا أن حكومة الظل والحكومة المنتخبة يعملان في نفس الملعب وأغلب “وزرائهما” لهم وظائف مزدوجة في الحكومتين، فإذا كان هذا هو الوضع العادي وانضاف إليه أمثال أخنوش ولشگر وساجد؛ فحتما لن تكون مهمة البيحيديين سهلة؛ الأمر الذي يفرض وضع استراتيجية من طرف عقلاء الحزب لتدبير حكومة هجينة، تشمل على الخصوص وضع خطوط حمراء تحول دون المس بمبادئ الحزب وشعاراته التي أعلنها للمغاربة، وعلى رأسه محاربة الفساد.
ولعل ما سيصعب مهمة البيجيديين أكثر هو قبولهم بالسياسي المحنك مضطرب الأزرار ادريس لشكر وزيرا في حكومتهم؛ فلشگر أصبح لدى المغاربة أيقونة الوصولية والفساد الحزبي وذراع التحكم الذي خنق به هذا الأخير حنجرة بنكيران طيلة خمسة أشهر هي عمر البلوكاج؛ فضلا عن عبثه بأحكام الدِّين تصريحا وتلميحا؛ مضطرب الأزرار هذا لن يألو جهدا في الحيلولة دون انسجام الحكومة “العثمانية” ولو بالاقتصار على خوض المعارك الفكرية والإديولوجية التي ستزيد من إحراج العدالة والتنمية مع ناخبيه؛ وبالإضافة إلى لشگر مضطرب الأزرار هناك التمساح الكبير أخنوش الذي لن يتوانى في صب محروقاته على كل ملفات الإصلاح المشتعلة التي بدأها بنكيران.
ويبقى السؤال العريض الكبير المخيف المرعب لمحبي العدالة والتنمية هو:
إذا كانت حكومة بنكيران في أجواء ما بعد ثورة الياسمين رغم قوتها وجدّتها وجدّيتها وتأييد المغاربة لها لم تستطع أن تتحكم في الإعلام والاقتصاد، وإذا كان الدين والخارجية والداخلية ملكا خاصا للسيادة؛ فماذا عساها تعمل في بقية وزارات كلها أورام خبيثة وأمراض مزمنة وأغلبها سيكون موزعا على غرمائها الإديولوجيين ومعارضيها التقنوقراط المنتمين إلى حكومة الظل؟؟
ألا يبدو هذا شبه انتحار؟؟
هذا ما سنتابع ماجرياته في الولاية الثانية والتي نتوقع أن تكون فيها أكثر من نسخة حكومية؛ فالمؤشرات توحي بأن طبعتها الأولى ستكون مليئة بالأخطاء والسقط؛ لذلك ستحتاج إلى طبعات “مزيدة ومنقّحة”.
المهم نرجو ألا نخسر جميعا تجربة لا زلت الجماهير المغربية تعقد عليها آمالا كثيرة.
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
إن “الاستقرار” في العمل السياسي شرط لممارسته؛ لكن استصنام مفهوم خاص للاستقرار قد يرادف الاذعان والخضوع؛ فتصبح منهجية “الإصلاح” منهجية تخدير تعمل على تأجيل الفوضى واللااستقرار، و تقوي الفساد وتجذّر عروق المفسدين في المشهد السياسي.
الجماهير المغربية لم تعد تعقد اي امل في تجربة البيجيدي الفاشلة بل تاكد لنا انها كانت تدرك انها اداة لاخماد الربيع المغربي و بيع الوهم لهده الجماهير بامكانية الاصلاح
ستتم زيادة طفيفة للموظفين …. وسيتم كبح لدرجة الزيادات في المواد الغذائية الأساسية… وسيتم إعادة النظر في إصلاح نظام النقاعد … كل هذا في سبيل إسقاط الصورة البنكيرانية الإصلاحية لضرب شعبيته المتصاعدة وتحميله مسؤولية كل الأزمات السابقة واللاحقة وأزمة سد النهضة بمصر وفشل القمة العربية بالأردن وموجة البرد القارس بأورويا ووووو.. والله أعلم
سلمت يداك ، يبقى المستقبل كفيلا بأن يكشف لنا بعضا مما هو يحاك تحت الستار / اللهم اصلح أحوالنا
دخول pjd إلئ مستنقع (الحكومة) له سلبيات كثيرة ، شيء من العقل يحيل إلئ المعارضة ، لكي لا تمس مصداقة الحزب ، لا تنسوا ان الشعب هو سندكم في الاول و الآخر
كلمة الاسلاميين الي تلصق بحزب العدالة ة التنمية تصيبني بارتفاع في الضغط. هو حزب محافظ كالاستقلال
الشعب صوت لابن كيران وليس العثماني وعليه فواجب ممثلي الشعب اسقاط البرنامج الحكومي والدعوة لانتخابات .غير هذا فهو غير دستوري وغير شرعي فالشرعية اعطاها الشعب لابن كيران لأنه هو القادر الوحيد على مجابهة التحكم أما العثماني فقد باع الماتش من الاول ماذا سيقول بعد انتهى كلامه
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا//ويأتيك بالأخبار من لم تزود
حزب العدالة مكره مكره ويبدو انه اختار أخف الخيارات مرارة أخطبوط الفساد له أرجل لاصقة طويلة تمتد الى خارج الوطن