ماهي الرحمة؟ ما هو الذي يطلبه المؤمن؟ وما الذي يريحه ويطمئنه؟
هوية بريس – تسنيم راجح
ماهي الرحمة؟ ما هو الذي يطلبه المؤمن؟ وما الذي يريحه ويطمئنه؟
{إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة}.
{فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته}.
سبحان الله، كلما قرأت ارتباط الكهف برحمة الله في السورة توقفت وتفكرت.
كيف يختلف الفهم والعمل مع الإيمان ويقينه، وكيف تتغير رؤية كل الوجود عندما يقترب المرء من ربه ويفهم نفسه ووجوده وغايته في هذا الكون..
يغدو الكهف رحمة، يغدو الضيق سعة، لا تهم كل الغبار والأحجار واحتمال البرد أو الحر أو العناكب أو العقارب أو البعد عن الأهل أو تعب الجسد أو غياب الفراش الوثير أو أو.. لا يهم شيء لأنها رحمة فعلاً حين سيمكنهم عبادة ربهم بحرية، وسيستطيعون المحافظة على أغلى ما يملكون و سيمكنهم العمل بمقتضى ما علموه من وحدانية الله، وسيهربون بدينهم من الكفار ولن يُفتنوا بعدها..
وإن كانت ديار الكفر أريح وموافقتهم أسهل..
قد يبدو الكلام نظرياً، لكنك تراه ذاته حين طلب يوسف السجن وقال أنه “أحبّ إليه”! وتراه أسلم مصعب بن عمير فحرم العطور والثياب الناعمة والأموال وهرب من بيت أمه إلى المدينة حيث عاش في سبيل الله مطمئناً حتى مات شهيداً بلا كفن يكفي لكل جسده!
وهي المعاني التي تلمسها اليوم في شبابٍ يرفضون الاستسلام أو استعطاف اعدائهم وذيول أعدائهم وإن بدوا جائعين أو محتاجين أو في بردٍ أو حاجة..
فالإيمان يجعل الكهف رحمة والحصار سعة والفقر غنىً طالما أنه في سبيل الله ورضاً بابتلائه وطلباً لرضاه وتحرراً مما يبعد عنه..
ولأن المؤمن قوي لا ينكسر بالدنيا اخذها أم فقدها..
فانظر لنفسك أنت وقوتها وفهمها لما عندها وتعلقها به وقدرتها على تركه أو ترتيب أولوياتها به ومعه وعيشها له أو به..
انظر لنفسك وما الذي تطلبه وفي سبيل ماذا، حين يشتري أحدهم بيتاً بالربا فما الذي باعه مقابل ماذا، حين تبدي الفتاة مفاتنها وتخرج متبرجة في سبيل أن يقال جميلة أو لا يُستَغرب منها، حين يندمج مع رفاقه في إطلاق البصر أو وصف الفتيات، حين تدخل مع صديقاتها في الغيبة..
انظر لتفسك وقيّمها، وانظر قوتها وضعفها أمام اختباراتها وما تريده، فهذا دورك أيضاً لتتأمل وتتعلم وتعمل وتطلب رحمة ربك بحسب مكانك واختبارك..