ماسك وزوجته الروبوت المصممة بالذكاء الاصطناعي وتسفل الإنسانية
هوية بريس – د.غفران حسايني
عندما قرأت الخبر المصاحب للصورة بأن أغنى رجل في العالم إيلون ماسك يعلن عن زوجته المستقبليه كتانيلا وهي أول روبوت صممت خصيصا بالذكاء الإصطناعي بشخصيه ومواصفات الأنثى التي يحلم بيها ماسك وهي غير موجوده في اي شخص طبيعي آخر على وجه الأرض..
ورغم أن الخبر قد يكون شائعة إلا أن تداوله وقبوله في عقولنا يؤكد أن هذا الخبر أو ما هو أغرب منه قد بات عندنا غير مستغرب بالنظر إلى ما نراه يوميا من أخبار عجيبة في عالم الإنسان المعاصر…
تدافعت في عقلي عشرات الأخبار والصور وازدحمت الأسئلة.. أخبار أصبحنا نراها كل يوم من أصقاع العالم المتقدم والحر مثل زواج إنسان من حيوان أو زواج إمرأة بحمار أو زواج رجل بغوريلا بعد قصة حب. أو ازدهار مصانع صينية في تصنيع الدمى حسب الطلب ليكن زوجات لطلبات بالآلاف حول العالم… تأتيك الدمية (الزوجة) في كرذونة بالتوصيل السريع عبر العالم أمام باب منزلك.
أخبار أخرى تتدافع في ذاكرتي عن عقد أول زواج بين ذكرين أو ببن إمرأتين أو خبر قيام عائلة من ذكريين بأول عملية تبني لطفلة من دار الأيتام لتعيش بينهما فيكون أحد الذكور أما والذكر الآخر يكون أبا ..والعالم منبهر ويصفق ويتغنى نشوانا بما بلغه من تطور علمي ومن تقدم إنساني منقطع النظير في كل العصور…
آخرها خبر إمكانية زواج أغنى رجل في العالم بروبوت مصممة خصيصا له بالذكاء الاصطناعي، فتنزل للصور أو تركب لرجل الأعمال مع الروبوت وتشتغل آلة الدعاية للتقدم البشري والإنساني، تقدم عظيم وغير مسبوق بلغه الإنسان تجعل رجلا يتزوج من شريكة حياته وتكون مطابقة تماما للمواصفات التي يريدها، لكن في الحقيقة أن هذه الزوجة التي أبهرت العالم وتداولها ملايين من البشر، رّكام مركب من القطع المعدنية وشبكة طويلة جدا من الأسلاك الكهربائية وبداخلها جهاز كمبيتور ذكي جدا يزرع الابتسامة والحزن في ملامحها الروبوتية.
أطرح السؤال هنا مقلقا جدا من الناحية الفلسفية: هل نحن بتطورنا العلمي غير المسبوق نتقدم فعلا ونتطور أم نتراجع ونسقط وننزل إلى درجة السفالة والحمق والغباء ونحن نحتفل بالتطور التقني والعلمي وننسى الإنسان فينا؟ ننسى المعنى والفكرة ونحتقر أشد الاحتقار ذواتنا البشرية…
هاهنا، أتذكر تحذيرين للإنسان من الغرب والشرق: التحذير الغربي من آنشتاين عندما نبّه أن العلم بلا إيمان ودين أعرج والإيمان والدين بلا علم أعمى.. كأنه ينبه إلى مرحلة الجنون وفقدان السيطرة على آلة التقنية والعلم عندما لا يكون للعلم رقيب فلسفي وأخلاقي (لا أقول دينا) يمنع الإنسان من هذه الحماقات لأن العلم في النهاية ليس متحررا بإطلاق كما يزعمون بل هو وحش تقني يشتغل تحت سلطة المال والطلب ويوجّه لخدمة أرباب السلطة والمال في العالم .
التحذير الثاني من عالم مسلم في الدين وهو الشيخ طاهر بن عاشور في تفسيره لقوله تعالى متحدثا عن الإنسان ” ثم رددناه أسفل سافلين” يقول في ما معناه أن الإنسان إذا انسلخ عن فطرته التي بعث الأنبياء لتقويمها بالدين ردّ إلى مرتبة السفالة ” وهي السقوط في القيمة والمعنى والفطرة الإنسانية …
أختم ازدحام هذه الأفكار في عقلي تفاعلا مع الصورة والخبر بأن الإنسان قد انكسرت حلقات قيمه وأخلاقه تدريجيا تحت أشكال مختلفة من القصف والتزييف وقد انحسر دور الفلسفة والأخلاق والدين ولم يبقى إلا الفلسفة الطبيعية التي تعتبر ذراعا تبريرية وصفية لما يقوم به العلم من فتوحات واكتشافات دون نقد أو توجيه أو مكابح لأنها الحمار القصير لموجة الالحاد في الأوساط العلمية المرموقة في العالم …
وها نحن نرى دروب الوحل والمستنقعات التي يتخبط فيها الإنسان حتى وصلنا إلى مرتبة جد مرموقة في التطور التقني والعلمي وهي أن يتزوج أغنى رجل في العالم بركام من المعدن والأسلاك إسمها الربوبت كتانيلا…
ربما قد يطلّقها غدا بعد اختلافات أسرية لم يجدا لها حلا…فترفع الروبوت قضية في المحاكم وتسلبه نصف ثروته بالقانون ..فتكتب الصحافة عنوانها الأكثر جذبا لهذا الحمق البشري المعاصر ” كتانيلا هي أغنى روبوت في العالم”.