بين سماح فرنسا لعشرات “المهرجانات الموسيقية” وفتح “دور العبادة”
هوية بريس – د.البشير عصام
في فرنسا التي قتل الوباء فيها قريبا من ثلاثين ألف شخص، سمحت وزارة الثقافة قبل أيام بما يسمونه “حفل الموسيقى fête de la musique”، وهو عبارة عن عشرات المهرجانات الموسيقية المتزامنة في كل مكان تقريبا.
أدهشني هنا أمران:
أولهما: أن الشعب الفرنسي خرج لهذه المهرجانات بكثافة، غير ملتزم -في الغالب- بإجراءات التباعد وارتداء “الكمامات”، على الرغم من دعوات وزارة الثقافة.
وفي هذا -وفي غيره مما وقع في دول غربية أخرى- رسالة لمن يصرخ في وجوه المغاربة عموما، أو عاملات المصانع خصوصا، ويتهم الجميع بقلة الوعي، لأنهم خرجوا ليسترزقوا.. لا ليرقصوا!
والثاني: خروج كثير من المفكرين والإعلاميين والسياسيين، ليدافعوا عن تنظيم “حفل الموسيقى”، مستدعين “الفوائد النفسية” للموسيقى في محاربة آثار الحجر الصحي الطويل!
وذكرني هذا الثاني بأمرين:
أولهما: نقاشات وقعت بفرنسا أيضا في شهر ماي الماضي، في موضوع فتح “دور العبادة lieux de culte”، وكان المدافعون عن فتحها -من المسيحيين المحافظين- يستدلون بأمرين:
أولها: حرية العبادة التي على الدولة العلمانية احترامها؛
والثاني: الفائدة النفسية العظيمة لدور العبادة، والتي يكون لها أثر نافع على المجتمع والاقتصاد. ويستنكر هؤلاء الرؤية المادية الضيقة، السائدة عند السياسيين، والتي لا يرون بسببها إلا ما تقرره المؤشرات والأرقام الاقتصادية!
والثاني: أن لكل قوم أدويته النفسية، فمن الناس من يستشفي بالاجتماع مع أصحابه على الرقص والغناء، ومنهم من يجد راحته النفسية في الاستماع للقرآن ودروس العلم، أو في ارتقاب الصلاة بالمساجد لأن قلبه معلق بها، أو في الطواف بالكعبة أو مجرد النظر إليها، أو غير ذلك.
ويحضرني هنا ما نقله ابن القيم عن شيخه ابن تيمية رحمه الله، قال: (ابتدأني مرضٌ فقال لي الطبيب: إن مطالعتك وكلامَك في العلم يزيد المرض. فقلتُ له: لا أصبر على ذلك! وأنا أحاكمك إلى علمك، أليست النفس إذا فرحت وسُرَّت قويت الطبيعة، فدفَعت المرض؟ فقال: بلى. فقلتُ له: فإن نفسي تُسَر بالعلم، فتقوى به الطبيعة، فأجد راحة. فقال: هذا خارج عن علاجنا! أو كما قال).
يعجبني في هذا المقام أن الطبيب الفرنسي المشهور ديديي غاوولت (Didier Raoult) حين سئل في برنامج تلفزي قبل أيام عن فائدة الحجر الصحي، وهل ساهم في إنقاذ حياة جمع من الفرنسيين أم لا، أجاب بما معناه: “الحجر الصحي قرار سياسي، تدخل فيه اعتبارات متعددة، الرأي الطبي واحد منها فقط”.
تأمل هذا جيدا، وطبقه بذكاء على ما تراه وتسمعه..
راحة النفس في رضى الله وعذابها وعقابها في سخطه وخروج عن طاعته.
* إذا عرف السبب بطل العجب .
* في هذا المجال ، لا يمكن المقارنة بين الدول ، لأن ليس لها منطلق واحد .
فكل دولة تعاملت مع الوباء بشكل خاص . و من يضمن لنا ـ ونحن في هذه
المرحلة ـ أننا لو إتبعنا دولة ما سنصل إلى نفس النتائج ، و إن فعلنا ربما
سيقع لنا مثل الغراب الذي أضاع مشيته بتقليد الحمامة .
* هذه الجائحة أتت على الجميع دون إستثناء ، و لا سبيل لإقحام الدين .
* إن حُرِمنا من المساجد فالمنازل تعوضها ، أما إغلاق المتاجر و الصانع ،
بماذا سنعوضه ؟
بارك الله فيكم.
جزاك الله خيرا.
سبحان الله، هذا الأمر قد انكشف بعد بداية هذا الوباء المزعوم بزمن يسير، فسخرت الدول الإعلام لتشكيل الرأي العام للناس مراهنة على غفلة كثير من الناس الذين يستقون معلومتهم منه دون تحليل أو تمحيص ويصدقون أن إجراءات الحجر الصحي بريئة، على أن من رزقه الله بصيرة يظهر له تخبط السياسات المتخذة وتناقضها مما يظهر أن القضية “فيها إن”.
نسأل الله تعالى أن يهيء لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعته ويعافى فيه أهل معصيته ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر,
بارك الله فيك شيخنا ومعلمنا الجليل .